الأطفال الفلسطينيين

اعتبرت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين، العام المنصرم من أصعب الفترات التي عاشها الأطفال الفلسطينيين جراء الانتهاكات التي مارستها قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت الحركة في بيان صحافي السبت، أن العالم سيبقى يذكر صور الأطفال الفارين من القصف الإسرائيلي على غزة خلال العدوان الأخير، واتخاذهم المدارس مأوى لهم، إضافة إلى اكتظاظ المستشفيات بالشهداء والمصابين.

وأشارت إلى أنه من بين الصور الأكثر مأساوية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، هي صورة جثث 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 و11 عاما، استشهدوا جراء استهدافهم بقذيفة أطلقت من قبل البحرية الإسرائيلية، عندما كانوا يلعبون على الشاطئ.

وأكدت أن "معاناة الأطفال الفلسطينيين لم تقتصر على العدوان الأخير على قطاع غزة الذي استمر قرابة خمسين يوما، ولا على الحدود الجغرافية للقطاع، ففي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، واصل الأطفال الفلسطينيون دفع الثمن جراء الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، حيث أدت تلك الانتهاكات إلى سقوط العديد من الأطفال شهداء وجرحى، فضلا عن الصدمات النفسية التي لحقت بآخرين جراء سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها سلطات الاحتلال، مثل مداهمة المنازل، وهدمها والاعتقالات.

ورأت الحركة أن "5 عوامل أثرت على الأطفال الفلسطينيين عام 2014 في الأراضي المحتلة، أولها العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، الذي أسفر عن استشهاد 480 طفلا على الأقل وفق تحقيقاتها، وإصابة الآلاف، ألف منهم على الأقل أصيبوا بإعاقات دائمة، إضافة إلى تدمير عشرات آلاف المنازل إما بشكل جزئي أو كلي".

وبينت أن ارتفاع عدد الضحايا الأطفال والمدنيين أثار تساؤلات جدية حول الاستخدام غير المتناسب للقوة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، والاستهداف غير المشروع لمواقع محمية بموجب القانون الدولي مثل المدارس والمستشفيات والملاجئ.

وقالت إن تحقيقاتها كشفت عن استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي لطفل فلسطيني واحد كدرع بشري خلال الحرب الأخيرة على غزة، يبلغ من العمر 16 عاما، حيث جرى اعتقاله لمدة خمسة أيام تعرض خلالها لاعتداء جسدي، وأرغم على البحث عن أنفاق داخل القطاع.

وأضافت أنه قبل الحرب الأخيرة على قطاع غزة، استشهد 3 أطفال في القطاع بإطلاق نار إسرائيلي وغارات جوية، وأصيب ما يقارب من 43 طفلا على الأقل في ظروف مماثلة.

وثاني العوامل التي أثرت على الأطفال الفلسطينيين خلال العام الماضي، وفق الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، هو الاحتجاز العسكري والحبس الانفرادي.
وبينّت الحركة أن الاعتقال العسكري هو حقيقة واقعة لمئات الأطفال الفلسطينيين كل عام، وقد استمر في عام 2014، الأمر الذي يلحق بالأطفال عنفا جسديا ونفسيا، ويعيق تعليمهم، ويؤثر على صحتهم العقلية، ويضع أسرهم تحت ضغط كبير.

ولفتت إلى أن في عام 2014 بلغ متوسط عدد الأطفال رهن الاعتقال العسكري الإسرائيلي حوالي 197 طفلا شهريا، دون تغيير إلى حد كبير عن عام 2013 الذي بلغ فيه متوسط اعتقال الأطفال الشهري حوالي 199 طفلا، مشيرة إلى أن حملة الاعتقالات التي تشنها قوات الاحتلال بحق الأطفال والشباب الفلسطينيين ازدادت في النصف الثاني من عام 2014.

وقالت الحركة إن ثالث العوامل التي تركت أثرا على الأطفال الفلسطينيين خلال العام الماضي هو عنف المستوطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية، في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.

وأوضحت أن المستوطنين الإسرائيليين دأبوا منذ فترة طويلة على مهاجمة المواطنين الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال، والاعتداء على ممتلكاتهم، مبينة أنها نشرت تقريرا مفصلا تناول اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين التي وقعت عام 2013، بما في ذلك الاعتداء على أطفال خلال توجههم إلى مدارسهم، ومهاجمة مدارس.

وأشار التقرير إلى تعاون ضمني من قبل جنود الاحتلال مع هجمات المستوطنين، من خلال تجاهل الجنود لاعتداءات علنية حدثت أمامهم، أو مشاركتهم في أعمال عنف.

ولفتت إلى أن العامل الرابع يتمثل في استخدام الذخيرة الحية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، الأمر الذي أسفر عن استشهاد 11 طفلا خلال عام 2014 جراء ذلك.

وقالت الحركة إن عدد الأطفال الشهداء في الضفة ازداد في أعقاب خطف وقتل 3 مستوطنين إسرائيليين في حزيران/يونيو الماضي، تبعه خطف وحرق الطفل المقدسي محمد أبو خضير البالغ من العمر 16 عاما، وما رافق ذلك من احتجاجات، فضلا عن الحرب على غزة خلال  تموز، وآب، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حملة احتجاجات فلسطينية في الضفة الغربية، قابلتها حملة على الشباب الفلسطيني في القدس الشرقية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وبينت أن قوات الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تستخدم بشكل تقليدي القوة المفرطة لتفريق الحشود، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية، ما أدى إلى استشهاد عدد من الأطفال وإصابة آخرين.

وأوضحت الحركة أنه وفقا للوائح الجيش الإسرائيلي الخاصة، يجب ألا تستخدم الذخيرة الحية إلا في ظروف تشكل تهديدا قاتلا بشكل مباشر للجندي، مشيرة إلى أنها حتى الآن لم تعثر على أدلة تشير إلى أن الأطفال الذين قتلوا برصاص قوات الاحتلال عام 2014 كانوا يشكلون مثل هذا التهديد وقت إطلاق النار عليهم.
وذكرت الحركة بالطفلين الشهيدين نديم نوارة ومحمد سلامة أبو ظاهر، اللذين استشهدا بالرصاص الحي في الخامس عشر من آيار عام 2014، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال قرب سجن "عوفر" العسكري غرب رام الله، مشيرة إلى أن كاميرات مراقبة محلية في المنطقة، إضافة إلى تصوير محطات إخبارية، بينت بوضوح أن الطفلين لم يشكلا أي خطر لحظة استهدافهما، فقد كان هناك هدوء لحظة إطلاق النار عليهما.

وقالت الحركة إن المسؤولين الإسرائيليين شككوا بصحة أشرطة المقاطع المصورة، ثم نفوا بشكل قاطع أن الجنود استخدموا الذخيرة الحية وقتها، ليثبت بعد أسابيع أن كلا الطفلين قتل بالرصاص الحي، وفي خطوة غير عادية من قبل سلطات الاحتلال، فقد اعتقل شرطي "حرس الحدود" المتهم بإطلاق النار على الطفل نديم وقتله، ووجهت له تهمة القتل غير العمد، إلا أنه رغم ذلك فإن غيرهم من الأطفال الذين استشهدوا عام 2014 من غير المحتمل أن تحقق العدالة لهم، فلم يحاسب أي شرطي أو جندي كان متسببا بقتلهم.

ويتمثل العامل الخامس والأخير، حسب الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها سلطات الاحتلال على قدم وساق بحق الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، فخلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة كانت أغلبية الشهداء من الأطفال جراء قصف منازلهم بالصواريخ الإسرائيلية، ففي حالة واحدة استشهد 18 طفلا من نفس الأسرة الممتدة، تتراوح أعمارهم بين 4 أشهر و14 عاما عندما تم قصف منزلهم في غارة جوية إسرائيلية، حيث زعمت قوات الاحتلال أنه جرى استهداف أحد قادة "حماس" الذي كان يزور المبنى في ذلك الوقت.