غزة – محمد حبيب
كشف المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، عن معدلات اعتقال واحتجاز التجار الفلسطينيين، لدى سلطات الاحتلال، والذين يتنقلون ضمن مهمات عملهم الاعتيادية عبر معبر بيت حانون/إيرز، شمالي قطاع غزة، والخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، أنَّها سجلت ارتفاعًا غير مسبوق منذ بداية العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2014.
وبيّن "الأورومتوسطي"، في تقريرٍ له، أنَّ حالات اعتقال التجار الفلسطينيين ورجال الأعمال، في المعبر الواقع أقصى شمال قطاع غزة، خلال الربع الأول من العام 2015 بلغت 19 حالة اعتقال، تم الإفراج عن اثنين منهم، ولا يزال 17 تاجرًا معتقلًا حتى تاريخه، تم تقديم لوائح اتهام لستة تجار منهم، تتمحور حول إدخال مواد ممنوعة إلى قطاع غزة، ومساعدة الفصائل الفلسطينية في القطاع، وتهم أخرى تتعلق بتهريب معدات إتصال وشبكات لحركة "حماس" عبر الأنفاق الحدودية مع جمهورية مصر العربية في العام 2013.
وأضاف المرصد، أنَّ جاء في الوقت الذي سُجلت فيه حالة اعتقال واحدة في الفترة نفسها من العام 2014، و قامت سلطات الاحتلال باحتجاز 25 تاجرًا لعدة ساعات في مراكز الشرطة التابعة لها، لأسباب غير مبررة منذ بداية العام الجاري، حتى آذار/مارس الماضي، ووتمكنت من سحب تصاريح 46 تاجرًا.
وأشار "الأورومتوسطي"، إلى أنَّ التجار المعتقلين لدى سلطات الإحتلال، في أحيان كثيرة توّجه لهم تهم تتعلق ببيع مواد وبضائع لجهات معادية في قطاع غزة، وأنَّ البضائع التي يستوردها التجار هي بضائع متعدّدة الاستخدام يتم بيعها لأفراد مدنيين في القطاع، وأنَّ جميع المواد الداخلة إلى القطاع تخضع للرقابة الإسرائيلية المشددة، وتمر عبر غرف وأجهزة الفحص الإسرائيلية، إذ كان يتم إدخال تلك البضائع بشكلٍ علني سابقًا عبر الأنفاق الحدودية مع جمهورية مصر العربية، والتي كانت تمثل شريان الحياة بالنسبة لسكان القطاع، ويعتمد عليها السكان بشكل أساسي.
ونوْه المرصد، أنَّ الإجراءات الأمنية المصرية على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة تسببت في تدمير وإغلاق الأنفاق، الأمر الذي أدى إلى التوقف التام لإدخال السلع والبضائع عبرها.
وذكر أنَّ تلك الاعتقالات تثير شكوكًا كبيرة حول نوايا إسرائيلية حقيقية، لإلحاق أضرار بالغة في اقتصاد قطاع غزة، لاسيما وأنَّ التجار المعتقلين يشغلون طاعات اقتصادية مهمة في القطاع، ويستوردون موادًا تتصل اتصالًا مباشرًا بالحياة اليومية للسكان.
وأوضح "الأورومتوسطي"، أنَّ عمليات الضغط الإسرائيلية على التجار الفلسطينيين ارتفعت في الآونة الأخيرة، لاسيما في الربع الأول من العام الجاري، إذ كان منها زيادة المقابَلات التي تقوم بها المخابرات الإسرائيلية للتجار على معبر بيت حانون/إيرز، بغية الضغط عليهم لتقديم معلومات عن قطاع غزة، وعن الفصائل الفلسطينية المسلحة في القطاع، والإمعان في تفتيشهم على المعبر أثناء المغادرة والعودة، في حين أنه كان لا يتم تفتيشهم أثناء العودة سابقًا، إضافة إلى سحب تصاريح التجارة منهم عند مخالفتهم بعض تعليمات السلطات الإسرائيلية أو لرفضهم العمل لصالح الأجهزة الإسرائيلية، بجانب تبذل المخابرات الإسرائيلية محاولات جادة لتجنيد التجار أثناء مقابلتهم للعمل مباشرة مع السلطات الإسرائيلية مستخدمة في ذلك أساليب عدة كالتهديد والإغراءات.
وقال "الأورومتوسطي"، إنَّه ما من شيء يدعو للتعامل مع التجار الفلسطينيين بهذه الطريقة غير المبررة من قبل سلطات الاحتلال، ومحاسبتهم على أعمال من المفترض ألا يتم محاسبتهم عليها، في الوقت الذي يمثل فيه معبر بيت حانون/إيرز آخر المنافذ التي يسلكها التجار من أجل أعمالهم وتجارتهم لاستيراد البضائع لسكان القطاع المحاصرين منذ ما يقارب الثماني سنوات.
وولفت الأورومتوسطي، إلى أنَّ المحققين الإسرائيليين يتعاملون مع التجار المعتقلين بطريقة مهينة ولا إنسانية، ويوجهون لهم الشتائم أثناء عملية اعتقالهم، والتي تتم عبر تعصيب أعينهم وتقييد أيديهم من الخلف.
بدورها، أوضحت مصادر مطلعة، أنَّ المعلومات التي يتم جمعها من خلال استجواب المواطنين على المعبر تتمحور حول أسباب السفر، ومعلومات حول المسافر وعلاقاته الاجتماعية، وعلاقته بالتنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، وهناك معلومات عامة حول الوضع في قطاع غزة، لاسيما في مجال تخصص المسافر، كأنَّ يكون مزارع أو مهندس أو تاجر أو حتى طالب أو مريض.
وأفاد "الأورومتوسطي" في تقريره، ووفقًا لشهود عيان، بأنَّ السلطات الإسرائيلية تتعمد التضييق على كل فلسطيني عند مروره عبر معبر بيت حانون/إيرز، وهو معبر مخصص للأفراد، وتحاول إذلالهم وتهديدهم بالاعتقال تارة، وابتزازهم ومحاولة تجنيدهم للعمل الاستخباري تارة أخري، ويبقى الفلسطينيون ساعات طويلة على المعبر حتى يسمح لهم بالمرور.
كما وثق التقرير، إفادات وشهادات حية على انتهاك السلطات الإسرائيلية في حق التجار الفلسطينيين في الحركة والتنقل عبر معبر بيت حانون/إيرز، معرجًا على أبرز الممارسات التي يتبعها الاحتلال ضدهم.
يذكر أنَّ 95 في المائة من سكان قطاع غزة، لا يستطيعون التنقل عبر معبر بيت حانون/إيرز بفعل القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل لتنقل الأفراد عبره.
وشدّد المرصد الحقوقي، في التقرير على أنَّ السلطات الإسرائيلية تنتهك حق مواطني قطاع غزة بالسفر والتنقل بشكلٍ واضح على معبر بيت حانون/إيرز، ولم تُعر المواثيق والعهود التي كفلت هذا الحق أي اهتمام، وتمارس سياسة التضييق على المواطنين الذين يتنقلون عبره، إذ يبدو اعتقال ما يزيد عن 19 تاجرًا أثناء فترة قصيرة من العام الجاري، إذ لم تشهد السنوات الماضية حالات اعتقال مشابهة، وإن حدثت تكون حالة أو اثنتين، يبدو أنَّها ليست ممارسات غير مقصودة، وتثير تساؤلات عدة خاصة وأنها تمثل حالة مستغربة وغير طبيعية أو اعتيادية.
وطالب المرصد، بالحقوق الثابتة في القانون الدولي، وهي الحق في التنقل، والتي تعتبر من الحقوق اللصيقة بالإنسان وحريته، ولا يجوز المساس بها إلا في ظروف طارئة وفي أحوال ضيقة ومحددة وفي إطار القانون.