رام الله – وليد أبو سرحان
أثار مشروع القرار الفلسطيني العربي، الذي قدم لمجلس الأمن الدولي من طرف الأردن، كممثل للمجموعة العربية في الأمم المتحدة، الكثير من النقاش سواء على صعيد الحلبة السياسية الدولية، أو حتى الإقليمية، ناهيك عن التلويح الأميركي بـ"الفيتو" بوصفه إجراء أحاديّ الجانب، وعن التهديد الإسرائيلي بمعاقبة الرئيس الفلسطيني ومن خلفه السلطة الوطنية حكومة وشعبًا.
وشغل مشروع القرار الساحة السياسية والإعلامية، منذ أسابيع، جراء تواصل المشاورات بشأن صياغته، إلى لحظة تقديمه لمجلس الأمن، بهدف التصويت عليه.
ويدعو مشروع القرار، الذي قدم لمجلس الأمن، الأربعاء الماضي، إلى وضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.
وأورد النص أنَّ "مشروع القرار إذ يعيد المجلس تأكيد قراراته السابقة، لاسيما القرارات 242 (1967)، و338 (1973)، و1397 (2002)، و1515 (2003)، و1544 (2004)، و1850 (2008)، و1860 (2009)، ومبادئ مدريد، وإذ يؤكد من جديد رؤيته لمنطقة تعيش فيها دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنبًا إلى جنب في سلام، ضمن حدود آمنة ومعترف بها، وإذ يؤكد من جديد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير".
وأشار، إلى قرار الجمعية العامة رقم 181 (II) المؤرخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، مؤكدًا من جديد مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، ولافتًا إلى قراراته 446 (1979) و452 (1979) و465 (1980)، يحدد، في جملة أمور، أن سياسات وممارسات إسرائيل في إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس لها شرعية قانونية، وتشكل عقبة خطيرة أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط.
وشدّد على "ضرورة حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس القانون الدولي والقرارات ذات الصلة، بما فيها القرار 194(III)، كما هو منصوص عليه في مبادرة السلام العربية"، مبرزًا أنَّ "قطاع غزة يشكل جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويدعو إلى حل مستدام للوضع في قطاع غزة، بما في ذلك فتح معابرها الحدودية، بصورة مستمرة ومنتظمة، أمام التدفق الطبيعي للأشخاص والبضائع، وفقًا للقانون الإنساني الدولي".
ورحب بـ"التقدم المهم في جهود بناء الدولة الفلسطينية المعترف بها من طرف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي"، مجددًا تأكيد "دعوته لجميع الدول والمنظمات الدولية إلى المساهمة في برنامج بناء المؤسسات الفلسطينية استعدادًا للاستقلال".
وجدّد التأكيد أنَّ "التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن أن تتحقق إلا بالوسائل السلمية، على أساس الالتزام الدائم والاعتراف المتبادل، والتحرر من العنف والتحريض والإرهاب، والحل القائم على دولتين".
واعتبر أنَّ "الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو اتفاق ينهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، وحل جميع قضايا الوضع النهائي، ويحقق التطلعات المشروعة لكلا الطرفين".
ودان "جميع أعمال العنف والأعمال العدائية الموجهة ضد المدنيين وجميع أعمال الإرهاب، وتذكير جميع الدول بالتزاماتها بموجب القرار 1373 الصادر في عام 2001".
ولفت إلى "التزام بضمان سلامة ورفاه المدنيين وحمايتهم في حالات النزاع المسلح"، مؤكدًا من جديد "حق جميع الدول في المنطقة في العيش في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها دوليًا".
ولاحظ مشروع القرار، مع التقدير، الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية لتسهيل المفاوضات مسبقًا بين الطرفين، بهدف التوصل إلى تسوية سلمية نهائية"، مضيفًا "إدراكًا منه لمسؤولياته في المساعدة على تأمين التوصل إلى حل طويل الأجل للصراع، يقرر المجلس أن يؤكد على الحاجة الملحة لتحقيق، في موعد لا يتجاوز 12 شهرًا بعد اتخاذ هذا القرار، حل سلمي عادل ودائم وشامل، يضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 ويحقق رؤية دولتين مستقلة وديمقراطية ومزدهرة، دولة الإسرائيلية، ودولة فلسطينية ذات سيادة، ومتواصلة جغرافيًا، وقابلة للحياة، تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن ضمن حدود معترف بها بصورة متبادلة ودوليًا".
وأردف "يقرر المجلس أنَّ الحل عبر التفاوض سيتم على أساس معايير، هي الحدود التي تستند إلى خطوط 4 حزيران/ يونيو 1967، والترتيبات الأمنية، بما في ذلك عبر وجود طرف ثالث، أو ضمان واحترام سيادة دولة فلسطين، والانسحاب الكامل والتدريجي لقوات الأمن الإسرائيلية، التي سوف تنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، في فترة انتقالية متفق عليها في إطار زمني معقول، لا يتجاوز نهاية عام 2017، وتضمن أمن كل من إسرائيل وفلسطين عبر منع ظهور الإرهاب والتصدي بفعالية للتهديدات الأمنية، بما في ذلك التهديدات الناشئة والحيوية في المنطقة".
واستطرد "حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس مبادرة السلام العربية، والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القرار 19 (III)، والقدس عاصمة مشتركة للدولتين، والتي تلبي التطلعات المشروعة للطرفين ويحمي حرية العبادة، وتسوية متفق عليها من القضايا العالقة الأخرى، بما في ذلك المياه".
ويسلم المجلس، وفقًأ لمشروع القرار، بأنَّ "اتفاق الوضع النهائي يجب وضع حد للاحتلال ووضع حد للمطالباتكافة، ويؤدي إلى الاعتراف المتبادل فورًا"، ويؤكد تعريف خطة وجدول زمني لتنفيذ الترتيبات الأمنية ويضع في وسط المفاوضات ضمن الإطار الذي وضعه هذا القرار.
ويتطلع إلى "الترحيب بفلسطين كدولة عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة ضمن الإطار الزمني المحدد في هذا القرار"، ويحث الطرفين على الانخراط بجدية في العمل لبناء الثقة والعمل معًا في السعي لتحقيق السلام عبر التفاوض بحسن نية والامتناع عن جميع أعمال التحريض وأعمال استفزازية أو اصدار بيانات، وأيضًا يدعو جميع الدول والمنظمات الدولية لدعم الأطراف في اتخاذ تدابير لبناء الثقة والمساهمة في تهيئة مناخ يفضي إلى المفاوضات".
ويدعو المجلس جميع الأطراف إلى "الالتزام بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك اتفاق جنيف في شأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/ أغسطس 1949"، مشجعًا "الجهود المتزامنة لتحقيق سلام شامل في المنطقة، الأمر الذي يفتح الإمكانات الكاملة لعلاقات الجوار في الشرق الأوسط ويؤكد في هذا الصدد على أهمية التنفيذ الكامل لمبادرة السلام العربية".
وتضمن مشروع القرار أيضًا أن "يدعو المجلس إلى إيجاد إطار التفاوض ويضمن مشاركة وثيقة، جنبًا إلى جنب مع الطرفين، من أصحاب المصلحة الرئيسيين لمساعدة الطرفين على التوصل إلى اتفاق في غضون الإطار الزمني المقرر، وتنفيذ جميع جوانب الوضع النهائي، بما في ذلك عبر توفير الدعم السياسي وكذلك دعم ملموس لترتيبات ما بعد الصراع وبناء السلام، ويرحب باقتراح عقد مؤتمر دولي من شأنه إطلاق المفاوضات".
وأضاف مشروع القرار "يدعو المجلس الطرفين إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات غير قانونية أحادية الجانب، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية، التي يمكن أن تقوض قابلية حل الدولتين على أساس المعايير المحددة في هذا القرار، كما يدعو إلى بذل جهود فورية لتصحيح الوضع غير المستدام في قطاع غزة، عبر توفير المساعدة الإنسانية إلى السكان المدنيين الفلسطينيين عبر وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين لإغاثة وتشغيل في الشرق الأدنى ووكالات الأمم المتحدة الأخرى، وبذل جهود جادة لمعالجة القضايا الأساسية للأزمة، بما في ذلك تعزيز وقف إطلاق النار بين الطرفين".
وأشار إلى أنّه "يطلب من الأمين العام أن يقدم تقريرًا عن تنفيذ هذا القرار كل ثلاثة أشهر، ويقرر أن يبقي المسألة قيد نظره".