شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية

أكدّ حقوقيون وممثلو منظمات أهلية، ضرورة تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في إعادة الأمل وتعزيز الصمود عند الشعب الفلسطيني، والعمل على وقف حالة التدهور الحاصلة في قطاع غزة والضفة الغربية في كافة مناحي الحياة بسبب الانقسام الذي طال أمده.

جاء ذلك جلال جلسة حوار نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في فندق "جراند بلاس" على شاطئ بحر مدينة فو مساء الخميس، تحت عنوان "التحديات الوطنية ودور العمل الأهلي"، وذلك ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA، حضرها مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان عصام العاروري، ووفد من مجلس منظمات حقوق الإنسان من الضفة الغربية، وعدد كبير من المحامين والحقوقيين وممثلو منظمات أهلية.

وشدد الحقوقيون من محافظات الضفة وقطاع غزة، على وقف التراشق الإعلامي والخطاب الإعلامي العقيم الذي تزداد وتيرته بين الحين والآخر ويساهم في تعميق الأزمة ويزيد من حدة الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس، الأمر الذي ينعكس سلبًا على كافة المواطنين في الضفة وغزة الذين يعانون الفقر والجوع والحصار بسبب سياسة الاحتلال العدوانية.

وطالب المشاركون بوقف الانتهاكات التي تمارس بحق المواطنين سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة من قبل أجهزة أمن السلطة وحكومة الأمر الواقع في غزة، وما ينتج عن هذه السياسة من ردود فعل سلبية سواء تمثلت بالاعتقالات السياسية أو انتهاك حقوق الإنسان.

وبدأت الجلسة بكلمة مدير الشبكة أمجد الشوا الذي أكد فيها أن هذه الزيارة لوفد حقوقيين من الضفة لغزة مهمة جدًا وتعتبر فرصة مهمة في ظل الحصار المشدد والمفروض على قطاع غزة وفي ظل الانفصال المؤسف على مدار سنوات طويلة وعدم تمكننا من الانتقال سواء من غزة إلى الضفة الغربية أو إلى الخارج.

ولفت الشوا إلى أن حجم التحديات التي يمر بها المجتمع المدني الفلسطيني كبيرة جدًا في ظل حالة التدهور الحاصل على كافة الصعد في قطاع غزة بما فيها الواقع الإنساني، وأيضًا على المستوى السياسي فيما يتعلق بالانقسام والزيارة الأخيرة الفاشلة بجدارة لحكومة التوافق الوطني، وعلى صعيد أولويات شعبنا فيما يتعلق بالانتخابات وغيرها من القضايا.

وأشار الشوا إلى ممارسات الاحتلال المستمرة والهادفة إلى فصل غزة بشكل واضح عن المشروع الفلسطيني، لكن هذه الزيارة تأتي في إطار تمسك المجتمع المدني بوحدة النسيج الفلسطيني ورفضه لأية قرارات وممارسات من شأنها تحديد هذا الفصل وتأكيده، وهذه رسالة مهمة من أجل تعزيز هذه الفعاليات والنشاطات المشتركة وتعزيز رؤية موحدة.

وأوضح أن هذه الجلسة مع مؤسسات مجلس حقوق الإنسان والاجتماع السابق مع الشبكة في الضفة، تضع الكثير من الأمور في نصابها فيما يتعلق بوحدة المجتمع المدني الفلسطيني وتؤكد على الرغم من سوء الوضع الإنساني والكارثي أن المشروع الوطني دائمًا على سلم أولوياتنا وليس التفاصيل الحياتية، وذلك رفضًا لأي مخطط لفصل الضفة عن غزة.

وتحدث العاروري عن الحالة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الآن، قائلًا إنها ربما تكون هي من أسوأ الحالات في العالم، حيث أن أكبر نسبة في التاريخ هي أن 800 ألف فلسطيني دخلوا السجون الإسرائيلية، وهذه نسبة غير مسبوقة في تاريخ حركات التحرر العربية والعالمية، ولكن يُعتبر الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب اعتزازًا بنفسه وبوطنيته وانتمائه.

وأكدّ دور منظمات المجتمع المدني وحاجتها إلى ترتيب الأولويات وإدانة التعديات الحاصلة في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي تشكل مساسًا صارخًا للقانون الأساسي، موضحًا أنها تشهد تصاعدًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة فيما ارتفع منسوب التعديات بمختلف أشكالها لتصل ذروتها في عام 2015 الجاري.

ودعا العاروري إلى إيجاد جبهة موحدة تضم القوى السياسية والاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والكتل البرلمانية للتصدي لهذه الاعتداءات بشكل موحد، كما طالب بتفعيل عمل المجلس التشريعي لوقف تغول السلطة التنفيذية في ظل استمرار حالة الانقسام الداخلي وآثاره المدمرة على المشروع الوطني برمته.

وقدّم عضو اللجنة التنسيقية للشبكة عصام العاروري استعراضًا لأهم التعديات التي تشكل مؤشرات خطيرة على تدهور حالة حقوق الإنسان في فلسطين من بينها وصول الأمر للاعتداء على أعضاء في المجلس التشريعي وسلسة طويلة شملت أيضًا وزراء وأعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، معتبرًا أن العام 2014 هو الأسوأ منذ نشوء السلطة وبعد وقوع الانقسام قبل حوالي ثمانية سنوات ليصل الأمر إلى استهداف المشروع الوطني برمته عبر ممارسات تحتاج إلى مراجعة واضحة واستخلاص العبر بصورة جدية لوقف هذه التعديّات التي طالت قضايا جوهرية بما فيها فصل السلطات وبما تؤدي من حالة التآكل الحاصل في النظام السياسي.

وبيَّن العاروروي، أن عام 2014 شهد 11 عملية قتل في الضفة لمواطنين لأسباب مختلفة، فيما استمر التعذيب وورود شكاوى حول تعرض مواطنين لانتهاك حقوقهم، إضافة للاعتقال السياسي والتعسفي، فيما شهد الحق في تشكيل الجمعيات هو أيضًا تراجعًا ملحوظًا.

وأكد المحامي صهيب الشريف من مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، أن أهم التحديات الوطنية هي الانقسام السياسي الحاصل بين الضفة وغزة والذي امتد إلى 8 سنوات ومن ثم انتقل إلى المواطن، قائلًا: "وهذا يتطلب من منظمات المجتمع المدني أن تُعيد الحديث عن المشروع الوطني وتعزيز الروابط بين الضفة وغزة".

وقال الشريف: "إن الساحة الفلسطينية تعيش الآن في ظل أوضاع مقلقة للغاية، موضحًا أن حالة حقوق الإنسان باتت تتطلب رفع درجة التنسيق بين مختلف الأطراف لمعالجة الموضوع، لاسيما من خلال التأثير والعمل المباشر لمؤسسات المجتمع المدني.

وأشار إلى حالة السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وحتى الرابعة الإعلامية تنتهك أيضًا بشكل واضح على أيدي السلطة التنفيذية، معبرًا عن تخوفه من الاستيلاء على المؤسسات الأهلية عبر قوانين ومشاريع قوانين جديدة.

واتهم المؤسسات الأهلية بالتقصير في الدفاع عن حقوقها، لاسيما العلاقة مع وزارات الاختصاص، مؤكدًا أن المواطن يلمس بوضوح تصاعد الاعتداءات على حالة حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة.