حركة حماس

أثار إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخير بشأن طلبه من حركة "حماس" تقديم كتاب خطي تؤكد من خلاله موافقتها على إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية، الكثير من التساؤلات على المستوى السياسي والشعبي بشأن إمكانية استجابة "حماس" لهذا الطلب.

وسارعت الحركة وعلى لسان أكثر من قيادي فيها إلى الترحيب بإجراء الانتخابات مؤكدة استعدادها لخوضها، غير أنها أتهمت الرئيس عباس بتعطيل هذا الإجراء الذي تم التوافق عليه في إطار اتفاقات المصالحة السابقة.

وعبّر عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، موسى أبومرزوق، عن دهشته من هذا الطلب وتساءل: "لماذا يريد الرئيس عباس بيانًا رسميًا من حماس؟".

وأكد أبومرزوق التزام "حماس" بكل كلمة وقعت عليها في إطار اتفاق المصالحة الذي يطلب من حكومة الوفاق تهيئة الأجواء والتحضير لإجراء الانتخابات، داعيًا الرئيس عباس إلى التدقيق فيما جاء في الاتفاق وممارسة صلاحياته وفقًا للاتفاق الذي يسمح له بإصدار مرسوم رئاسي ودعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير إلى ممارسة صلاحياته المتفق عليها.

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أنَّ هناك عوائق ومشاكل في اتفاق المصالحة ذاته، مشيرًا إلى أنَّ هذا الاتفاق كان ينص على إجراء الانتخابات في غضون 6 أشهر من تشكيل حكومة التوافق.

وذكر عوكل أنَّ المصالحة معطلة بسبب ما يشوب هذا الاتفاق من شوائب وبسبب الشكوك التي تلقي بظلالها على إمكانية تطبيقه جراء انعدام الثقة بين حركتي (فتح) و(حماس) وأيضًا لكون الاتفاق تجاهل باقي فصائل ومكونات العمل الوطني التي تم استبعادها ولم تشارك في صياغة تفاصيل هذا الاتفاق.

وأوضح أنَّ طلب الرئيس محمود عباس من "حماس" تقديم كتاب خطي بالموافقة على الانتخابات يأتي في إطار حالة "عدم الثقة" بين الأطراف، وهي ما تنتج مثل هذا السلوك، مشيرًا إلى أنَّ هناك حالة مماثلة تظهر مستوى انعدام الثقة بين الاطراف الفاعلة على الساحة الفلسطينية، وتمثل ذلك في طلب الرئيس عباس من جميع الفصائل التوقيع على اتفاق روما للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، حتى لا تبدو أنَّ هذه الخطوة مقصدها الانتقام من "حماس" أو من أي فصيل آخر نتيجة التداعيات المحتملة للانضمام إلى المحكمة.

وذكر عوكل: "أعتقد أن هناك توافق على إجراء الانتخابات ولكن هذا الأمر بحاجة إلى المزيد من الوقت ولترتيبات خاصة"، مشيرًا إلى أن تفعيل دور حكومة الوفاق قد يدفع تجاه ذلك، لاسيما وأنَّ المصالحة بحاجة إلى تهيئة المناخ أمام إجراء الانتخابات، لا سيما في ظل غموض الموقف الإسرائيلي بشأن الموافقة على إجراء هذه الانتخابات".

وتوقع أنَّ تستجيب حماس في الفترة المقبلة لطلب الرئيس عباس، مبينًا أنَّ استجابة الحركة ستكون من باب "إظهار الإيجابية" ولتتجنب أنَّ تكون سببًا في تعطيل المصالحة أكثر وحتى لا يصبح ذلك ذريعة لتحميل حماس المسؤولية عن إفشال المصالحة.

ويجري وفد رفيع من حركة الجهاد الإسلامي وصل القاهرة أخيرًا اتصالات مع أطراف عدة لإنهاء الأزمات العالقة وتحسين العلاقات بين حماس والسلطات المصرية وتفعيل ملف المصالحة ومعالجة مختلف الملفات.

وتذكر مصادر مقربة من الوفد أنَّ الحركة لم تطرح على حماس أي تصور بشأن طلب الرئيس عباس، موضحة أنَّ الوفد في مهمة أولى تتمثل في التخفيف من معاناة اهالي القطاع عبر العمل من أجل فتح معبر رفح والتخفيف من حدة التوتر الذي يخيم على علاقة الدولة المصرية مع حركة "حماس" وصولاً إلى إعادة تفعيل ملف المصالحة الذي يشمل التوافق على موعد لإجراء الانتخابات.

وأعرب عوكل عن أمله في نجاح مبادرة الجهاد التي تشمل ترتيب العلاقات الداخلية الفلسطينية عبر ضمان تطبيق اتفاق المصالحة، وكذلك ترميم العلاقة مع مصر، مبينًا أنه حال نجحت المبادرة فستحدث تغييرًا في الأجواء ولكن ذلك بحاجة إلى الكثير من الوقت.

ويوافق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم على الرأي الذي يؤكد أنَّ طلب الرئيس محمود عباس من "حماس" كتابًا خطيًا بشأن موافقتها على الانتخابات يندرج في إطار حالة "عدم الثقة" بين الطرفين، وأنَّ رد الحركة على هذا الطلب لا يخرج عن سياق المناكفات السياسية القائمة من قبل.

وأشار إلى أنَّ من المهام التي ألقيت على كاهل حكومة الوفاق التحضير للانتخابات خلال ستة أشهر، موضحًا أنه في ظل تصاعد الخلافات بين "حماس" و"فتح" لم يعد يجري الحديث عن هذه الجزئية وأنَّ تأكيد الحركة على استعدادها خوض الانتخابات نابع من اعتقادها بأنَّ الوضع في صالحها وأنَّ شعبيتها مرتفعة، لاسيما في الضفة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في حين أنَّ الرئيس عباس ينتظر ما ستـؤول إليه الأمور مع الإسرائيليين وربما يراهن على أي تغيير في المشهد الإسرائيلي بعد الانتخابات المقبلة في إسرائيل.

واعتبر أنَّ طلب الرئيس عباس "لا يجوز" ذلك لأنه يمكن طلب ضمانات خطية بشأن كل ما سيتم تنفيذه، مؤكدًا أنَّ تنفيذ اتفاق المصالحة والالتزام به هو الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق.

ورأى أنَّ اتهامات أبومرزوق للرئيس بتعطيل المصالحة والانتخابات بأنها محاولة لتحريك المياه الراكدة وللتأكيد على أنَّ "حماس" مستعدة لتنفيذ لكل ما جاء في الاتفاق بما في ذلك إجراء الانتخابات.

وذكر إبراهيم ردًا على الذي يقول إن الرئيس عباس وضع "حماس" بعد هذا الطلب في الزواية: "المشروع الفلسطيني بأكمله يعيش في مأزق والوصول لاتفاق بالحد الأدنى بين الأطراف كافة هو الحل الأمثل لتجاوز هذا المأزق".