غزة – محمد حبيب
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، الثلاثاء عن أن إسرائيل تعمل على تجنيد أغلبية في الكونغرس الأميركي لتكبيل أيدي البيت الأبيض ومنعه من إقرار الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران المتوقع نهاية حزيران/يونيو المقبل.
ونشرت الصحيفة تقريرًا يشير إلى أن إسرائيل تعتزم السير في مسارين متوازيين لإحباط الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران، الأول مواصلة الضغط على البيت الأبيض والثاني محاربته من الداخل من خلال تجنيد أغلبية ضد الاتفاق داخل الكونغرس الأميركي.
وأوضحت "هآرتس" أن أحد مشاريع القوانين المطروحة في الكونغرس والذي تدعمه إسرائيل هو مشروع القانون الذي طرحه رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، الجمهوري بوب كوركر، والذي يفرض رقابة صارمة من جانب الكونغرس على الاتفاق ويقضي بتحديد مهلة زمنية مدتها 60 يومًا بعد التوصل لاتفاق لدراسته في الكونغرس وإخضاعه لرقابة صارمة.
ويفرض مشروع القانون على الإدارة الأميركية تحويل تقارير مفصّلة للكونغرس والخضوع لاستجوابات حوله، ويشترط رفع العقوبات عن إيران بقرار من لجنتي الخارجية في البرلمان ومجلس الشيوخ.
وتطالب إسرائيل بإدخال بند لمشروع القانون يعتبر الاتفاق مع إيران "معاهدة" تتطلب إقرار الكونغرس الأميركي.
ويعترض البيت الأبيض على مشروع القانون ومن الطبيعي أن يفرض عليه فيتو رئاسي، ولتجاوز الفيتو الرئاسي يتطلب 67 عضوًا من مجلس شيوخ، وبما أن عدد أعضاء الحزب الجمهوري 54 فهم بحاحة إلى 13 عضوًا من الحزب الديمقراطي.
وفي ظل الأوضاع السياسية الحالية في الولايات المتحدة لا سيما بعد خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الكونغرس الذي أدى إلى اصطفافات واضحة بين الديمقراطيين والجمهوريين فإن الحديث يدور عن مهمة صعبة بل مستحيلة وحرب خاسرة لإسرائيل لا يمكن توقع تداعياتها.
وفي المقابل، ذكر مسؤول إسرائيلي أن الحكومة ستواصل اتصالاتها مع البيت الأبيض من أجل التأثير على شكل الاتفاق النهائي مع إيران.
وقدمت إسرائيل يوم الأثنين سلسلة مطالب متعلقة بالاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، وعرض وزير الاستخبارات يوفال شطاينتس مطالب إسرائيل في مؤتمر صحافي عقد يوم الأثنين.
وبيّن شطاينتس أن تطمينات الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن أمن إسرائيل غير كافية وأنه يجب تعديل الاتفاق المرحلي بشكل جذري وأن خيار استخدام القوة يبقى "على الطاولة" بالنسبة لإسرائيل.
ومن مطالب إسرائيل وقف إيران الأبحاث على أجهزة الطرد المركزي الحديثة وتطويرها.
وأعرب الوزير الإسرائيلي عن القلق من أن تكون إيران في حال إذا سُمح لها بإجراء هذه الأبحاث، قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج قنبلة ذرية خلال ثلاثة أو أربعة أشهر.
كما تحدّث عن خفض عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستستمر إيران في تشغيلها وإغلاق موقع فوردو للتخصيب تحت الأرض ونقل مخزون اليورانيوم الضعيف التخصيب المنتج خارج إيران والسماح للمفتشين الدوليين الذين سيحرصون على تطبيق الاتفاق "بزيارة أي موقع في أي وقت" ومطالبة إيران بالكشف عن كل أنشطتها النووية السابقة والتي يشتبه بأن لها بعدًا عسكريًا.
وصرّح للصحافيين بأنه مع هذه التعديلات البسيطة "لن يكون الاتفاق جيدًا بل سيكون مقبولًا أكثر".
وذكر الوزير أن "الدراسة الشاملة (التي أجرتها إسرائيل) لاتفاق الإطار في لوزان كشفت إثر التنازلات غير المسؤولة التي قدمت لإيران".
وقال إنه "يثمن تطمينات أوباما المتعلقة بالدعم الأميركي لإسرائيل في حال تعرضها لتهديدات" مضيفًا أنها غير كافية.
وأعلن أن اسرائيل تفضل الحل الدبلوماسي لكن الخيار العسكري "كان ولا يزال وسيبقى على الطاولة".
وذكر معقبًا على تصريحات أوباما "إذا أنتجت إيران السلاح النووي فهذا سيشكل تهديدًا على وجود إسرائيل، لا أحد يمكنه أن يقول لنا أن دعمنا ومساعدتنا كافيان في مواجهة هذا التهديد".
وأضاف شطاينتس "كذلك إذا استخدمت إيران الدولة الأولى في دعم المجموعات المتطرفة" تدفق الأموال جرّاء رفع العقوبات الدولية عنها لتسليح أعداء إسرائيل مثل حزب الله في لبنان أو حماس في غزة، "من الجيد أن تساعدنا الولايات المتحدة (...) لكن ذلك لا يكفي".
وأوضح أن إسرائيل "ستكثف جهودها لإقناع الإدارة (الأميركية) والكونغرس (الأميركي) وبريطانيا وفرنسا وروسيا ... بعدم توقيع هذا الاتفاق السيء أو أقله تعديله بشكل جذري".
وأكدّ أن قسمًا كبيرًا من الجهود الدبلوماسية "الإسرائيلية" ستخصص للكونغرس "الذي يعد أهم جهة الآن" في هذا الملف.
وندّد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي، ميتش ماكونيل، يوم الأثنين بـ "التنازلات" التي قدّمتها إدارة أوباما لطهران في الاتفاق المرحلي بشأن البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أن المجلس متمسك بحقه في أن تكون له كلمة في هذا الشأن.
وأردف ماكونيل في بيان أنه "يجب على الإدارة أن تشرح للكونغرس وللأميركيين لماذا أدى اتفاق مرحلي إلى تخفيف الضغوط على إحدى الدول الأكثر دعمًا للتطرف".
ويعد هذا أول بيان في هذا الشأن يصدر من ماكونيل منذ توصلت مجموعة 5+1 (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا) وطهران في 2 نيسان/أبريل في مدينة لوزان السويسرية إلى اتفاق إطار لحل أزمة الملف النووي الإيراني.
وجدد ماكونيل ذو الشخصية القوية في مجلس الشيوخ وعده بأن يصوّت الكونغرس في موعد لم يحدد بعد على اقتراح قانون أطلق عليه اسم كوركر- ميننديز ويعطي الكونغرس حق النظر في الاتفاق.
ومن المقرر أن تصوت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في 14 الشهر الجاري على اقتراح القانون الذي قدمه النائبان الجمهوري بوب كوركر، رئيس اللجنة، والديموقراطي روبرت ميننديز، والذي يفرض على الرئيس باراك أوباما الرجوع إلى الكونغرس في أي اتفاق يتم التوصل إليه مع إيران حول برنامجها النووي.
ويرغم اقتراح قانون كوركر- ميننديز باراك أوباما على الرجوع للكونغرس في أي اتفاق نهائي يتم التوصل إليه بين مجموعة 5+1 وطهران، ويعطي 60 يومًا للبرلمانيين كي ينظروا فيه ويصوتوا عليه، مما يعطيهم بالتالي حق عرقلة تطبيقه.
ويرفض البيت الأبيض رفضًا تامًا هذا الأمر، مؤكدًا أن إبرام مثل هذا الاتفاق هو من صلاحية السلطة التنفيذية حصرًا وأن تدخل الكونغرس في هذه المسألة سيخلق سابقة، داعيًا الكونغرس إلى عدم وأد هذا الاتفاق، ولكن الجمهوريين المصرين على موقفهم نجحوا في إقناع عدد من البرلمانيين الديموقراطيين بالانضمام إليهم في دعم المقترح التشريعي.
ويرفض الجمهوريون اتفاق لوزان بدعوى أنه يبقي إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم وعلى البحث والتطوير ويبقي كذلك على منشأة فوردو النووية الواقعة أسفل جبل مما يجعل تدميرها بغارة جوية مهمة شبه مستحيلة.
وأوضح ماكونيل في بيانه أنه "يجب أن لا تعلق الإدارة عقوبات، وأن لا تلغي الأمم المتحدة عقوبات، قبل أن يكشف الإيرانيون عن كل أوجه الأبعاد العسكرية المحتملة لأبحاثهم الماضية".
وبدأت إدارة أوباما حملة في الكونغرس لإقناع البرلمانيين بصوابية اتفاق الإطار الذي يفترض أن يتكلل باتفاق نهائي قبل نهاية حزيران/يونيو.