حزب الله اللبناني

كشف مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الثلاثاء، أنَّ "حزب الله" وإيران وسورية، تعتبر مواصلة الهجمات الجوية الإسرائيلية على أهداف في سورية بهدف اعتراض نقل السلاح من إيران إلى ""حزب الله""، تغييرًا في قواعد اللعب من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وصرَّح الباحث في المركز مباط عال، قائلًا "لا شك أنَّ مثل هذا الغارة التي استهدفت في الواقع لشخصية رمزية مثل جهاد مغنية ومحمد علي الله دادي الضابط الإيراني؛ دشنت مستوى جديدًا من التوتر بين إسرائيل وبين إيران و"حزب الله".

وأضاف عال، "إنَّ المساس برجال "حزب الله" والإيرانيين على الأرض السورية في الحادثة الأخيرة أعطيت زخمًا أكثر وأهمية أكبر من الأحداث السابقة المماثلة لها على ساحة المواجهات بين إسرائيل والمحور، إيران وسورية، و"حزب الله").

وتابع "يبدو أنَّ إسرائيل بالنسبة إلى "حزب الله" وإيران تجاوزت خطًا أحمر يستلزم تدفيعها ثمنًا باهظًا، فقد بدت كمن يخترق أكثر من مرة قواعد اللعب التي وضعت منذ اندلاع الحرب الأهلية في سورية، مما يعني أن شكل الردع الذي يمتلكه "حزب الله"، الذي تنامى منذ انتهت حرب لبنان الثانية، آخذ بالتدني.

واستأنف عال "إسرائيل اعتدت على التنظيم مرة تلو الأخرى، بدءاً باغتيال عماد مغنية عام 2008، ومروراً بالاعتداء على حسن القيسي عام 2013 في بيروت، ووصولاً إلى الهجوم الأخير؛ كل هذا، بالإضافة إلى الكثير من العمليات التي نسبت لإسرائيل واستهدفت إرساليات الأسلحة المتوجهة إلى "حزب الله" على الأرض السورية، واكتشاف شبكة التجسس، والتي عملت داخل التنظيم والمشتبهة بتعاونها مع إسرائيل".

وأشار إلى أنَّ ردود "حزب الله" على هذه العمليات كانت موضعية إلى حد ما، وتضمنت معنى حقيقياً واحداً؛ العملية التي نفذت في يوليو 2012 في بورغوس بلغاريا، إلى جانب محاولات فاشلة لتنفيذ عمليات أخرى خارج البلاد، وكذلك عمليات موضعية شمال هضبة الجولان وفي هار داب خلال العام 2014، على هذا الأساس من المفترض أن التنظيم وراعيته إيران يقدران أن عليهما ترميم الردع تجاه إسرائيل بهدف عدم التخلي عن مبدأ المساس بإسرائيل التي لا تفهم حسب اعتقادهم إلا لغة القوة والعمل بما يتناسب وروح المقاومة.

وبيّن أنَّ مواصلة انتهاج سياسة ضبط النفس النسبية تجاه إسرائيل ستشجعها على مواصلة ذات المستوى من التصعيد ويقضم موقف "حزب الله" كقائد للمقاومة، هذا التقدير بشأن نوايا "حزب الله"  تؤيده عبارات الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصر الله الواضحة في الأشهر الأخيرة، وكذلك التصريحات التي تفوه بها المتحدثون باسم التنظيم في أعقاب الهجوم الأخير بهدف تدعيم شرعية  الرد القادم.

واستطرد "ومع ذلك؛ فإنَّ اتخاذ خطوات رد دراماتيكية من قبل "حزب الله" وإيران تنضوي على مخاطر مجهولة بالانجرار إلى الحرب، وهو التطور الذي لا تريده جميع الأطراف المعنية، لا "حزب الله" ولا إيران ولا سورية ولا إسرائيل، ليس فقط لأن "حزب الله" غارق حتى أذنيه في الحرب التي لا يلوح لنهايتها أفق في سورية، مع التأكيد على محاربة تنظيم "داعش" على الأرض السورية والعراق، والتي تشتت قواه على عدة جبهات".

ولفت عال، إلى أنَّ عليه أن يواجه مشاكل داخلية كالوضع الداخلي في لبنان، فالتوتر على الساحة اللبنانية الداخلية يضطر "حزب الله" إلى المحافظة على نفسه من الاهتزازات الفائضة، وفي الفترة الأخيرة قد بدأ حوار بين ممثلين عن التنظيم وبين ممثلي المستقبل، والذي يمثل المعسكر المعارض ل"حزب الله"  في لبنان، هدف الحوار هو إزالة التوتر بين السنة والشيعة في لبنان والاقتراب من وضع حد للأزمة السياسية التي يعيشها البلد بسبب عدم وجود رئيس منذ مايو من العام الماضي.

واستأنف "لقد جاءت المحادثات بعد مخاض طويل، ومن خلال فهم الحاجة العاجلة لاستقرار الدولة في مواجهة أمواج اللاجئين من سورية، وتسلل عناصر الجهاد السلفي لداخل تخومها، وكذلك التدهور الأمني الداخلي، "داعش" و"جبهة النصرة" يتطلعون إلى توسيع رقعة القتال إلى خارج الحدود السورية، إلى لبنان وإقحام الدولة الجارة في دائرة العنف.

ونوَّه بأنَّ نجاحهم بفعل ذلك سيحقق الكابوس اللبناني، وعلى نصر الله أن يأخذ بالحسبان أيضاً هذا الاحتمال المفزع، فإذا اختار المخاطرة بمواجهة قد توجب رداً إسرائيليا محتملاً قوياً يلحق ضرراً كبيراً به، وان لم يكفِ هذا فإن وقوف "حزب الله" دون تحفظ مع بشار الأسد في سورية عزز الأواصر بينهم؛ لذا فإن أي عمل ضد إسرائيل قد يستدعي ردًا إسرائيليًا ضد المحور يتسبب بضرر للنظام السوري وإضعافه في مواجهة أعدائه الداخليين.

وأرد الباحث الإسرائيلي "بعد أن تلقى ضربة مؤلمة ومذلة على المستوى الدعائي أو المستوى التنفيذي بعدة أيام؛ فإن "حزب الله" يزن خطواته جيداً، يصدر التهديدات المتوقعة ويسعى لكسب الشرعية ويجهز رده، والسؤال هو ما الذي يدور تحت سطح الأرض؟ وأي اتصالات تجري بين إيران و"حزب الله"؟ وأي منطق سيحدد طريقة عمل المحور؟ ما من شك أنهم في طهران يستمعون بعناية فائقة لأصداء الحوار حول مسألة تواجد الضابط الإيراني ومساعديه في القافلة التي هوجمت، هل كانت لدى إسرائيل معلومات؟ وكيف أثرت المعلومات على قرار الهجوم؟".

وقال "غير ذلك فإنَّ الحسابات الإيرانية ليست أوسع من حيث الزاوية اللبنانية والسورية من حسابات "حزب الله"، وتتركز على مكانتها الإقليمية والدولية، وعلى صناع القرار في طهران أن يأخذوا بعين الاعتبار الصراع على النفوذ الإقليمي مع العربية السعودية، وعدم معارضتها المزعومة للشرعية كما يبدو من قبل الدول الغربية على سيطرة إيران من خلال المجموعات الشيعية ومجموعات أخرى في العراق وسورية ولبنان وأماكن أخرى، والتي تعتبر أذرعًا عاملة لإيران".

وبيّن عال "بالطبع المفاوضات حول الملف النووي الدائر مع القوى الكبرى؛ هذه المواضيع من العيار الثقيل مشمولة كلها في منظومة الاعتبارات، والتي ستتمخض عن قرار يترجم إلى طريقة العمل، ومن الذي سيعمل ومتى سيعمل وعلى أي الساحات  وبأي مستوى، وعلى أي حال يبدو هذه المرة أن الحديث يدور عن عملية منسقة لمحور إيران و"حزب الله"، وسيكون لسورية أيضاً وزن هامشي في صنع القرار رغم أن الحدث وقع على أراضيها.

وحسب عال، فإنَّ التقديرات بشأن الغموض الذي يلف اعتبارات المحور سيتأثر أيضاً بسياساتها المتحدية كما ظهرت في الفترة الأخيرة؛ فللمرة الأولى لم يخف الإيرانيون تواجدهم في هضبة الجولان، وهو الأمر الذي اعتبر غير محتمل إلى الآن، "حزب الله" يعطي نفسه حرية العمل والنفوذ الكبير في هضبة الجولان، ويعمل على إقامة بنية تحتية لمهاجمة إسرائيل وليس الدفاع عن دمشق من خلال الشعور بالقوة والتحرر من أهمية اعتبارات نظام الأسد، سواء أيد أعماله أم لا، من وجهة نظر المحور إذا سمحت إسرائيل لنفسها بالعمل بحرية على جبهة هضبة الجولان من خلال مساعدتها للثوار على مستويات مختلفة، وأي واقع سيتغير وهضبة الجولان – الساحة الخالية من السلطات آخذة في التشكل كحلبة مصارعة رئيسية بين المحور وإسرائيل، إنها المكان الأمثل لتأليف قواعد لعب جديدة.

وأوضح "يبدو أنَّ إيران و"حزب الله" يفتشون عن رد عنيف واضح من أجل ترميم الردع والإيحاء لإسرائيل بأنهم لن يسلموا بتغيير قواعد اللعب التي تشهد عليه تصرفاتها، ولكن دون الانجرار إلى الحرب، كما ظهر في عنوان مقال تعاطي مع الموضوع في مجلة "السفير" اللبنانية، والذي نشر في الـ19 من كانون الثاني/ يناير 2015 "أكثر من رد وأقل من حرب"،

وأبرز أنَّ أمام المحور خيارات عدة للرد وبمستويات مختلفة من القوة، بعضها استخدم في الماضي وبعضها لم يستخدم، من بينها: عملية في المجال الجوي باستخدام طائرات من دون طيار أو هجوم من خلال المجال البحري أو مهاجمة مواقع ومعسكرات للجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، بما في ذلك إطلاق صواريخ أرض أرض، وهجمات الكترونية، فضلًا عن هجوم موضعي على الحدود مع لبنان أو هجوم على الساحة الدولية.

واستأنف "إسرائيل من ناحيتها تستطيع التأثير على رد المحور بعدة طرق، أولاً تعمل إسرائيل حالياً على تطوير جوهري في مكونات الدفاع في الشمال، وكذلك تعمل على تخفيض آثار خطواتها "تقليل التحركات" بهدف عدم إعطاء "حزب الله" الفرصة لتنفيذ عمليات، ويبدو أن المساحة الإسرائيلية الفارقة ما عدا الهدوء والأمن هي في عدم تمكين إيران و"حزب الله" من إقامة مواقع للسيطرة وإقامة بنى تحتية إرهابية في هضبة الجولان".

وأكد "في الوقت نفسه فقد طرأ على الجبهة الشمالية واقع جديد قام في إطاره ربط  لا تراجع عنه – في الكثير من المفاهيم – بين جنوب لبنان وهضبة الجولان، وذلك بسبب اتساع رقعة تحرك "حزب الله" وتكريس تبعية الأسد ل"حزب الله"؛ هذا التطور يسمح بخلق موازنة قد تؤدي وفقاً لها أي عملية ل"حزب الله" من الأراضي السورية إلى رد إسرائيلي على الأراضي اللبنانية أو العكس أن تؤدي عملية ل"حزب الله" من الأراضي اللبنانية إلى استهداف محتمل للمتملكات النظام السوري".

واختتم عال، قائلًا "إجمالًا فإنَّ نقطة الانطلاق الإسرائيلية يجب أن تستند إلى كون الحديث يدور عن واقعة هي جزء من مواجهة مع المحور إيران و"حزب الله" الذي لن يغفر الاغتيال الممنهج لكبار مسؤوليه، ميزان الردع وتساوي كفتي الميزان بين الأطراف يوشك أن ينتهك ويمكننا رؤية كيف ستختار إيران و"حزب الله" ترتيب قواعد اللعبة من جديد مع اعتبار أهمية الظروف المتاحة لهم من الداخل والخارج بينما على إسرائيل أن تبدي إصراراً وإلا ترتدع أمام التصعيد".