أكثر من 100 ألف مواطن عراقي نزحوا بسبب المعارك ولا يجدون مأوى

شنَّ تنظيم "داعش" هجمات مضادة على القوات الحكومية العراقية التي تخوض معارك ضارية من أجل تحرير محافظة الأنباء بعد سلسلة الإنجازات الكبيرة التي حققتها خلال الأسابيع الماضية، حيث استعاد الجيش الأراضي التي سيطر عليها "داعش" في العام الماضي والتي امتدت من الحدود السورية إلى المشارف الغربية لبغداد.

واضطر عشرات الآلاف من العراقيين للفرار من محافظة الأنبار غرب العراق منذ بداية نيسان/ أبريل الجاري، إثر المعارك الضارية، حيث تقدر أعداد اللاجئين من سكان المحافظة بـ100 ألف لاجئ على الأقل نتيجة القتال حول عاصمة الإقليم الرمادي في الأسابيع الأخيرة؟
وأكد مصادر مطلعة، أنَّ تنظيم "داعش" شنَّ هجمات مضادة على القوات الحكومية في محاولة لاستكمال سيطرته على المدينة الرئيسية، وبدأ شن هجمات جديدة في أماكن أخرى من الأنبار، في الوقت الذي يحذر فيه مسؤولون من الأوضاع الإنسانية والمجاعة التي تهدد السكان تحت سيطرة "داعش".

وأوضحت المصادر أنَ تقدم "داعش" الجديد يمثل انتكاسة لحكومة بغداد بعد النجاح الواضح في دحره من وسط مدينة تكريت الشهر الماضي، مشيرة إلى أنَّ المسؤولين العراقيين يكافحون لاستيعاب تدفق غير متوقع من النازحين، قد يصل إلى 2.7 مليون نازح في العراق منذ بداية العام الماضي، خصوصًا أنَّ الآلاف من الأسر الهاربة من الرمادي اتجهت إلى بغداد على بعد 80 ميلا شرق.

وأعلن رئيس منظمة "أطباء بلا حدود" فابيو فوريوني، أنَ الكثير من الفارين يعانون من التهابات الجهاز التنفسي والأمراض المزمنة، موضحًا: "الأسر الفقيرة سارت أيام عدة ليصلوا في النهاية إلى سجن أبو غريب، غرب بغداد، في حالة يرثى لها، لا سيما الأطفال وكبار السن".

وأضاف فوريوني: "أولئك الذين فروا من الرمادي في الأسابيع الأخيرة تحدثوا عن الدمار بعد أن استولى المتطرفون على مناطق جديدة في المدينة، ولكنهم تحدثوا أيضا عن الصعوبات التي واجهتهم في العثور على ملاذ أمن في مناطق أخرى من العراق".

كما وصف محاسب من مدينة الرمادي، طلب عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام، حالة الذعر التي أصابته؛ لأنه استيقظ قبل الفجر يوم 16نيسان/ أبريل على صوت قتال شوارع، موضحًا أنَّه لم يكن هناك كهرباء، وعندما افتتح الستائر ليرى ما في الخارج، قال إنه يمكن أن يرى أمطارًا من الرصاص وقذائف السماء المظلمة تتقاطع مساراتها".

وتابع :"أيقظت أعمامي وإخوتي وطلبت منهم الاستعداد لأننا نواجه هجومًا لداعش، لقد رأيت عائلات الفارين من خط الجبهة الواقع على بعد نحو 600 متر من بيتي".

وأفاد بأنَ "داعش" تمكن من السيطرة على صوفيا، مشيرًا إلى أنَّه قضى خمسة أيام سفر بطول الطرق الصحراوية مع زوجته وأربعة أطفال، قبل وصولهم إلى جسر مزدحم يؤدي إلى بغداد.

واستطرد: "رأيت الآلاف من الناس هناك، وجميعهم من الرمادي، وتم إغلاق جسر دون الأطفال والنساء وكبار السن من الرجال الذين كانوا يقفون في انتظار فتحه تحت الشمس الحارقة، وأخيرًا سمح لهم بالعبور سيرًا على الأقدام".

وبيَّن أنَّ "السنة الفارين من المتطرفين إلى مدينة ذات الغالبية الشيعية، كان يحيط بهم الشك ولم يكن سهلا أن يدخلوا المدينة، حيث اضطر الكثير منهم للنوم في الصحراء خارج العاصمة"، لافتًا إلى أنَّه هرب مع عائلته في وقت لاحق من الشمال إلى كردستان العراق، عن طريق الجو، ويأوي الآن في شقة مستأجرة في بلدة عطلة شقلاوة".

يُذكر أنَّ القوات العراقية الخاصة كانت قد تحركت منذ ذلك الحين إلى الرمادي وحاولت تأمين أكثر من في جزء من المدينة، وأوضح مسؤول في مجلس محافظة الأنبار أنَّ 20 في المائة من الرمادي تحت سيطرة الحكومة، مبرزًا أنَّ القتال ما زال مستمرا بين "داعش" والقوات الحكومية.

ووصف المواطن العراقي عبد الستار حامد (50 عامًا) الذي وصل أيضا إلى شقلاوة بعد فراره من الرمادي، مشاهد مرعبة في اليوم الذي اجتاحت فيه "داعش" الحي الذي يقيم فيه، موضحًا أنَّ سيارة ملغومة دمرت منزل ابن عمه وأصابته بالشظايا.