مهند الشريف الطبيب المهرّج

أدرك مهند محمود شريف خريج كلية الإعلام من جامعة النجاح الوطنية عام 2009، الذي جمع ما بين التخصص والموهبة، أنّ هوايته في أن يصبح مهرجًا للأطفال هي وحدها الطريق الذي سيؤدي به في نهاية المطاف إلى الحلم والشهرة. وعمل مهند، عقب تخرجه، في صحيفة محلية فلسطينية، ثم إنتقل من مزاولة مهنة الصحافة إلى مهنة المهرج، التي أحبها كثيرًا، ومارسها قبل أن يمتهن الصحافة ويتخصص بها جامعيًا.

وتمكّن مهند مبركًا من إدراك الجانب الكوميدي في حياته، وهو ما جعله يسعى بجدية أكبر لتطوير هذه الموهبة، فمنذ التحاقة بجامعة النجاح الوطنية بدأ يعمل مع الجمعيات الخيرية للأطفال، بالتعاون مع مركز الخدمة المجتمعية، واستطاع أن يتقمص دور مهرج الأطفال، وأن يلعب مع الأطفال كمهرج حقيقي، في محافظات ومدن الضفة الغربية كافة، امتدت من جنين شمالًا حتى الخليل جنوبًا، وهكذا بدأ مشواره ودوره كمهرج، الذي بدأ يُعرف على مستوى واسع بين الأطفال والمؤسسات والشركات الفلسطينية.

وفكر الشريف كثيرًا في تطوير ذاته كمهرج على أسس صحيحة، كما هو الحال في البلاد التي تؤمن بالجانب النفسي الذي يلعبة المهرج المدرب تدريبًا صحيحًا في التأثير على النفسيات للأفضل، فبدأ بتلقي دورات في الخارج، وتدرب جيدًا كيف يكون الطبيب المهرج للأطفال داخل المستشفيات، وذلك بعد تيقنهِ من وجود نقص في فلسطين في هذا الجانبـ، حيث وجد أنّ هناك مهرجين يقدمون دعمًا نفسيًا للطفل المريض فيحاول المهرج من التحفيف عنه وعن المرافقين أيضًا.

ووجد الشريف صعوبة في إدخال فكرة "المهرج الطبيب" إلى مشافي الضفة الغربية، لكنة عمل جادًا على النجاح بفكرته، التي قدم عبرها دعمًا جميلًا يتركز على ملاعبة الأطفال وممازحتهم، والغناء لهم، وقراءة القصص.

ولاقت الفكرة فيما بعد نجاحًا واسعًا، تناولته وسائل الإعلام المختلفة، وتبنته معظم  الجمعيات الخيرية التي تُعنى بالأطفال، بمساعدة المهرج "عمو مهند"، كما يطلق على نفسه، كذلك أثنى الأطباء والمدراء على هذه الفكرة، التي ساهمت بطريقة مباشرة في التأثير على نفسيات الأطفال، وتسريع شفائهم.

وأثنى مدير المجمع الطبي الفلسطيني في رام الله أحمد البيتاوي على فكرة "الطبيب المهرج"، مؤكدًا أثرها الشديد والواضح في إعادة الأمل لنفوس الأطفال المرضى، ووفرت لهم فرصة جديدة للعب داخل المشفى، وهم يتلقون العلاج، وكأنهم في مدينة للملاهي.
وأكّد البيتاوي أن "ذلك له بالغ الأثر في تحسين وضعهم الصحي الجسدي، لاسيما أن هناك رابطًا بين العامل النفسي والعلاج العضوي".

وكشف الشريف أنه "أفكر دومًا في طرق جديدة لتطوير ذاتي وشخصيتي كمهرج مبتكر، فكانت فكرة مهرج الأعراس إحدى الأفكار التي لاقت رواجًا ناجحًا بحيث توجد هناك زاوية مخصصة للأطفال في العرس حتى ينشغل الأطفال، وهذا يفيد العروسين والمعازيم، ما يوفر سعادة للأطفال، وتنظيمًا أكثر للعرس في الصالة".

وأضاف "منذ ثلاثة أعوام جئت بفكرة لتقديم المواد التعليمية في المدارس بطريقة إبداعية للمرحلة الأساسية، وقد لاقت الفكرة القبول من طرف المدرسين حيث أن المدارس تفتقر للكثير من الأنشطة اللامنهجية، لذلك فكرت بأنشطة".

ولم يترك الشريف دوره كصحافي وإعلامي، بل هو يعتبر نفسهُ متخصصًا في مجال إعلام الأطفال، فيسعى دومًا إلى تقديم ما يحدث في فلسطين من قضايا سياسية واجتماعية، عبر برنامجه الإذاعي "حكي صغار"، مستخدمًا مصطلحات تتناسب وأعمارهم بطريقة مدروسة، مشيرًا إلى أنه "في صدد تحضير برنامج تلفزيوني عن الأطفال، ليعمل به في السياق ذاته".

ويعتبر الشريف المصور الوحيد المتخصص بتصوير الأطفال، الذي يقوم بتصويرهم بطريقة جمالية وإبداعية مقدمًا لهم رسومات على الوجوه بأشكال مختلفة.

ولم يقتصر عمل الشريف على ذلك، بل امتهن تسويق السلع للمؤسسات والشركات، فتقمص شخصية "دردوش"، التابعة لشركة "جوال"، ودخل الجامعات الفلسطينية واندمج مع طلبتها ، كذلك ساهم في تسويق المنتج الوطني، ومنها منتجات شركة "سنقرط"، عبر تمثيله دور "علي بابا"، الذي استطاع به دخول مدن الضفة ما أدى إلى زيادة في المبيعات.

وأشار الشريف إلى أنه "عند التخرج عملت مع صحيفة الاقتصادية، وأنتجت تحقيقًا صحافيًا عن الأطعمة الفاسدة، حيث واجهت الصعوبات في الحصول على معلومات بشأنها، بشخصيتي الطبيعية، فساعدتني شخصيتي كمهرج من الدخول إلى قلوب الناس، وتحدث المواطن للمهرج عمو مهند، الذي حمل المسجل الخاص بكل المعلومات الخطيرة عن الأطعمة الفاسدة، وكيفية تسويقها وتهريبها، وقدمها للناس والجهات المعنية بطريقة كوميدية مضحكة".

وأبرز الشريف "أجد من عملي هذا مردودًا ماديًا جيدًا يؤهلني للعيش الجيد، كما أني أجده عملاً إنسانيًا، وملتزم فيه كثيرًا من الإبداع والإبتكار، وأنا ماضِ في طريقي للنجاح أكثر حتى أحقق مزيدًا من الشهرة".