المدارس في قطاع غزة

رفضت حركة فتح على لسان المتحدث بإسمها أسامه القواسمي ما أسماه "سياسة صكوك الغفران" التي تفرضها حماس على أطفال المدارس في قطاع غزة، معتبرًا أن ما شاهده شعبنا الفلسطيني من ممارسات لما يسمون أنفسهم رجال الدعوة التابعين إلى حركة حماس هو بمثابة إعادة وإستنساخ للعصور الظلامية التي كان فيها رجل الدين يمنح صكوك الغفران دجلًا وكذبًا واستغلالًا رخيصًا للدين و للإنسانية, وأوضح القواسمي في تصريح صحفي الخميس أن هذا السلوك كان صادمًا للكل الفلسطيني، وأن ديننا دين علم وترغيب ومودة ورحمة, وقيم وأخلاق وإحترام للعقل البشري وللإنسانية، وليس دين إستغلال و إستعباد وشطب للعقول، وإستغلال للأطفال في آتون الحزبية السياسية المقيتة, وطالب كل الأحرار في القطاع الوقوف بحزم أمام هذه الممارسات التي تسيئ لديننا الحنيف ولقيمنا ومبادئنا التي تعلمناها وتربينا عليها.

وإنتشر فيديو في إحدى مدارس قطاع غزة أمس الأربعاء على مواقع التواصل الاجتماعي حول حملة دعوية تنفذها حركة حماس "تهدي العشرات من الطلاب وتعلن توبتهم" حسب قول المنظمين للحملة, وتداول عدد كبير من نشطاء التواصل الاجتماعي في قطاع غزة فيديو "التوبة" الذي يتضمن مشاهد من بكاء طلاب مدرسة النيل بمدينة غزة بعد اعلان "توبتهم" على يد مجموعة سفينة النجاة الدعوية التابعة للإدارة العامة للوعظ والارشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي تديرها حركة حماس في غزة.

ووجه الدعاة خطبتهم الدينية نحو الطلاب الذين لم تتجاوز اعمارهم الأربعة عشر عامًا، كما دعوهم للتوبة الى الله وطرد الشيطان من العقول والقلوب، ما حرك مشاعر بعض الطلاب فتوجهوا للخطيب، عانقوه وأعلنوا التوبة كما دعاهم.

وحركت كلمات الداعية المؤثرة مشاعر الطلاب، تحركت مشاعر الالاف من نشطاء التواصل الاجتماعي بين منتقد للطريقة والاداء، ومستهجن لما يمكن أن يكون قد اقترفه هؤلاء "الاطفال" حتى يستدعي ذلك توجه هذا الوفد الدعوي للمدرسة وطلب التوبة، في ظل ما تعانيه الامة من مشكلات أكبر بكثير من ذنب قد يقع فيه هؤلاء، بحسب تعبير النشطاء.

وقال الصحفي محمد عثمان مستهجنًا:" هل هكذا تكون التربية؟؟ أكيد الاطفال يتوبون بسبب إضاعة مصروفهم على البسكويت والحلو, لكن الحق لا يقع على  الجماعات, إنما يقع على من يقبل دخولهم لمدارس الاطفال".

ويوافقه الرأي الصحفي يوسف أبو كويك الذي علق  قائلا:" ما شاء الله, الإسلام دخل المدارس, وطلابنا الكفرة أسلمو, الحمد لله, معقول هيك الدعوة ؟؟ وشو ولد بلغ الحلم امبارح تقولي عودة وإنابة وتوبة, وال وال".

وتساءل الصحفي محمود أبو سيدو "هما الأطفال أو الكبار عاشوا أو شافوا الدنيا عشان يبكوا بهالطريقة ؟"، خاتما تعليقه بهاشتاغ "‫#‏التعليم_إلى_أين". اما الصحفي باسل خير الدين فلم يختلف كثيراً عن آراء زملائه وقال ساخرا:" ابني اسلام اعلن التوبة امام الله و عاد إلى رشده واهتدى للإيمان قبل بلوغه العامين, وطلب مني اشتريله جلابية و فزبة".

وأعرب المواطن عبدالله السعافين عن غضبه، مغردا على صفحته : "الذين يقتحمون مدارس أطفالنا في ثياب وعاظ، في غزة، ويملئون الجو صراخاً بضرورة التوبة وطرد الشيطان، الأولى أن يتوبوا عما يقترفونه بحق براءة أطفالنا وسويتهم وتربيتهم، إسماعيل رضوان وإسماعيل هنية يجب أن يتدخلا لوقف هذا العته الفكري والديني والسلوكي".

وإعتبر المحلل السياسي ثابت العمور, ما فعله الدعاة في الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم بانه مدخل من مداخل تفريخ "الدواعش" دون ضابط، مشيرا إلى أن الخطاب الديني الفلسطيني بكل مكوناته خطاب توقف عند حدود زمنية معينة منتصف السبعينات ولم يحدّث ولم يواكب التطورات الحاصلة. 

ورأى العمور أن هناك حالة انفصام بين الخطاب الديني الفلسطيني وبين الواقع، موضحا: "اقصد هنا الجماعات الدينية غير السياسية كجماعة الدعوة وجماعة دار الكتاب والسنة، أما الجماعات الاسلامية السياسية فخطابها تبريري دعائي معشق ببعض المصطلحات والمرجعيات السلفية ولا نعيب السلف هنا ولكن تقزيم الخطاب والانتقاء فيه ومنه ما يعاب".

ولفت العمور إلى أن الموضوع معقد وسيكون له تبعات غاية في الأهمية خاصة بعد حالة الافتراق الحاصلة الان بين الفكر والممارسة في مسيرة وتحولات الحركة الاسلامية الفلسطينية، بحسب تعبيره.

ويأتي هذا الفيديو متزامنا مع قلق بعض المواطنين في قطاع غزة من انتشار الفكر الديني المتشدد في القطاع، وذلك بعد مشاركة العشرات من ابناء القطاع في صفوف "داعش" خارج الاراضي الفلسطينية.