رام الله ـ وليد أبو سرحان
يهدد تباين التفسيرات الإسرائيلية والفلسطينية لاتفاق وقف إطلاق النار على غزة، بفشل مفاوضات القاهرة المنتظرة لبحث كل التفاصيل للوصول لاتفاق طويل الأمد، بما يضمن رفع الحصار عن القطاع، وإعادة الإعمار وفتح المعابر، وبناء ميناء بحري، وإعادة إعمار مطار غزة الدولي، إضافة إلى ملف الأسرى، وإمكان عقد صفقة تبادل تضمن لإسرائيل استعادة جثث جنديين، أكدت أنهما قتلا أثناء العدوان على القطاع، فيما أعلنت حماس بأنها أسرت أحدهما.
وتنذر "حرب التفسيرات" المنتظرة ما بين تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، بشأن نزع سلاح المقاومة كشرط إسرائيلي للسماح بإعادة إعمار غزة، بمعركة تفاوضية في القاهرة، تنفجر في أي لحظة أثناء الشهر التفاوضي المُقرر لتثبيت وقف إطلاق النار طويل الأمد.
وأعلنت الخارجية المصرية، الثلاثاء الماضي، اتفاقًا لوقف إطلاق النار، جاء فيه "حفاظًا على أرواح الأبرياء وحقنًا للدماء، واستنادًا إلى المبادرة المصرية 2014، وتفاهمات القاهرة 2012، دعت مصر الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى وقف إطلاق النار الشامل والمتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل، بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية ومستلزمات إعادة الإعمار، والصيد البحري انطلاقًا من 6 أميال بحرية، واستمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى في شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار، وفي ضوء قبول الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بما ورد في الدعوة المصرية، تحددت الساعة السابعة بتوقيت القاهرة في 26 آب/أغسطس الجاري، لبدء سريان وقف إطلاق النار".
ولم ينص الاتفاق على موافقة إسرائيل للسماح بإنشاء ميناء بحري، وإعادة بناء مطار غزة الدولي، رغم أنها وعدت الراعي المصري بالتعامل بإيجابية مع تلك المطالب، التي كانت فصائل المقاومة تشترطها للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، بينما يدور خلف الكواليس الفلسطينية حديثًا بأن العبارات الواردة في الاتفاق تحمل الكثير من المتسع الذي يمكن لإسرائيل أن تستغله للهروب من أي التزام بشأن مطالب الفلسطينيين، وعلى رأسها رفع الحصار بشكل كامل عن غزة.
ويوصف وقف إطلاق النار فلسطينيًا بـ"الهش" ويشوبه الترقب والتوتر، في ضوء التحذير من احتمال تجدد الحرب، بسبب عدم تنفيذ إسرائيل شروط المقاومة للهدنة، منها رفع الحصار وفتح المعابر على غزة والتي تحمل تفسيرات إسرائيلية جديدة بشأن المواد اللازمة لإعادة إعمار غزة.
ووفق ما يدور في أروقة السياسة الفلسطينية، فأن إسرائيل لم تلتزم حتى الآن باتفاق التهدئة، ولم تفتح أي معبر من المعابر الخمسة التي تديرها مع غزة، الأمر الذي يعتبر خرقًا إسرائيليًا للهدنة عبر عدم تنفيذ شرط فتح المعابر.
ويعطي الوفد المفاوض الإسرائيلي تفسيرًا مختلفًا عن نظيره الفلسطيني بشأن المعابر وعبارة التعامل بإيجابية مع مطلب إنشاء ميناء، وإعادة بناء المطار، وربما رفع الحصار، وإعادة إعمار غزة.
وأوضح الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، عضو الوفد الفلسطيني لمفاوضات القاهرة غير المباشرة النائب بسام الصالحي، أنّ ما أعلن عنه قبل عدة أيام بين فصائل المقاومة وإسرائيل، لم يكن اتفاقًا ولا تهدئة، واصفًا إياها بتفاهمات جوهرها وقف إطلاق النار، مضيفًا "في كل الأحوال في الآونة الأخيرة من العدوان، لم يكن هناك بحث عن اتفاق، وكل ما هناك بحث عن الصيغة العامة لوقف إطلاق النار، ولا ترتقي إلى اتفاق، بل يمكن اعتبارها في سياق تفاهمات".
وأكّد الصالحي أنّ التفاهمات الأخيرة حققت وقف العدوان على القطاع، لكن أمر إنهاء الحصار بشكل فعلي عن غزة لا يزال قضية كفاحية نضالية، ولابد أن يكون هناك تضامنًا عربيًا ودوليًا لإنهاء الحصار.
وأشارت مصادر فلسطينية، إلى أنّ المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ستنطلق في القاهرة قريبًا، إلا أنّ عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، أكّد أنه لا توجد اتصالات حتى الآن لاستئناف التفاوض، لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، قائلاً "نحن ننتظر ترتيبات من الأخوة في مصر للدعوة لاستئناف التفاوض بشأن القضايا العالقة أثناء هذا الشهر".