مشهد سابق من الانتخابات الأميركية

قرّر حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش التنحي من منصب مستشار بالأجر لدى شركة تعليمية هادفة للربح، تتولى بيع دورات تدريبية عبر الإنترنت لطلاب الجامعات العامة مقابل حصة من رسوم دراستهم، مع تزايد احتمالات ترشحه لانتخابات الرئاسة الأميركية.

ويأتي هذا القرار باعتباره حلقة في سلسلة من الخطوات التي اتخذها، أخيرًا، بغية إنهاء مصالح عادت عليه بالثراء، منذ رحيله عن منصبه الرسمي عام 2007.

وتنحى الحاكم السابق لولاية فلوريدا عن عضوية جميع مجالس المؤسسات التجارية، والأخرى غير الهادفة للربح، التي سبق له التعاون معها، بما في ذلك رئاسة مؤسسته التعليمية "إفيكتيف توداي".

من جهتها، أوضحت المتحدثة الرسمية باسم بوش، كريستي كامبل، أنَّ "قراره بالنأي بنفسه عن أعماله بالقطاع الخاص يعد جزءًا من عملية يمر بها في إطار انتقاله نحو التركيز على ترشحه المحتمل للرئاسة، وهذه خطوة تالية منطقية ستمكنه من التركيز على ترشحه المحتمل".

وتسلّط هذه الجهود الضوء على مدى الاستعداد الذي يبديه بوش، الذي أصبح المرشح المحتمل المفضل لدى الكثير من كبار المتبرعين للحزب "الجمهوري"، وجاء على رأس أو قرب القمة في استطلاعات الرأي المعنية بالمرشحين الرئاسيين المحتملين عن الحزب، لاتخاذ خطوات تجنبه المشاكل التي أضرت الحزب عام 2012، حين ناضل المرشح الرئاسي عن الجمهوريين ميت رومني، مؤسس صندوق استثماري خاص، لشرح خلفيته التجارية، بينما تعرض للهجوم من منافسيه داخل الحزب، ومن طرف الرئيس باراك أوباما.

وأبدى بوش(61 عامًا)، في تصريح إعلامي، أواخر العام الماضي، أسفه للأسلوب الذي تعامل به رومني مع الانتقادات، معتبرًا أنه "سمح لنفسه بالانجذاب بعيدًا عن الرسالة الأساسية، وأنه كان ينبغي عليه إبلاغ الناخبين بأنه شخص قادر على حل المشاكل، وحياته كلها دارت على بناء الأشياء".

وعن سجله التجاري، كشف بوش "لست خجلا منه، فخوض المخاطر وخلق الوظائف أمر ينبغي أن نتوسع فيه".

وأشار مساعدوه إلى "رغبته في تكريس مزيد من وقته للشأن السياسي، عوضًا عن الاهتمام بالتزاماته التجارية"، بيد أن مساعيه الراهنة للابتعاد عن تلك المصالح قد تجنبه مشاكل سياسية في وقت يستعد فيه لتسليط مزيد من الأضواء العامة عليه، مع خوضه سباقًا داخل الحزب الجمهوري، للفوز بالترشح للرئاسة عن الحزب.

وأبرز المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "أكاديميك بارتنرشيبس" راندي بيست أنّ "الحصة المالية لبوش في الشركة تعد ضئيلة نسبيًا بالنسبة لمليونير مثله؛ فهو يتلقى أجرًا قيمته 60 ألف دولار سنويًا، ويمتلك حصة صغيرة. لكن مع ذلك، فإن ارتباط بوش بالشركة، التي تملك تعاقدات مع فلوريدا وتكساس وقرابة 6 ولايات أخرى وتحقق مبيعات سنوية بقيمة 100 مليون دولار، يمكن أن يعقد جهوده الرامية لتعزيز سجله بوصفه مصلحًا تعليميًا".

وأضاف بيست، رجل الأعمال من تكساس، وأحد كبار المتبرعين في المجال السياسي، ردًا على الانتقادات الموجّهة للشركة في شأن تلقيها ما يصل إلى 70% من مصاريف الدراسة التي يدفعها بعض الطلاب للجامعات العامة، وتستقطب المال بعيدًا عن المؤسسات العامة، وتفرض سيطرة مفرطة على القرارات الأكاديمية، أنَّ "شركته زادت من قدرة الأساتذة الأكاديميين على التواصل مع طلاب عبر الإنترنت، وعاونت المدارس على اجتذاب دخول إضافية".

وكشف أحد مساعدي بوش أنّه "يراجع مصالحه التجارية الأخرى، التي يعد شريكًا أساسيًا أو مالكًا فيها، مثل (جيب بوش آند أسوشيتس)، وهي شركة استشارات، و(بريتون هيل بارتنرشيب)، وهي مجموعة استشارية تجارية أسست عام 2013 صناديق استثمارية خاصة، استثمرت في مجالي الطاقة والطيران.

يذكر أن نشاطات بوش التجارية أقل كثيرا من نشاطات رومني الذي أسس أحد أنجح شركات الاستثمار الخاصة على مستوى الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبقى الأمر معقدا ويمكن أن يفرز مشكلات سياسية لارتباطه بمجموعة واسعة من الصناعات والشركات.

وأعلن بوش، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عن إنهاء علاقته الاستشارية بالمؤسسة الاستثمارية المصرفية البريطانية العملاقة"باركليز"، التي دفعت له أكثر من مليون دولار سنويًا، وقد خضع المصرف، مثلما هو الحال مع العناصر الكبرى الفاعلة في "وول ستريت"، لتفحص دقيق في الأعوام الأخيرة، بسبب مزاعم بوقوع تلاعب في معدلات الفائدة وتقديم ميزات خاصة لكبار المتعاملين.

وكشفت التقارير الأخيرة الصادرة عن هيئة الأوراق المالية والتداولات الأميركية، أنَّ "بوش قرر الرحيل عن مجلس إدارة 2 من الشركات التي يجري التداول العلني فيهما، هما (رايونير)، التي تستثمر في أراضي الغابات، و(تينيت هيلث كير)، التي ساندت مبادرة التأمين الصحي التي أطلقها الرئيس أوباما وانتفعت من إقرارها".

وحصل بوش من "تينيت هيلث كير" على نحو 2.1 مليون دولار، منذ انضمامه لمجلس إدارتها عام 2007، وتشير التقارير إلى أنّه باع جزءًا من حصته في الشركة على مدار الأعوام الماضية، وفي 14 آذار/ مارس، كشف تقرير عن هيئة الأوراق المالية والتداولات الأميركية أنَّ بوش امتلك 59.403 أسهم من أسهم "تينيت" بقيمة تجاوزت 3 ملايين دولار.

وأكّد المتابعون للأحزاب الأميركيّة ونشاط مرشحيها المحتملين، أنَّ "أكاديميك بارتنرشيبس" تحتل مكانة متميزة في الأجندة التجارية لبوش؛ لأنها مكنته من الجمع بين قضية سياسة عامة يهتم بها واستثمار تجاري.

ونبعت سمعة بوش بوصفه مصلحًا تعليميًا من عمله المنصبّ على الطلاب من فترة الحضانة حتى الصف الـ12 من التعليم، عندما كان حاكمًا، وبوصفه رئيسًا لمؤسسة تعنى بالتعليم.

وكان من أنصار التعليم عبر الإنترنت بوصفه أداة لتوسيع نطاق الفرص المتاحة أمام الطلاب، ومع أنَّ ارتباط بوش بالشركة بدأ بعد رحيله عن منصبه الرسمي بأعوام، فإن بيست أجرى اتصالات معه في شأن شراكة تجارية محتملة قبل تركه المنصب.

وعمل بوش،عبر دوره مستشارًا، على "إدارة الأفكار ومناقشتها"، في الوقت الذي أخذت فيه الشركة في التوسع، كما ساعد في ترؤس مؤتمرين عن مستقبل التعليم استضافتهما الشركة.

وساهم بوش وحاكم نورث كارولينا الديمقراطي جيم هنت، في اجتذاب عدد من المتحدثين البارزين، بينهم المرشحة الرئاسية المحتملة عن "الحزب الديمقراطي" هيلاري كلينتون، التي ألقت خطابًا أثناء اجتماع في آذار/مارس، عن التعليم العالمي.