تركيبة عظام أحفورية عمرها 37 ألف عام

كشفت دراسة حديثة أنَّ الإنسان القديم، الذي كان يعيش في القارة الأوروبية، قد نجى من العصر الجليدي الأخير، الذي أحدث تغييرًا كبيرًا في المناخ، وغطى أجزاءً واسعة من القارة بطبقة سميكة من الجليد. وعكف علماء على تحليل التركيبة الجينية لعظام أحفورية لرجل عاش منذ 37 ألف عام في المنطقة التي تعرف الآن بـ"غرب روسيا"، وتوصلوا إلى أنّ حمضه النووي مماثل للحمض النووي للأوروبين في العصر الحديث، مؤكّدين أنّهم ينتمون لتاريخ أطول وأعرق مما هو معروف.

وعُثر على عظم الساق الإحفوري في موقع العصر الحجري قرب قرية كوستينكي، في نهر الـ"دون"، وأظهرت عمليات الاستخلاص وما تبعها من فحص للحمض النووي أن هذا هو ثان أقدم جينات مكتملة للبشر الحديث تشريحيًا، أي الإنسان العاقل.

أكّد الباحثون، في الدراسة التي نشرت في صحيفة العلوم، أنّ "هناك أناسًا عاشوا في القارة الأوروبية، كثيرًا أو قليلاً، أثناء التغيّر المناخي القاسي الذي شهدته القارة آن ذاك".

وأوضحت الدكتور مارتا ميرازون لاهار، من جامعة "كامبريدج"، وأحد باحثي الدراسة، أنّ "موجة جليدية جاءت منذ 30 ألف عام، وغطت ثلثي القارة الأوروبية، فاندثرت ثقافات قديمة، وظهرت أخرى جديدة، على مدار آلاف السنين، حيث جاء الصيادون ورحلوا"، مشيرة إلى أنه "نحن الآن نعرف أنه لا توجد جينات جديدة، فهذه التغييرات في النجاة والمجموعة الثقافية متراكبة بالخلفية البيولوجية نفسها".

وأشار الباحثون إلى أنّه "نتج عن صيد الحيوانات وجني الفواكه البرية والحبات في النهاية ظهور ثقافة الرعي والزراعة، التي انتقلت من الشرق الأوسط إلى أوروبا، منذ قرابة 8 آلاف عام، فتغيرت حينها تركيبة السكان الأوروبيين تغيرًا كبيرًا".

وأبرز الباحثون أنَّ "هناك تشابهًا كبيرًا بين الحمض النووي للإنسان الذي وجد في قرية كوستنكي مع الطفل الذي يعود إلى نحو 24 ألف عام مضت، والذي عثر عليه في سيبيريا الوسطى، ومع الصيادين الأوروبين في الحقبة الميزوليتية، أي قرابة 10 آلاف عام، ومع أناس يعيشون الآن في سيبيريا، وأجزاء أخرى من القارة الأوروبية".