غزة ـ محمد حبيب
أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أن فرنسا تراجعت عن تقديم مشروع قرارها بخصوص حل الدولتين، لمجلس الأمن على الأقل خلال الفترة المنظورة، نتيجة الضغوط الإسرائيلية والأميركية المنشغلة خلال الفترة الحالية بالملف النووي الإيراني.
وأضاف المالكي، في تصريحات للإذاعة الرسمية، صباح اليوم الثلاثاء، "من خلال قراءتي، و ما استمعت له من وزير الخارجية الفرنسي في لقائنا في القاهرة، على مستوى اللجنة الوزارية العربية المصغرة، أو من خلال المناقشات التي تمت معه مباشرة، استطيع أن أقول أن فكرة مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن لم تعد الآن فكرة رئيسية لدى أصحاب القرار الفرنسيين، وتراجعت إلى الوراء كثيرًا.
وقال من أجل الحفاظ على ماء الوجه، جاء الفرنسيون ليطرحوا فكرة بديلة ليس لها أي مقومات للحركة على الإطلاق، وهي العمل على تشكيل "لجنة دعم".
وأوضح أن فكرة "لجنة دعم"، يمكن أن تعمل فقط في حال تمت العودة للمفاوضات، حيث تتحمل اللجنة متابعة ومواكبة المفاوضات، وتكون مشكلة من الدول الكبرى في مجلس الأمن ودول أوروبية، وعربية وهي (مصر، الأردن، السعودية).
وكشف المالكي عن نية الفلسطينيين، التوجه إلى الجانب النيوزلندي، الذي يترأس مجلس الأمن الدولي خلال الشهر الحالي، حيث كان يتحدث منذ فترة طويلة، أن لديه أفكارًا يستطيع أن يقدمها في حال فشل الفرنسيون في تقديم مشروع قرارهم لدى مجلس الأمن أو تراجعوا عن ذلك، مشيرًا إلى أنه سيتواصل مع وزير الخارجية النيوزلندي، لمعرفة ما إذا كان لديه الرغبة في التحرك بمجلس الأمن خلال الشهر الجاري.
وتحدد الخطوط العامة لمشروع القرار الفرنسي الذي تم التراجع عنه، الوصول إلى حل الدولتين مع تبادل الأراضي، وأن تكون القدس عاصمة مشتركة، إضافة إلى حل عادل لقضية اللاجئين، واستكمال مفاوضات السلام ضمن مؤتمر دولي في غضون 18 شهرًا، على أن تعترف فرنسا ودول غربية أخرى بالدولة الفلسطينية في حال عدم الوصول إلى حل مع نهاية هذه الفترة.
وكان مصدر سياسي إسرائيلي في مدينة القدس، قال إن المبادرة الفرنسية لمجلس الأمن لم تعد اليوم على جدول الأعمال، وأن التهديد السياسي على إسرائيل تمت إزالته في هذه المرحلة.
وأضاف أن هذا التقدير يأتي استمرارًا لتقييم الأروقة السياسية في واشنطن وإسرائيل، والتي تشير إلى أن احتمالية نجاح المبادرة الفرنسية في مجلس الأمن ضئيلة جدًا، وخلصت الدبلوماسية الإسرائيلية إلى تراجع المبادرة الفرنسية بعد التصريحات التي صدرت عن وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس الأسبوع الماضي في نيويورك، في لقائه مع مجموعة من الصحافيين في مقر الأمم المتحدة، والتي قال فيها "نحن بحاجة لجسم داعم لهذه المبادرة أوسع من الرباعية الدولية، بحاجة لدعم أوروبا والدول العربية".
وأضاف فابيوس، "أول شيء هو كيفية العودة للمفاوضات وتشكيل هيئة دولية، قرار مجلس الأمن إذا حصل، ومتى يحصل، إذا لزم الأمر، نفكر فيه، هذا القرار أداة وليس غاية في حد ذاته".
وأشار مصدر مطلع فلسطيني إلى أن المبادرة الفرنسية التي تولدت بعد العدوان الأخير على قطاع غزة وبفعل قرار البرلمان الفرنسي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، بدأت الحكومة الفرنسية تفكر جديًا في طرح هذه المبادرة على مجلس الأمن والتي تحدد زمنيًا بعد انتهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي وقت معين صدرت إشارات عن الإدارة الأميركية بإمكانية دعم هذه المبادرة، وترافق ذلك مع تدهور العلاقات بين الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن هذه الإشارات تراجعت وأخيرًا بات واضحًا أن الإدارة الأميركية غير متسرعة في قرارها.
وأثرت قضية ثانية على المبادرة الفرنسية وتراجعها تتمثل بموقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون اللذين رفضا هذه المبادرة، ويبدو أن الموقف الألماني والبريطاني الرافض كونهما قدرا بأن دور فرنسا يسعى من خلال هذه المبادرة لزيادة نفوذها في الشرق الأوسط أكثر من سعيها للتوصل إلى سلام.