معبر بيت حانون

أثارات زيارات وفود أوروبية رسمية وصلت في الآونة الأخيرة إلى قطاع غزة تساؤلات المواطنين الغزيين، حيث ترى قيادات فلسطينية أن محور نقاش هذه الوفود تسهيل الأمور الحياتية مقابل تهدئة طويلة الأمد. وكان آخر تلك الزيارات لوزير "خارجية" التشيك لومبومير زاورالك، الذي وصل الأحد إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون "ايرز" وتفقد بعض المشاريع، وسبق هذا الوفد وزير "خارجية" ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير برفقة 60 شخصية.
ونفت حركة "حماس" أن يكون ملف التهدئة طويلة الأمد وتبادل الأسرى مع الاحتلال على أجندة الزيارة التي قام بها وزير "الخارجية" الألماني.

ورأى المحلل السياسي الدكتور فايز أبو شمالة، أن هذه الزيارات هي من قبيل ملء الفراغ الذي عبر عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه الأخير، بعد إعلان نتائج الانتخابات الإسرائيلية وصعود اليمين مجددًا.
وأفاد أبو شمالة أن التحرك الأوروبي، بدأ في اتجاهين: الأول في الضفة المحتلة عن طريق إعادة تفعيل المفاوضات، والثاني في غزة بما يضمن احتواء الموقف وعدم التصعيد.

ولمّح إلى وجود موقف أوروبي مقرّ بدور الرئيس محمود عباس المعطل لتحريك الأوضاع الراهنة، وهو سبب أساسي لهذا الحراك، موضحًا أن فحوى ما تتضمنه هذه الاتصالات تركز على بدء فك الحصار وتطبيق شروط المقاومة وفي مقدمتها المطار والميناء.
ونفى أن تكون "حماس" في موضع المستضعف سياسيًا، مشيرًا إلى أنها تملك الرؤية والحنكة التي من شأنها أن تعزز الحراك الراهن، بحسب تعبيره.
وتابع: "الجميع يسعى إلى عدم تجدد المواجهة المسلحة"، معتقدًا أن هذه الزيارات تشكل مدخلًا للاعتراف الدولي بالقضية الفلسطينية.

وأوضح رئيس اللجنة الدولية لاستقبال الوفود علاء البطة، أن هذه الزيارات هي من قبيل متابعة الأوضاع في قطاع غزة، نافيًا أن تكون في سياق كسر الحصار، مبينًا أنّ بعضها يأتي من قبيل استكشاف المواقف.
 وأضاف البطة أن بعض هذه الوفود تأتي لمراقبة عمل الحكومة، وبعضها للحوار مع "حماس"، أمّا أخرى فهي تعنى بمتابعة عمل جمعياتها التي تنشط في القطاع، مؤكدًا أن هدف الحراك عمومًا هو احتواء الموقف السياسي والميداني في قطاع غزة، بما لا يدع مجالًا للانفجار.

وأكد المحلل السياسي أسعد أبو شرخ، أن زيارة الوفود البرلمانية لقطاع غزة لها دلالات سياسية كبيرة وتضم النخب من الدول الذين جاؤوا منها، وستساهم في كسر الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر ثمانية أعوام.
ولفت أبو شرخ إلى أن الزيارات البرلمانية تساهم في حل القضايا العالقة كإعادة إعمار غزة، مشيرًا أن البرلمانيين يعودون إلى حكوماتهم محملين بصورة الوضع المأساوية في غزة.

ودعا المحلل السياسي فئات الشعوب العربية والأوروبية من مثقفين وأكاديميين كافة للقيام بحركة شعبية في أنحاء الوطن العربي والأوروبي من شأنها أن تحقق نتائج إيجابية وملموسة، وتمنح البرلمانيين فرصة الضغط على حكوماتهم للعمل على تخفيف الحصار، على حد تعبيره.
وذكر القيادي في "الجبهة الشعبية" الدكتور رباح مهنا، أنه في الآونة الأخيرة تكاثر وصول الوفود إلى قطاع غزة الأوروبية سواء من السويد النرويج وغيرها من الوفود سواء من قطر تركيا، وأن محور نقاش كل هذه الوفود هو تسهيل الأمور الحياتية لسكان قطاع غزة مقابل التهدئة طويلة الأمد.

وأوضح القيادي في "الشعبية" كايد الغول، في تصريحات أثناء زيارة الوفد الألماني إلى قطاع غزة برئاسة وزير "الخارجية" الأسبوع الماضي، أن الزيارة تحمل على الاعتقاد بأن هناك تقدمًا حصل في ملف تبادل الأسرى مع الاحتلال وفي ملف التهدئة طويلة الأمد المقرونة بوقف التسلّح وعدم تطوير قدرات المقاومة ووقف بناء الأنفاق، مقابل بناء الميناء وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار في غزة.

وعلق عضو المكتب الإعلامي لحزب "التحرير" في فلسطين حسن المدهون، على زيارات الوفود الأوروبية لقطاع غزة بالقول "لأعوام خلت بقيت الوفود الأوروبية تذهب وتروح لقطاع غزة في ظل الحصار المفروض على أهل القطاع وفي ظل حالة الانقسام السياسي بين طرفي السلطة، وهي تطورت من رحلات كسر الحصار عبر الوفود البرلمانية إلى وفود سياسية رسمية تضمنت زيارات لعدد من وزراء الخارجية الأوروبيين خلال الشهور الماضية مع ما تحمل من أطروحات سياسية، وها هو وزير الخارجية الألماني يزور قطاع غزة ضمن وفد كبير مكون من ستين شخصية".
وأضاف المدهون "ما كان لهذه الوفود التي تبدي الحرص على معاناة أهل قطاع غزة أن تأتي وتذرف الدموع الكاذبة أن تجد لها مدخلا لغزة لو وجد في الأمة اليوم من يغيث أهل فلسطين ويرفع عنهم الحصار بل ويحرك الجيوش لقلع كيان يهود كله، بل بدلا من ذلك تتآمر الأنظمة على غزة وفلسطين".

وحول الوفد الألماني خصوصًا أردف المدهون "إذ تبدي تلك الوفود ومنها وزير الخارجية الألماني التعاطف الكاذب مع معاناة أهل غزة فهي تحرص على حماية كيان يهود عبر مبادراتها السياسية، وفي هذا السياق يُفهم تصريح الوزير الألماني أن غزة مثل برميل بارود ولا يجب أن نتركه ينفجر، ولذلك يحصر أفق الحل السياسي التي تروج له الدول الغربية في مقولة الأمن مقابل الحياة، كيف لا وألمانيا هي أبرز الدول الداعمة بالسلاح لكيان يهود، وخصوصًا في مجال التسليح البحري وبناء الغواصات".
وشدد المدهون على أنه، يتوجب على كل مخلص من أهل فلسطين أن يرفض تلك الزيارات الاستعمارية، وأن يتصدّى لما تحمل من مبادرات سياسية.