الطالبة فاطمة روشان

لم تصدِّق الطالبة فاطمة روشان راي نفسها عندما ارسلت لها جامعة "شيفيلد" رسالة الكترونية لتعرض عليها فرصة اخرى قبل شهر من ظهور نتائج امتحانات الشهادة الثانوية. جاءت فاطمة إلى لندن من إيران وحدها منذ ثلاث سنوات عندما كانت تبلغ من العمر 18 عاماً من أجل طلب اللجوء. عندما خاطبتها جامعة شيفيلد كان لدى راي بالفعل عرضاً غير مشروط لدراسة العلوم الطبية الحيوية في كلية "كينغز" في لندن، ولكن كان حلمها دائماً هو دراسة طب الأسنان.
وقالت راي: "رفضت جامعة شيفيلد أن ادرس لديها طب الأسنان في البداية، ولكن قبل شهر واحد من ظهور النتائج قاموا بالتواصل معي واخبروني بانه يمكنني أن ادرس في الجامعة. أنا سعيدة جداً لأنني حصلت على مكان في الجامعة".

تبدو فكرة قيام جامعة تابعة لمجموعة "راسل" مثل شيفيلد بالتواصل مع الطلاب من أجل الدراسة فيها غير منطقية، ولكن تقول شخصيات بارزة في قطاع التعليم أن هذا الامر أصبح شائعاً للغاية حيث أن العديد من جامعات مجموعة "راسل" ترغب في التوسع. واشارت أحدث تقديرات خدمة قبول الجامعات والكليات "يوكاس" إلى أن هناك انخفاضاً في عدد الطلاب الذين حصلوا على مستوى "ABB" أو أعلى هذا العام عن العام السابق. ونتيجة لذلك، يبدو أن هناك طلابًا كثيرين ممن تراجعت نتائجهم درجة أو اثنتين لا يزالون قادرين على تحقيق خيارهم الأول بدخول جامعة كبرى.

وقال متحدث باسم مجموعة "راسل" أن جامعاتهم لا تقوم بتخفيض المعايير أو المساومة على الجودة، مؤكداً انه يتم اختيار الطلاب الذين يمكنهم التعامل مع دراستهم. ولكن تعترف الجامعات سراً بهذه التنازلات التي أصبحت شائعة، حيث اظهرت بيانات "يوكاس" أن نسبة المتقدمين الحاصلين على درجات  "BBB" أو ما يعادلها في المستوى ويتم قبولهم في الجامعات الكبرى قد وصلت من 17٪ في عام 2011 إلى 39٪ في عام 2015.

وقال رئيس القبول في جامعة "شيفيلد هالام"، فيليب بلور: إن "معظم المؤسسات قامت بتغيير بعض القرارات السابقة المتعلقة بالقبول. على سبيل المثال، إذا كان لديك دراسة تعتمد على الرياضيات فكان يجب حصول الطالب على درجة BBB"" من أجل دراستها، ولكن الآن قد تستقبل الجامعة الطالب الحاصل على  مستوى "BCC" والتي تكون درجة "B" فيها قد حصل عليها الطالب في مادة الرياضيات.

وتعطَّل سوق القبول في الجامعات بسبب عدد من العوامل، من بينها انخفاض اعداد السكان الذين يصل أعمارهم إلى 18 عاماً. وكان يتم في السابق موازنة هذا الانخفاض في عدد السكان، والتي بدأ في عام 2009، من خلال ازدياد عدد الطلاب الراغبين في الالتحاق بالجامعة، ولكن الآن على ما يبدو أن هذا النمو قد انخفض بنسبة كبيرة. واظهر احدث الاحصاءات الصادرة عن "يوكاس" أن عدد الطلاب الذين التحقوا بالجامعات في بريطانيا هذا العام ارتفعت بنسبة 1٪ فقط عن العام الماضي.

وقالت الرئيسة التنفيذية ليوكاس، ماري كيرنوك كوك: إن "الطلاب المحتمل دخولهم الى الجامعات هم في موقف أقوى الآن مما كانوا عليه قبل خمس أو ست سنوات. الطلاب الجيدون يتم اغراؤهم بالعروض بمجرد ارسالهم طلبات التقدم".

وكانت يوكاس قد حذرت المدارس وأولياء الأمور قبل بضع سنوات، من أن الآلاف من الطلاب  يرتكبون خطأ بسبب اتخاذهم خيارًا احتياطيًا يطلب نفس الدرجات العالية لخيارهم الاساسي، وهذا ما قد يجعلهم يفقدون فرصة دخول اي جامعة اذا لم يستطيعوا الحصول على الدرجات اللازمة. ولكن كوك تشجع الآن الطلاب المحتمل دخولهم إلى الجامعة بالحصول على خيار احتياطي ذات درجات عالية الى جانب خيارهم الاساسي.

واشار مدير معهد سياسات التعليم العالي، نيك هيلمان الى أن سرعة تغيير يوكاس  لموقفها هو أمر لافت للنظر، حيث قال: إنه "قبل سنتين أو ثلاث سنوات قالت يوكاس عكس ما تقوله الآن. تحث يوكاس المتقدمين الآن على أن يكونوا طموحين وأن يحاولوا الوصول إلى أماكن كانت تبدو صعبة المنال في الماضي".

وعلى الرغم من أن الطلاب قد يستطيعون الآن تأمين مكان لهم في الجامعات بسهولة، تشير كوك الى أن كل ما يحدث بعد ذلك متروك لهم. وقالت كوك: "أنا أكره المواضيع التي تتساءل باستمرار عن ما إذا كان الذهاب إلى الجامعة مهماً ام لا، والحقيقة هي أن الجامعة مهمة لكل الطلاب الذين يختارون أن يجعلوها مهمة. النجاح في الحياة العامة وفي الحياة المهنية يتطلب العمل الجاد والتصميم. والحصول على شهادة جامعية يعد امراً مهماً ولكنه لن يضمن لك النجاح".