غزة – محمد حبيب، حنان شبات
كشف تقرير إحصائي أن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل منذ حزيران/ يونيو عام 1967 وحتى يومنا هذا نحو 850 ألف مواطن فلسطيني، يشكلون أكثر من 20% من مجموع المواطنين الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي تُعتبر نسبة الاعتقالات الأكبر في العالم.
وأوضح التقرير الذي أعده رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، أنَّ تلك الاعتقالات شكلت جزءًا أساسيًا من سياستها في تعاملها مع الفلسطينيين، وأضحت ظاهرة يومية مقلقة، وتؤرق الكل الفلسطيني، حيث لا يكاد يمر يوم واحد إلا ويسجل فيه أكثر من 10 حالات اعتقال.
وأشار التقرير الذي صدر في مناسبة الذكرى الـ48 لهزيمة عام 1967 التي اصطلح عليها عربيًا بـ"النكسة" أنَّ 206 أسير استشهدوا بعد الاعتقال منذ العام 1967، ومن هؤلاء الشهداء 71 معتقلًا استشهدوا نتيجة التعذيب، و54 معتقلًا نتيجة الإهمال الطبي، و74 معتقلًا نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، و7 أسرى استشهدوا نتيجة إطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون.
ولفت إلى أنَّ عشرات الأسرى استشهدوا بعد خروجهم بفترات وجيزة نتيجة أمراض ورثوها من السجون أمثال هايل أبو زيد، مراد أبو ساكوت، فايز زيدات، أشرف أبو ذريع وزكريا عيسى وسيطان الولي وزهير لبادة وحسن الترابي وجعفر عوض وغيرهم.
وبين أن سلطات الاحتلال تتعمد إطلاق سراح بعض الأسرى بعد تدهور حالتهم الصحية لدرجة ميؤوس منها، ليتوفوا خارج السجون في محاولة منها للتنصل من مسؤولياتها. كما حصل مؤخرا مع الشهيد الأسير المحرر 'جعفر عوض' من بلدة بيت أمر في الخليل.
وذكر تقرير هيئة شؤون الأسرى والمحررين أنَّ الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يعتقل في سجونه ومعتقلاته أكثر من 6000 أسير فلسطيني، موزعين على نحو 22 سجنا ومعتقلا ومركز توقيف، بينهم قرابة 200 طفل، و25 أسيرة أقدمهن الأسيرة لينا الجربوني المعتقلية منذ نيسان/ أبريل 2002، و480 معتقلًا إداريا دون تهمة أو محاكمة، منهم المعتقل خضر عدنان المضرب عن الطعام منذ 32 يومًا، و12 نائبًا في المجلس التشريعي الفلسطيني، وما يزيد عن 1600 أسير يعانون من أمراض مختلفة، و30 أسيرا معتقلا منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، وأقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ كانون الثاني/ يناير عام 1983.
وأضاف التقرير: "لقد غالت إسرائيل في انتهاجها لسياسة الاعتقال منذ احتلالها لباقي الأراضي الفلسطينية في حزيران/ يونيو عام 1967، وأنَّ الاحتلال لا يراعي فرقا، في يوم من الأيام، بين الرجال والنساء، أو بين راشد وقاصر، وبين معافى أو مريض، وإنما طالت كافة فئات وشرائح الشعب الفلسطيني، ذكوراً وإناثاً، أطفالا ورجالا، شبانا وشيبة، فتيات وأمهات وزوجات، مرضى ومعاقين وعمال وأكاديميين ورياضيين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وأدباء وكتاب وفنانين، بالإضافة إلى نواب في المجلس التشريعي ووزراء سابقين".
وتابع: "الأخطر هو وجود هذا التلازم المقيت والقاسي، بين الاعتقالات والتعذيب، بحيث يمكن القول بأن جميع من مروا بتجربة الاعتقال، من الفلسطينيين، قد تعرضوا، على الأقل، إلى واحد من أحد أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي، ما يعني أن 100% ممن اعتقلوا تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال وصنوف التعذيب الجسدي والنفسي والإيذاء المعنوي والمعاملة اللاإنسانية والمهينة والحاطة بالكرامة، واحتجزوا جميعا في أماكن لا تليق بالحياة الآدمية".
وبين التقرير أن مجمل تلك الاعتقالات، وما يصاحبها ويرافقها ويتبعها من إجراءات وتعذيب وسوء ظروف التوقيف والاحتجاز، وطبيعة السجون والمعتقلات وأماكن تواجدها، تشكل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي وتتنافى وبشكل فاضح مع أبسط القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية.
وأوضح أن حجم الاعتقالات وفظاعتها وتبعاتها جعلت من مفردات الاعتقال والسجن والأسر)من أبجديات الحياة الفلسطينية، وجعل الذاكرة الفلسطينية تفرد لها مساحات واسعة، خاصة وأن كل العائلات والأسر الفلسطينية قد ذاقت مرارة الاعتقال والسجن، ولم تعد هناك عائلة فلسطينية واحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا وقـد ذاق أفرادها مرارة الاعتقال.
وأشار التقرير إلى أنه في حالات كثيرة تعرضت العائلة بكامل أفرادها، ذكورا وإناثاً، للاعتقال، فيما هناك الآلاف من الفلسطينيين قد تعرضوا للاعتقال لأكثر من مرة، بل وأن بعضهم اعتقل لما يزيد عن عشرة مرات.