ندوة حوارية بعنوان "المسؤولية الاجتماعية للصحافي الفلسطيني"

أوصى صحافيون ومختصون في ندوة حوارية نظمها المكتب الإعلامي الحكومي، الاثنين، على ضرورة تحديث قوانين ناظمة للعمل الصحافي ووضع حد للمشكلات الصحافية بالرجوع لطبيعة المجتمع والعمل الصحفي وتطويره، وتفعيل دور نقابة الصحافيين، كما أوصوا أيضًا، بالمسؤولية الاجتماعية التي تعتبر واجب مع جميع الألوان الصحافية رغم استثنائه الوضع الفلسطيني وحساسيته، على اعتبار أن الصحافة كل لا يتجزأ، وتحدث المجتمعون عن ضرورة عدم قصر الصحافة الاستقصائية على جوانب الفساد فقط وانما شمولها لجوانب تنموية بما لا يتناقض مع المسؤولية الاجتماعية مع عدم اغفال أهمية الشواهد والبراهين وإمكانية الوصول للمعلومة.

وطالبوا باستحداث قسم خاص بمتابعة المسؤولية الاجتماعية داخل المؤسسات الإعلامية وتفعيل مفهوم المسؤولية الاجتماعية بدأ من الجامعات لطلبة الاعلام، وذلك لتغير ثقافة المجتمع الاجتماعية والدينية والأخلاقية والأسرية، وأكدوا على عدم الخلط بين الحرية وبين المسؤولية الاجتماعية وعدم استخدامها بشكل لا مسؤول مما قد يؤثر سلبا على الواقع الفلسطيني وتضيق الحصانة لأبعد حد حتى يتساوى الجميع في المسؤولية وفي المحاسبة، وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قد نظم اليوم الاثنين، ندوة حوارية تحت عنوان "المسؤولية الاجتماعية للصحافي الفلسطيني"، بالتعاون مع منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بمشاركة عدد من الصحافيين العاملين في المؤسسات المحلية والدولية في القطاع،
وشملت الندوة الحوارية، المحددات حول الصحافة الاستقصائية الفلسطينية نظرة واقعية وقدمها الصحفي وسام عفيفة، وعرض الدكتور حسن أبو حشيش الضوابط العملية للتحقيق الاستقصائي، فيما شرح الصحافي إبراهيم المدهون المسؤولية الاجتماعية لنشطاء الإعلام الجديد، كما شرح  الصحافي عادل الزعنون المسؤولية الاجتماعية خلال العمل الصحافي الميداني، وأخيرًا في الجانب القانوني قدم الأستاذ محمد مراد عرضًا عن العمل الصحافي في فلسطين.

وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف،"إن الصحافي الفلسطيني يجيش كل طاقته لإظهار الحقيقة للعالم"، مشيرًا إلى أن وزارته آثرت أن تكون فعاليات "يوم الوفاء للصحافي الفلسطيني" مغايرة، في ظل التحديات التي تعصف بالواقع الفلسطيني، وأضاف معروف، خلال كلمة له أن هذه الفعالية تأتي في إطار الوفاء من قبل وزارة الإعلام للصحافي الفلسطيني الذي يقف على ثغر مهم لحماية شعبه ومظلومية قضيته من خلال قلمه وكاميرته والرسالة السامية التي يؤديها على مدار الساعة بلا توقف".

وحيا، الصحافيين المشاركين في اليوم الدراسي على استجابتهم لمثل هذه الفعاليات التي تأتي في إطار الوفاء لهم، متابعًا: "اليوم هو يوم الوفاء لهذا الصحافي الذي يقدم كل ما يملك من أجل الحقيقة، وما نقدمه نحن له هو أقل القليل في سبيل الوفاء له"، من جهته، قال عماد الافرنجي رئيس مجلس إدارة منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، إن الصحافي الفلسطيني كما المعتاد هو من يتحدث عن الآخرين؛ ولكن مثل هذه الفعاليات تأتي للتحدث عن الصحفي، مشيراً إلى أن اللواء الذي يحمله من أعظم الألوية.

وأضاف الأفرنجي، خلال كلمته بالندوة، :"وسائل الإعلام والصحافيين سيواجهون خلال مشوارهم الإعلامي العديد من التحديات وهم من سيصوبون المسار، مضيفاً أن الإعلام مهنية ومسؤولية"، وانتقد الافرنجي، بعض الصحافيين الذين يسلطون الضوء على السلبيات المجتمعية دون التطرق إلى الكثير من الإيجابيات؛ وهذا عيب، مشيدًا بالدور الذي يقوم به المكتب الإعلامي خدمة للصحافي الفلسطيني، وأثنى على صاحب فكرة تخصيص يوم للصحافي.

وخلال الجلسة الأولى، تحدث وسام عفيفة المدير العام لمؤسسة الرسالة، حول محددات الصحافة الاستقصائية الفلسطينية نظرة واقعية، قائلاً: " إن أي محاولات للفصل بين الصحافي والمجتمع سيحدث شرخاً كبيراً، معرفاً المسؤولية الاجتماعية بواجب الصحافي التجاه مجتمعه"، وأضاف عفيفة، أن هناك اختلاف في تعريف المسؤولية الاجتماعية من شمولية سلطوية وأخرى تعددية تحكم العمل الصحافي في الدول الاخرى، مستدركًا "يجب أن نخلط بين الاثنين في العمل الصحافي الفلسطيني.

وأشار إلى أنه وفي ظل حالة النزاع السائدة في فلسطين وتعدد المصادر من الصعب ضبط عمل الصحافي، موضحًا أن هناك عناصر إفساد لمهنة الصحافة في ظل دخول بعض الأطراف الداخلية على المهنة، وأكد أن العمل الصحافي الفلسطيني يجب أن يحكم بثلاث ضوابط أهمها التصدي للحرب النفسية ومن ثم تعبئة الجبهة الداخلية ومن ثم فضح جرائم الاحتلال، مشيرًا إلى أن حرية الصحافة تتوقف عند المساس بسمعة وحياة الآخرين، أكد أنه يجب على الصحافي عدم استغلال ثقة المجتمع وتشويه صورته.

بدروه، تحدث د. حسن أبو حشيش، عن ضوابط العلمية للتحقيقات الصحافية للمسؤولية الاجتماعية، قائلاً "أهم الضوابط عند الصحافي وجود الضمير، ومن أهم الأخطاء التي يقع فيها الصحفيين الفلسطينيين هي النظرة الحادة للصحافة الاستقصائية"، وأوضح أبو حشيش، أن هناك موضوعات متنوعة منها الاجتماعية والثقافية والسياسية يجب أن تسلط الصحافة الاستقصائية الضوء عليها.

ولخص أبو حشيش أبرز النقاط التي يقع بها أغلب الصحافيين في غزة، أولها: الكثير يرى أن الاستقصاء الصحافي هي محاربة الفساد وهذا المفهوم خاطئ، فهناك كثير من المواضيع والمجالات يمكن أن نسلط الضوء عليها، ثانيًا: عدم النظر للتحقيق من جانب المردود المادي، ثالثًا: الابتعاد عن النزعة الحزبية، رابعًا: الابتعاد عن الارتباطات الأمنية، خامسًا، عدم الخضوع لشروط المؤسسة الصحافية، سادسًا: الرغبة في الشهرة، سابعًا: التحريف، ثامنًا: التعميم وتضخيم الأمور، تاسعًا: ضعف الأدلة والبراهين، عاشرًا: تحريف المعلومات وقراءتها بشكل خاطئ.

أما إبراهيم المدهون تحدث خلال الندوة الحوارية عن المسؤولية الاجتماعية لنشطاء الاعلام الجديد، قائلاً "لا يوجد أحد يستطيع أن يتحدم في الاعلام الجديد، وأصبح الجميع قادر على قول رأيه الشخصي"، وأوضح المدهون، أن الاعلام الاجتماعي أصبح أكثر تفاعليا، ويفتقد إلى التزامنية والزمن لا يحده والمكان أيضا، إضافة إلى الجميع يستطيع مشاركة الحدث من أي مكان في العالم، وأشار إلى أن هناك الاجتهادات في الاعلام الجديد، ولا يمكن الحديث عن الاعلام الجديد دون الشباب، مؤكدا أن أهم ما يميزهم ما يميزهم هو الحرص على التعبير عن أنفسهم بحرية.

وخلال الجلسة الثانية، تحدث عادل الزعنون، موضحًا أن كلمة المسئولية المجتمعية في غزة كبيرة، مشيرًا إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الصحافيين في غزة الاحتلال الإسرائيلي، وذكر الزعنون أن ضمير الصحافي في غزة لا تشكيك فيه ولكن هذا لا يعني أن الصحافي مقدس، وكل صحافي يتجه ناحية المكان الذي يراه مناسبًا، ونوه إلى أن هناك بعض وسائل الإعلام هي أداه للانقسام الفلسطيني، وأن هناك تبادين واختلافات على مظهر المسؤولية الاجتماعية، مشيرًا إلى أنه يجب أن نكبح الصحافيين بالمسؤولية الاجتماعية، ولكن يجب أن يتمتع الصحافي بنوع من الحرية.

بدروه، تحدث مدير النيابة القانونية في نيابة غزة محمد مراد، قائلا :" هناك بعض المعالجات الإجرائية للصحافيين والمسؤولية في غزة، وأن القانون قاعة اجتماعية يجب أن يراعي ظروف المجتمع"، وأوضح مراد أن الواقع القانوني في غزة، معقد وهناك 180 قانون منذ الاحتلال البريطاني والإسرائيلي والوصاية المصرية والسلطة، في حين أن القانون المطبق يعود لعام 1995 وكانت القوانين يسنها ياسر عرفات ووقتها لم يكن هناك مجلس تشريعي.

وأكد أن المجتمع في غزة يحتاج إلى قانون يراعي العمل الصحافي، يحث بحاجة أيضًا إلى تحديد الهوية الصحفية للصحافيين، وأن يلتزموا بمنظومة السلوك التي تفرضها وزارة الإعلام، كما أشار إلى أنه يجب على الصحافيين الالتزام بالتعبير عن الرأي ضمن حدود وضوابط مهنية، لافتًا إلى أن هناك تعليمات من النائب العام بأن يقوم وكلاء النيابة بالتحقيق مع الصحافيين الذين يرتكبون مخالفات ولا توكل هذه المهام للمحققين الشرطيين.

ويصادف يوم الوفاء للصحافي الفلسطيني الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر/كانون أول من كل عام، بعد إقراره من الحكومة الفلسطينية السابقة في غزة عام 2009، وذلك تقديراً لجهود الإعلاميين الفلسطينيين ووفاءً لتضحياتهم التي قدموها لأجل القضية الفلسطينية، ويحيي المكتب الإعلامي الحكومي هذه المناسبة كل عام بشكل يليق بالدور الكبير الذي يقوم به الصحافي الفلسطيني في سبيل رسالته المهنية وقضيته الوطنية.