القاهرة- مينا جرجس
طردت السلطات المصرية مراسلة صحيفة "التايمز" البريطانية في القاهرة، بيل ترو، بعد توقيفها لسبع ساعات وتخييرها بين مغادرة مصر أو مواجهة محاكمة عسكرية، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن السلطات المصرية ألقت القبض على ترو أثناء مهمة عمل في حي شبرا بالقاهرة في العشرين من فبراير/شباط الماضي، واستجوبتها السلطات في أحد أقسام الشرطة وأجبرتها على مغادرة البلاد في أول رحلة متجهة إلى لندن.
وكشفت ترو في مقال كتبته لصحيفتها اليوم عن ملابسات توقيفها وترحيلها لأنها كانت تأمل في أن تنجح مفاوضات الصحيفة مع السلطات المصرية لإعادتها إلى عملها في العاصمة المصرية، والذي بدأته قبل سبع سنوات.
وقالت ترو إنها لا تعرف طبيعة الاتهامات الموجهة إليها، ولم تفلح مساع السفارة البريطانية في القاهرة في إثناء السلطات المصرية عن قرارها، وأوضحت ترو في مقالها بعنوان " أنا أعشق مصر ولكن لا أستطيع العودة ولا أحد يستطيع أن يقول لماذا"، حقيقة ما حدث لها، قائلة: إن سيارة الأجرة قد انسحبت للتو من المقهى الواقع في وسط القاهرة عندما انحرفت علينا حافلة صغيرة من رجال الشرطة يرتدون ملابس مدنية. قفز خمسة رجال وأخذوني إلى مركز شرطة قريب.
وأضافت، أن مصر تشك في المراسلين الأجانب وغير متسامحة مع الأخبار السلبية، حيث اعتاد الصحفيون على التفريق لحماية أنفسهم، واستطردت: مع انتخابات رئاسية متقلبة وعملية مكافحة الإرهاب الجارية في سيناء ودلتا النيل، كانت قوات الأمن في حالة تأهب والبلد على الحافة، مضيفة: ومع ذلك، كإجراء وقائي، أرسلت للزملاء اسم مركز الشرطة الذي تم احتجازي به.
وكشفت أن المهمة الصحافية التي كانت تعمل عليها في المقهى الذي تم توقيفها به كانت مقابلة مع رجل مفلس غرق ابن أخيه وهو مهاجر في سن المراهقة، أثناء محاولته الوصول إلى إيطاليا، بينما كان على متن قارب مهاجر اختفى منذ عامين لعدة أشهر، قائلة: كنت أحاول تجميع قصته، ولكن يبدو أن عملي لم يكن مرغوب فيه.
وواصلت ترو: لكن داخل مركز الشرطة كانت الأسئلة تأخذ منعطفاً مشؤوماً. على ما يبدو، أبلغ أحد المخبرين في المقهى الشرطة بأنني كنت أناقش تدخّل الدولة المصرية في غرق قارب مهاجر قبالة ساحل روزيتا في عام 2016 - وهو قارب مختلف تماماً عن ذلك الذي كنا نناقشه.
وأضافت مراسلة التايم: "وبحلول الوقت الذي وصلت فيه الكلمة إلى وزارة الداخلية، شملت إشاعة بأنني كنت أتحرى الاختفاء القسري للمعارضين. كان هذا موضوعًا مثيرًا للجدل في مصر منذ مقتل جوليو ريجيني، أحد طلاب كامبريدج من إيطاليا بالقاهرة. اتهم المسؤولون الإيطاليون الشرطة المصرية باختطافه وتعذيبه حتى الموت أثناء بحثه في شهادة الدكتوراه، وتنفي مصر ذلك وجميع الاتهامات بالاختفاء القسري."
وقالت: "لحسن الحظ، لقد سجلت جميع تبادلات الحديث في المقهى: الحكومة، الدولة، الجيش، الانتخابات - لم يتم ذكر أي منها.. كان لي الصوت لإثبات ذلك. وللأسف صادرت الشرطة ذلك، فهذا لم يقدم أي مساعدة فورية..و بعد سبع ساعات من الاحتجاز لقد هُددت بمحاكمات عسكرية، وهي عملية قانونية غالباً ما تُستخدم ضد المشتبه في أنهم إرهابيون أو منشقون. وغالباً ما يُمنح المتهمون أحكاماً طويلة أو حتى عقوبة الإعدام بعد محاكمات قصيرة مع عدم وجود تمثيل قانوني.
وأوضحت ترو، أنه تم رفض محاولاتها الوصول إلى محامٍ أو سفارة دولتها، قائلة: التقيت فقط بمسؤول قنصلي بريطاني في وقت لاحق، في المطار، وهناك علمت أن مسؤولاً آخر حاول العثور عليّ وتم إخباره بأنه قد تم نقلي من مركز الشرطة عندما كنت مازلت في الطابق العلوي به.
وواصلت: "لم يتم الكشف عن الاتهامات لي.. في حوالي الساعة السادسة مساءً، أخبرتني الشرطة بأن سفارتي أرادت إبعادي، الأمر الذي لم يكن له أي معنى قانوني، وتم وضعي في سيارة شرطة دون معرفة ما إذا كان أي شخص يعرف أين كنت، أو إذا كنت ذاهبا إلى المطار أو في مكان ما أكثر شرا.. سخر الضباط مني لكوني خائفة وبدأ في تصويري على هاتف محمول."
وأكدت ترو، أنها لم تتعرض للضرر الجسدي، ولكن من المعروف أن الموقوفين في هذه الظروف معرضون لخطر الأذى. بعد أقل من 24 ساعة من احتجازي للمرة الأولى، كنت أذهب إلى طائرة دون أن أجد شيئاً سوى الملابس التي كنت أقف فيها. وكان الخيار أمامي - البقاء في محاكمة عسكرية أو إجازة - خياراً غير مناسب.
وأشارت مراسلة التايم، إلى أنه تم التخلص من سوء الفهم الواضح بسهولة. فقد كنت صحافية معتمدة بتأشيرة عمل سارية المفعول. كنت موجودة في مصر منذ سنوات ولم تكن هناك مشكلة من قبل. سعى التايمز وأنا لشرح للسلطات خطأهم. كانت هناك علامات مشجعة، حيث تم الاتصال بي ليتم إخباري بأنه قد تم اعتمادي لتغطية الانتخابات.
وقالت: "لقد أوضح هذا الأسبوع أنه فيما يتعلق بسلطات القاهرة، فإنني على قائمة "أشخاص غير مرغوب فيهم"، وإذا حاولت العودة، فسوف يعاد اعتقالي. لا أستطيع العودة إلى منزلي منذ سبع سنوات. لا أحد يستطيع أن يفسر لماذا.
وحاولت "مصر اليوم"، الحصول على تعقيب من ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إلا أنه لم يتسن الرد من جانبه، ويأتي هذا في ظل تسهيلات تقدمها مصر للمراسلين الأجانب في الفترة الأخيرة بالتعاون مع الهيئة العامة للاستعلامات، حيث شكلت الهيئة العامة للاستعلامات، غرفة عمليات عالمية بنادى المراسلين بشارع طلعت حرب، لتقديم كافة التسهيلات الإعلامية للصحفيين الأجانب المقيمين والزائرين لتغطية الانتخابات الرئاسية.
ويبلغ عدد هؤلاء المراسلين 680 مراسلاً، منهم 540 مقيماً و140 زائراً، تم اعتمادهم من الهيئة الوطنية للانتخابات لمتابعة سير العملية الانتخابية من داخل اللجان وخارجها، وقالت الهيئة العامة للاستعلامات، إن الغرفة ستختص بحل كافة المشاكل التى قد تواجه المراسلين والصحافيين الأجانب بالتنسيق مع الهيئة الوطنية للانتخابات وكل الجهات المعنية الأخرى علي مدار الأيام الثلاثة للانتخابات 26، 27، 28 مارس الجارى، من خلال خط ساخن رقم 16149 لتلقي شكاوى المراسلين، فضلاً عن 20 خط تليفون مباشر يقوم من خلالها العاملون بالمركز الصحافي للمراسلين الأجانب بمتابعة العمل الميداني لهؤلاء المراسلين للتأكد من تسهيل كافة العقبات التي قد تواجههم.