الدار البيضاء - عثمان الرضواني
عزت دراسة أنجزها "مرصد الشمال لحقوق الإنسان"، التحاق مجموعة من الشباب المنحدرين من منطقة شمال المغرب خصوصًا تطوان، بجبهات القتال في سورية والعراق، إلى مستواهم التعليمي والثقافي والسياسي المحدود، ومشاكل ذاتية تتمثل في الانطواء، وعدم التكيف والتوافق الاجتماعي والعزلة.
وكشفت الدراسة التي تُعد أول بحث ميداني بشأن المواصفات "السوسيو ديمغرافية" للشباب المقاتل في سورية والعراق والمنحدرين من شمال المغرب، وصلت "فلسطين اليوم" نسخة عنها، أنَّ 74 في المائة من العينة المبحوثة من فئة اجتماعية متدنية تقطن أحياء هامشية، في حين أنَّ 23 في المائة فقط ينتمون إلى الطبقة المتوسطة.
وأظهرت، أنَّ العينة المبحوثة لم يسبق لها الانخراط في أي حزب سياسي أو جمعية مدنية، وهو ما يعني فشلها في القيام بالدور المنوط بها في التأطير، وذلك عن طريق تنظيم وتكوين، وإشراك المواطنين في تهيئة وتقييم القرار السياسي، فيما 10 في المائة فقط هم اللذين سبق لهم الانخراط في الحركات الاجتماعية وهي حركة "20 فبراير"، ثم بعد ذلك انخرطوا في الوقفات الاحتجاجية للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين السياسيين، التي كانت تنظم كل أسبوع في مدن تطوان، المضيق، الفنيدق ومرتيل.
وأشار الدراسة إلى أنَّ نسبة 10 في المائة فقط من المنخرطين في الحركات الاجتماعية الاحتجاجية ينطبق غالبًا على الشباب، الذين التحقوا أثناء بداية الثورة السورية، الجيل الأول، في حين أنَّ90 في المائة لم يمارسوا أي نشاط ضمن هاتين الحركتين.
وحسب المؤهل التعليمي، لوحظ أنَّ أكثر من 57 في المائة من العينة المبحوثة مستواها التعليمي ابتدائي، وهو ما يجعل هذه الفئة سهلة للاستقطاب وغسل الدماغ والانضمام للجماعات المتطرفة، في حين بلغ العينة ذات المستوى التعليمي إعدادي 27 في المائة مقابل 6 في المائة ثانوي و10 في المائة جامعي.
ويلاحظ أنَّ 40 في المائة من الملتحقين بسورية تم استقطابهم بشكل تقليدي، حسب ما أفاد به أقارب وأصدقاء المقاتلين، ويمثلون الجيل الأول الذي هاجر مباشرة بعد اندلاع الثورة السورية وإطلاق لنداء النفير العام لأرض الشام، حيث لوحظ تغيرات في سلوكياتهم تتمثل أساسًا في الالتزام باللباس الإسلامي والمحافظة على الصلوات الخمس، مع المطالعة لكتب دينية بسيطة تحث على القتال والجهاد، يتبعها الانخراط في وقفات حركة "20 فبراير" ثم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، وحضور أنشطة اجتماعية للمجموعة من السلفيين تتميز بالانغلاق منها حفلات العقيقة.
أما 60 في المائة من العينة فإنهم يمثلون الجيل الثاني (2013 و2014)، اللذين تم استقطابهم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي بعد حملة السلطة الأمنية المغربية، التي عرفت توقيف الراغبين في الالتحاق بسورية والعراق مع إحالتهم على محاكم المختصة وتفكيك خلايا متطرفة.
وتميَّزت هذه المرحلة بالتواصل والتفاعل المباشرة بين خلايا الاستقطاب، الذي يقودها مغاربة في سورية والعراق عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وتتميز هذه الطريقة بالانفلات من المراقبة الأمنية، سرعة التواصل والتفاعل، وسهولة التغرير، ولا تبدأ مرحلة الشحن الإيديولوجي إلا بعد التحاقهم بمعسكرات متخصصة لذلك في سورية والعراق قبل دمجهم في جبهات القتال.