حركة المقاومة الإسلامية "حماس"

بعد قرابة خمسة شهور على انتهائها اعترف قائدان عسكريان إسرائيليان بفشل الحرب الأخيرة على قطاع غزة، مؤكدان أنَّها لم تحقق أهدافها ولم تردع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وجعلت دولة الكيان تدفع ثمنًا باهظًا.

واعترف المرشح السابق لتولي رئاسة الأركان في الجيش الإسرائيلي، يؤآف غالت، في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الأحد، أنَّ المعايير الثلاثة التي يمكن من خلالها قياس نجاح عملية "الجرف الصامد" على قطاع غزة، تؤكد فشل الجيش في تحقق مراده من العدوان.

وأشار إلى أنه بناءً على المعايير الثلاثة بأن لا تكون باهظة الثمن وغير طويلة زمنيًا وأن تكون نوعية ومجدية فإن حرب غزة الأخيرة لم تحقق أهدافها.

ولفت إلى أنَّ إسرائيل أضاعت فرصة تحقيق نتائج مغايرة وأفضل بكثير مما نتج عن العدوان، مؤكدًا أنَّ لديها جنود مميزين على جميع المستويات بالإضافة لامتلاكها مجالًا غير محدود للمناورة وقوة كبيرة.

وزعم أنَّ إسرائيل أقوى من "حماس" بآلاف الأضعاف، إلا أنها كانت ضعيفة على مستوى اتخاذ القرارات وزمام القيادة، مع خلوها من الإبداع في إدارة المعركة.

من جهة أخرى اعترف نائب رئيس هيئة الأركان السابق في الجيش الإسرائيلي، يائير نافيه، أنَّ قيادة الأركان في الجيش فشلت خلال الحرب الأخيرة في التعامل مع الأنفاق التي بنتنها واستخدمتها "حماس".

ولفت إلى أنَّ الاستخبارات العسكرية في الجيش لم تقدر الموقف جيدًا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة وفشلت في توقع قدرة "حماس" على الصمود في المعركة.

وانتقد نافيه القيادة السياسية والعسكرية في إدارتها للحرب، مؤكدًا أنَّها فشلت عندما سربت معلومات من جلسات "الكابينت" عن عدم نيتها حسم المعركة مع "حماس" واقتصارها على إضعاف الحركة والقضاء على قدراتها الصاروخية وتدمير الأنفاق الهجومية.

وشدد على ضرورة أن يدرك الصهاينة تمامًا أنَّه ليس بمقدورهم حسم المعارك مع حركة "حماس" سريعًا، لأن الأمر أكثر تعقيدًا مما كان سابقًا، مؤكدًا أنَّ المعارك المقبلة ستكون طويلة أكثر من المتوقع.

ويستدل من حديث المسؤولين أنَّ قيادة أركان الجيش الإسرائيلي بدأت الحديث عما أسماها الإسرائيليون "الحرب الجوفية داخل الأقبية والأنفاق"، منذ حرب لبنان الثانية.

ولكن الجيش اكتفى عمليًا، بإنشاء أنفاق ضيقة في ثلاثة مواقع تدريب في الشمال والمركز والجنوب لكن هذه الأنفاق كانت بعيدة عن واقع الأنفاق الموجودة في غزة، فقد بدت كخندق حربي اعتيادي تم تغطيته بسقف، دون توفير مجال حرب معقد.

وتم إشراك غالبية كتائب المشاة النظامية والوحدات الخاصة لفترات قصيرة، لم تنطو تقريبًا على أي جوهر ملموس.

وأوضح جنود من كتيبة دورية المشاة في حديثهم مع الصحيفة الإسرائيلية أنَّه تم إنزال الجنود بواسطة حبل عبر فتحة إلى منطقة ظهرت كمحمية طبيعية، أو موقع عسكري لـ"حزب الله" في منطقة مفتوحة، وهذا كل ما تدرب عليه الجنود في الحرب الجوفية.

لقد كانت استعدادات وحدات الاحتياط، بل وحتى كتائب الهندسة القتالية، التي اعتمد عليها الجيش إلى حد كبير في حرب غزة، بين سطحية وغير قائمة بتاتًا.

وأضاف ضباط وجنود يؤدون الخدمة الاحتياطية في كتائب الهندسة أنَّ التدريبات التي اجتازوها، مرة كل عام أو عامين، كانت تناسب الدور التقليدي للجيش، كاختراق حقول ألغام.

وبيَّنوا أنَّه لم يجرّ الحديث عن أنفاق ولا حتى في كتائب الاحتياط التي تم دمجها مسبقا في العمليات المحتمل تنفيذها في إطار عملية لاحتلال غزة.

وعندما كان الجنود يلفتون انتباه قادتهم إلى أن برامج التدريب لا تلائم التحديات العسكرية التي يمكنهم مواجهتها، كان يقال لهم إن المشكلة معروفة.

في جانب آخر؛ وجه المسؤولون، الانتقادات اللاذعة للقيادة الإسرائيلية والمجلس الوزاري الأمني المصغر، الذي أبدى اهتمامًا واسعًا في النقاش حول الخطر النووي الإيراني والتطورات على الحدود السورية واللبنانية فيما لم يتم طرح مشكلة الأنفاق في غزة وأن تم طرحها ففي أفضل الحالات كبند متأخر في "تقييم الأوضاع".

كما يستدل أن الوزراء لم يعرفوا عن التقرير الاستخباري الشهري الذي كان يتسلمه بنيامين نتانياهو وموشيه يعالون، ورغم أنَّ المعلومات الاستخبارية المفصلة كانت متوفرة لدى رئيس الحكومة ووزير الدفاع إلا أنَّه اتضح فقط في نيسان/ أبريل 2014 أن "حماس" تعد لعملية كبيرة بواسطة نفق تم حفره في منطقة "كرم أبو سالم"، في الجانب الجنوبي من القطاع.

وأصدر الجيش تحذيرًا مفاده أن "حماس" قد تحاول اختطاف جنود ومدنيين عبر النفق، بهدف اختراق الحصار الإسرائيلي - المصري المفروض على القطاع.

وبذلت القيادة العامة وقيادة اللواء الجنوبي واذرع الاستخبارات جهودا كبيرة لكشف النفق، وركزت كتيبة غزة أكثر من 30 آلية هندسية في محاولة للعثور على فتحة النفق في الجانب الإسرائيلي، ونشرت حواجز هدفها منع الوصول من الحقول القريبة من السياج إلى كرم أبوسالم.

وعندما لم تجد أعمال التفتيش في الجانب الإسرائيلي نفقًا، صادق للجيش على القيام بعملية هجومية.

وتحدث أحد الضباط عن فجوات استخبارية، موضحًا أنَّه لم يكن للاستخبارات معلومات دقيقة حول مسار النفق وقد فوجئ الجنود بعدد فتحات الأنفاق التي اكتشفوها، وتفرعاتها الداخلية التي حتمت القيام بعمليات تمشيط متواصلة.

كما أن الجيش لم يملك ما يكفي من الآليات الهندسية لمعالجة هذا العدد الكبير من الأنفاق في آن واحد.

وأوضح ضابط رفيع المستوى في سلاح الهندسة أنَّ كل طاقم بدأ بمعالجة نفق أو نفقين ومن ثم انتقل إلى نفق ثالث في قطاعه، وبسبب النقص في المعدات عملوا بالتناوب بدل العمل في آن واحد.

وأشار الضابط إلى أنَّ الجيش لم يملك ما يكفي من الآليات لعملية تدمير 32 نفقًا في آن واحد.