الصحافيون قبل ظهور ترامب للاحتفال بفوزه بالرئاسة

فوجئت وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة، مثل أي شخص، بصعود دونالد ترامب لرئاسة الجمهورية، وتعرضت الوسائل لسؤال من جمهورها، الأربعاء، يغلب عليه الشعور بالخيانة والغضب، بسبب توقعاتهم الخاطئة، وجاءت الأسئلة في رسائل لرؤساء تحرير وكتّاب صحيفة "نيويورك تايمز".

وكتب أحد القراء "أخطأتم لفترة طويلة وضللتم القراء، وأصابنا العمى بسبب تعصبكم الصحافي"، وجاءت بعض التعليقات على "الفيس بوك"، ومنها ما كتبه المخرج مايكل مور، وتم مشاركته أكثر من مائة ألف مرة، "كنت في فقاعة خاصة بكم، ولم تلتفتوا لزملائكم الأميركيين"، وكان رد الفعل أيضًا في إلغاء الاشتراكات في بعض الصحف، وهو ما سيتم رصده بالتأكيد، وبعد إبراز الفوز السهل نسبيًا لهيلاري كلينتون، سارعت وكالات الأنباء مثل "نيويورك تايمز"، و"هافينغتون بوست"، والشبكات الرئيسية إلى تقديم أجوبة صريحة، ومع تشكل الإدارة الأميركية الجديدة حاول التنفيذيون في وسائل الإعلام الوقوف على الأخطاء وإصلاحها.

وتعرضت صحافة البيانات للنقد الشديد، بما في ذلك "تايمز Upshot"، واستطلاعات الرأي في "هافينغتون بوست" بسبب توجيه الجماهير إلى أن هيلاري كلينتون، ستحصد غالبية الأصوات الانتخابية، بينما تغيرت الأمور، وتحول الرسومات الجرافيكية في نيويورك تايمز، الثلاثاء، من الاحتمال الكبير لفوز كلينتون إلى الاحتمال الأكبر بفوز دونالد ترامب، بينما تُرك القراء لتخمين الأمر.

وأشارت معظم استطلاعات الرأي من الهيئة الانتخابية إلى الفوز الكبير في الانتخابات لهيلاري كلينتون، وجلب ما حدث إلى الأذهان موقفًا حرجًا تعرضت له "فوكس نيوز" قبل 4 أعوام، حيث تعرضت للنقد لأنها خلقت فقاعة معلومات انعزالية، أدت لاعتقاد الجمهور بأن ميت رومني سيهزم الرئيس أوباما، وهو ما أثار تساؤلات بشأن موضوعية فوكس نيوز، ولكن الأن تواجه وسائل الإعلام الرئيسية هذه الموجة من الشك، وفي بعض الحالات تأتي التساؤلات من أشخاص في فوكس نيوز.

وأوضح كريس والاس المذيع في "فوكس نيوز"، في مقابلة له، الثلاثاء، قائلًا "اتخذت العديد من وسائل الإعلام قرارًا بعد مناظرة ترامب بأنه خارج الحدود، ولم يلتزموا بملاحظة القواعد الموضوعية للصحافة، واعتقد أن صحيفة "نيويورك تايمز" واحدة من أسوأ المجرمين لكننا جميعًا مذنبين بما في ذلك أنا لاستبعاد فوزه"، وكتب دين باكيت رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "التايمز"، لموظفيه "عندما تفاجأ وسائل الإعلام بقصة كبيرة يتبعها تساؤلات، ما هو الأفضل الذي كان من الممكن فعله؟، كيف يمكن أننا ووكالات أنباء أخرى قللنا من الدعم لمثل هذا المرشح الذي يدعو للانقسام"، وأشاد السيد باكيت بفريقه السياسي وغيرهم من صحافيي التايمز بسبب نشاطهم في نقل المقالات حول ضرائب ترامب وسجل كلينتون في ليبيا، وأضاف باكيت في مقابلة في مكتبه "إذا كان لدي بعض الإهمال للصحافيين والصحافة فما علينا القيام به بشكل أفضل هو التحدث إلى أنواع مختلفة من الناس، خاصة إذا كنا مؤسسة إخبارية مقرها نيويورك، وأن نذكر أنفسنا بأن نيويورك ليست العالم الحقيقي".

وأعرب توم بروكو مذيع NBC عن أسفه لكل جهوده في التنوع والتقدم، موضحًا أن وسائل الإعلام مازالت مقيدة جدًا بالساحل الشرقي، فيما أشار بعض المديرين التنفيذيين إلى أن الصحافيين أدوا عملهم في تقديم الأخبار وترك الأمر للناخبين لاتخاذ القرار، وأفاد ديفيد رودس رئيس شبكة CBS نيوز، "لا يمكن أن نقول أنه لم يتم تغطية هذه الحملة جيدًا أو أن هذه النتيجة كانت بسبب الفشل في تغطية شؤون المرشحين، وأعتقد أنه من الخطأ أن نقترح أن هذه النتيجة كانت بسبب فشل بعض المعلومات"، ويشير ذلك إلى أن مشاعر بعض الصحافيين جعلتهم غير قادرين على التعامل مع الاستياء من ناخبي ترامب، ما جعلهم يغفلوا الدعم الذي يحظى به ترامب على أرض الواقع، وهو ما أصابهم بالعمى تجاه حقيقة أنهم لم يطبقوا القواعد السياسية التي التزموا بها.

وبينت الخبرة للصحافيين أن أخطاء وزلات وعيوب ترامب من شأنها أن تثبت عدم أهليته، وهو ما جعلهم يقدمون معرفتهم أحيانا إلى صحافتهم وهو ما أدى إلى إقناع العديد من الناخبين بأن المحررين لم يصلوا إليهم، وفي  NBC يوم الأربعاء ناقش المسؤولون التنفيذيون، كيفية مضاعفة الجهود للحصول على قضايا أقرب للناخبين في وقت كانت فيه العديد من المؤسسات، مثل وسائل الإعلام غير موثوق بها من العديد من الأميركيين، وأضاف فيل غريفين رئيس شبكة  MSNBC "لا يمكن أن نذهب باعتقاد أننا نعرف أفضل، وهذا غالبًا ما يحدث في الصحافة، ويذهب البعض إلى هذا الاتجاه بسبب الخبرة والتجربة لديهم ويعتقدون أنه يمكنهم توقع الأشياء، ولكن يجب أن نتعامل مع الأمر كاملًا بعقل متفتح".

ويعمل الصحافيون في عالم جديد يوجد فيه "تويتر" و"فيسبوك"، والعديد من اللاعبين على هذه المنصات وبالتالي لم يعد الصحافيون مركز للثقل، وأضاف ديفيد ريمنيك رئيس تحرير مجلة نيويوركر،  "أعتقد أن المعضلة الأكثر عمقًا هي المشهد الإعلامي الجديد"، وأوضحت الاستطلاعات في صحيفة "التايمز" للقراء أن كلينتون هي الأوفر حظًا في الفوز بنسبة زادت أحيانًا عن 90%، في حين أن بعض استطلاعات الرأي الوطنية، أظهرت أن السباق صعبًا ويقوده ترامب في بعض الأحيان، وذكرت أماندا كوكس رئيسة تحرير Upshot لصحافة البيانات أن النموذج أشار بوضوح إلى أن السيدة كلينتون هي المفضلة استنادًا إلى بيانات الاقتراع في عدة ولايات بما في ذلك ولاية ويسكونسن وميتشيغان، موضحة أن الخطأ يمكن في مكان آخر ممثلًا في فشل الاتصال، وأن هذه الأرقام تعني في الواقع احتمالات وليست ضمانات.

وأوضحت كوكس أن هناك طريقة لجعل معنى الأرقام أكثر وضوحًا، مضيفة " أعتقد أنك ستناقش إمكانية تحسين الطريقة التي نتوصل بها للاحتمال وعدم اليقين"، وتنبأ موقع نيت سيلفر "FiveThirtyEight" للبيانات بفوز كلينتون بأكثر من 300 صوت، ومنحها فرصة 71% في الفوز من خلال نموذج التنبؤ في الموقع. وأكد سيلفر على أن فرص ترامب للفوز كانت حقيقية مع تحليل توقع أن ترامب ربما يفوز بالرئاسة في حين خسر التصويت الشعبي، وأكد ديفيد فايرستون، مدير تحرير FiveThirtyEight "أوضحنا مرارَا وتكرارَا مدى عدم اليقين في هذا السباق ، وكنا نخبر الناس حتى النهاية أن هذا ليس أمرًا يقينيًا"، وتابع فايرستون أن انخفاض نسبة الإقبال بين الديمقراطيين ربما كان نتيجة لامبالاة الناخبين تجاه ترشيح كلينتون، وعدم التأكد من نجاحها، وأوضح أن فوز ترامب أضفى حالة من الهلاك على صحافة البيانات، مضيفًا "هناك طلب متزايد بين القراء على هذه الأشياء، وأعتقد أنها لن تذهب بعيدًا، بسبب فوز ترامب بعدد قليل من الأصوات الانتخابية".