تباشير أزمة مرورية في مدينة بيت لحم

تجد نفسك مسرورًا عند وصولك مدينة المهد والسلام في رأس السنة الميلادية، لاسيما في ضوء أجواء الفرح التي تعم كل الشوارع في المدينة المزينة نهارًا المضاءة ليلًا. يقصد عشرات آلاف الزوار والحجاج بيت لحم، من مختلف أرجاء العالم لعيش لحظة الميلاد، لكن واقعها الداخلي لا يسر الكثير من ساكنيها والعاملين فيها، خصوصًا أنَّ المدينة محاصرة من الجدار والاستيطان في كل جوانبها، والاحتلال يمنع تطويرها وتوسيع شوارعها إلا بموافقته وأينما يريد هو، لذا تشعر أنّك ما زلت في مدينة من الزمن القديم وبلباس يحاول أن يكون حديثا.

هذا الأمر يجعل شوارع المدينة ومرافقها والبنى التحتية فيها لا تستوعب إعداد الزوار المقبلين إليها والذي يصل ذروته في كانون أول/ ديسمبر من كل عام يتبعه، حيث يصل أكثر من 100 ألف زائر وسائح.

وتلقي الخطة الأمنية المتبعة في تأمين احتفالات أعياد الميلاد المجيدة ووصول المواكب الرسمية والدينية، بظلالها على حياة المواطن اليومية، وتجعل من بيت لحم أجزاء مقسمة تشهد صعوبة التحرك والوصول إلى أهداف المواطن المرادة، فيضطر المواطن وحتى سائق الأجرة، إلى أخذ إجازة من أجل تفادي الازدحام والمضايقات.

وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى فترة الأعياد على أنها فترة إنعاش اقتصادي وسياحي في بيت لحم، لا تخلو المدينة من منغصات على حياة المواطن بسبب الخطة الأمنية الشرطية الموضوعة من أجل تأمين وصول السياح.

ويبدو للوهلة الأولى أنَّ زوار بيت لحم الكثيرين في أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية، هم بشرى خير للعاملين في القطاع السياحي، ومصدر إنعاش للحالة الاقتصادية لمن يتعلق عملهم بالسياح والزوار والحجاج القادمين، لكن هذا الأمر لا ينسحب على سائقي المركبات العمومية.

حيث يقول مراد السائق على مركبته العمومية في بيت لحم، "إنَّ السائقين في المحافظة ينقسمون إلى قسمين: الأول: هم سائقو الطلبات الخاصة، والثاني: من يعملون على الخط "السرفيس"، وهناك اختلاف في عمل الاثنين، فالقسم الأول من المفترض أن يبقوا في مكاتبهم أو يتحركوا في المدينة للنقل الخاص للمواطنين أو السياح، والثاني: هم من يسيرون على خطهم من نقطة البداية وحتى النهاية".

ويكمل مراد الذي يعمل سائق"سرفيس" في حديث إلى "فلسطين اليوم" أنَّ هناك كثير من الإغلاقات في الطرق أثناء فترة العيد ورأس السنة، فهذا الأمر يجعل السائقين مضطرين إلى سلك طرق أخرى وتكون مزدحمة بالحركة المرورية فإغلاقات الشوارع والطرقات تجعل من شبه المستحيل أن تتحرك بحرية وبسرعة، فالطريق التي يبلغ طولها 500 متر والتي تحتاج العبور فيها -في الوضع الطبيعي، إلى 5 دقائق مع التحميل والتنزيل للركاب، يصبح السير فيها مستحيلًا، فكثير من الأحيان قد يستغرق الأمر أكثر من نصف ساعة إذا استطعت أصلا التحرك بمركبتك".

وفي سؤال عن استفادة السائقين العموميين من الزوار والسياح، يقول سائق آخر "إنَّ هذه الفترة من الأعياد ورأس السنة من المفترض أن تكون فترة تعويض ايجابية عن الأيام التي يعمل فيها السائق، ونحن نضطر للعودة إلى منازلنا في ذروة أيام العيد، رغم أنَّ الحركة جيدة جدًا وهناك ركاب وزوار يتنقلون وهم بحاجة إلى خدمات المواصلات، لكن إغلاق الطرق يدفعنا للعودة إلى منازلنا مبكرًا، لأنك في ذلك اليوم قد تخسر مركبتك بسبب الازدحام المروري وتخسر الوقود الذي تزودها به، لأنك تصبح عاجز عن إيصال الركاب، وإن استطعت ذلك فإنك ستضطر لسلوك طرق طويلة المسافات وبنفس سعر تذكرة الركوب".

ومن جهتها تؤكد الشرطة الفلسطينية، أنَّ الإجراءات الأمنية المتبعة في فترة الأعياد من تحويلات الطرق وإغلاق بعضها هو لخدمة الموطنين والسياح على حد سواء، حيث أنَّها لا تستطيع إبقاء شارع المهد الذي يمر من جانب ساحة كنيسة المهد أن يبقى مفتوحًا للمركبات، في ظل الحراك الكشفي والسياحي ودخول المركبات يجعل الأزمة خانقة.

ويقول مدير العلاقات العامة والإعلام في الشرطة المقدم لؤي ارزيقات، إلى "فلسطين اليوم"، "نضطر لفتح طرق التفافية تتعب السائقين، ولكن عدد المركبات في ذلك اليوم يكون بازدياد، سواء للمركبات الخاصة التي يأتي المواطنون والسياح فيها من أرجاء فلسطين المختلفة، أو للطرق التي أصلا هي ضيقة".

ويتابع ارزيقات "إننا نعمل على عدم السماح لأحد بالوقوف على جانب الطريق، خصوصًا في أيام ذروة العيد لإبقاء الشوارع مفتوحة، وللحافلات السياحية تدخل في مجمع الحافلات الرئيسية في بيت لحم وننزل السياح الأجانب من الحافلات وتسييرهم وصولًا إلى ساحة كنيسة المهد والأماكن السياحية الأخرى".

ويختم قوله بالتأكيد على أنَّه "يجب أن نتحمل، لأنَّ مدينتنا صغيرة وهي وجهة للسياحة، ونطالب المواطنين والسائقين خصوصًا بأن يتحملوا معنا تنظيم الحركة في عدد قليل من أيام العام، وحتى في كبرى مدن العالم والأكثر اتساعًا وتنظيمًا في أيام ذروة السياحة يكون هناك بعض المنغصات والتي نحاول كل عام أن نحل مشاكل منها، وكل عام والجميع بألف خير".