عمليات الدهس التي شهدتها مدينة القدس المحتلة

يتفق عدد من المحللين "الإسرائيليين" على أنَّ الموجة الأخيرة من عمليات الدهس التي شهدتها مدينة القدس المحتلة ومحيطها، تشير إلى أنَّ الفلسطينيين ابتكروا أسلوبًا جديدًا في النيل من المستوطنين والتصدي لهم.  وأكد المحلل السياسي تامير يتسحق، أنَّ أسلوب "الدهس" لا يحتاج إلى إعداد متفجرات، ولا إلى تدريب ولا إلى تنسيق وتعاون مع آخرين؛ "إنّه مجرد قيادة السيارة الخاصة بالمنتحر وصدمه لمجموعة إسرائيليين على محطة مواصلات".

وأضاف يتسحق، "ربما غدًا نرى عمليات دهس في إستاد رياضي أو تجمع انتخابي أو أي مكان يلتقي فيه الناس، كالمقهى أو المطعم  المحاذي للشارع، وربما أيضًا على شاطئ البحر".

 ومن جانبه، صرّح المحلل آفي سخاروف، بأنَّ "الإسرائيليين في القدس يتذكرون أنه في أعوام الانتفاضة الثانية كان مجرد المشي في الشارع يشكل خطرًا، فالعمليات الانتحارية كانت تحدث في الأسواق والشوارع والحافلات والمطاعم  والمقاهي، في كل مكان تقريبًا".

وأوضح سخاروف "أما هذه الأيام، وفي الحقيقة ومنذ بدأ الفلسطينيون استخدام السيارات في مهاجمة الإسرائيليين، وخصوصًا بقيادة الجرارات والجرافات كما حصل منذ عامين، وتجدَّد الآن، كل ذلك يعني للإسرائيليين أنَّ العمليات الانتحارية عادت من جديد ولكن بسلاح مختلف".

ولعل الفارق، حسب سخاروف، أنَّ هجمات الانتفاضة الثانية كانت تدار من قبل شبكة قيادية في حركة "حماس"، وهو ما كان بحاجة إلى بنية تحتية واتصالات وتحضير، أما العمليات الحالية فهي تتخذ شكلًا فرديًا، ربما يأتي الأمر من قيادة "حماس"، ليتم التنفيذ على الفور دونما تنسيق مع أحد.

ولعلَّ ما يربك أجهزة الأمن، استحالة تحديد من هو الشخص المرشح لقيادة سيارته وتنفيذ هجوم عل تجمع للمستوطنين، فالمعرفة المسبقة تجعل الأمن قادرًا إلى حد ما على الدفاع المسبق، أي منع العملية قبل حدوثها؛ لكن الحقيقة أنَّ المنفذين ليسوا عاطلين عن العمل مثلًا، أو مجرد شباب صغار السن، أو معتقلين سابقين أو من كبار السن، إنَّهم خليط من كل هؤلاء. مؤهلهم الرئيسي، "رخصة قيادة".

ولعل القاسم المشترك هو أنهم قريبون من الحركات الجهادية الإسلامية، إما "حماس" أو "الجهاد الإسلامي".

ومع إزدياد معدل مثل هذه العمليات، فإن التقدير الرسمي الأمني والسياسي في حكومة الاحتلال، اعتبر أنَّ ما يحدث ليس انتفاضة جديدة؛ بحجة أنَّ الأوضاع لا تشبه تلك التي سادت قبل اندلاع انتفاضة 1987 أو 2000.

ولكن المحللين، أجمعوا على أنَّ "لا يمكن نفي أنَّ هنالك ظاهرة جديدة تضرب القدس، ما يلزم البحث عن اسم جديد".

وأوضح المحلل داني مسكوفيتش، أنَّ "ما يتجاهله القادة الإسرائيليون هو المسبب الرئيسي للعنف في القدس، وهو الاقتحام المكثف والمنهجي من قبل المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى وعدم إخفائهم نية الصلاة فيه واقتسامه مع المسلمين، بل إنَّ البعض لا يخفي نيته السيطرة التامة على هذا الموقع المقدس لدى المسلمين".