رام الله ـ دانا عوض
اعترفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأنّها تحتجز جثث 119 شهيدًا فلسطينيًا في مقابر الأرقام السرّية، وذلك من أصل 262 شهيدًا ما زالت جثثهم محتجزة لدى سلطات الاحتلال، وترفض الاعتراف بها. وأكّدت مصادر فلسطينية، الأحد، أنَّ "مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان تلقى، أخيرًا ردًا من جيش الاحتلال، يفيد باحتجاز جثامين 119 شهيدًا في مقابر الأرقام".
وأعربت "الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين"، عن إدانتها القوية لرد جيش الاحتلال، مشيرة إلى أنّ "المحامي في مركز القدس للمساعدة القانونية محمد أبو سنينة، الذي يتابع ملف الشهداء المحتجزة جثامينهم والمفقودين لدى سلطات الاحتلال والمحاكم الإسرائيلية، قد تلقى هذا الرد جوابًا على رسائل كان قد بعث بها إلى قيادة جيش الاحتلال، طالب فيها بالإبلاغ عن عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم وأسمائهم وأماكن احتجازهم".
وأبرزت الحملة، في بيان لها الأحد، أنّ "ما تبقى من جثامين الشهداء المحتجزة، وفقاً لما هو موثق لديها يفوق 262 شهيدة وشهيدًا، وأن على حكومة إسرائيل وجيش الاحتلال تحمّل كامل المسؤولية عن جميع جثامين الشهداء المحتجزة وفقا لما جاء في القانون الدولي وما نصّت عليه اتفاقات جنيف لعام 1949، لاسيما ما جاء في المواد 130، 120، 17، من اتفاقات جنيف الأولى والثالثة والرابعة، وكذلك ما نص عليه البند 34 من البرتوكول الملحق بهذه الاتفاقات".
ووفق مراكز حقوقية، وأخرى تنشط في المجال، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل احتجاز جثامين عدد كبير من الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا أثناء مقاومة إسرائيل في مقابر سرية تعرف بمقابر الأرقام، وذلك في مخالفة واضحة للقانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان التي تلزم دولة الاحتلال بتسليم الجثامين إلى ذويها، واحترام كرامة المتوفين ومراعاة طقوسهم الدينية خلال عمليات الدفن.
وسمّيت مقابر الأرقام بهذا الاسم؛ لأن كل قبر منها يحوي على رقم خاص به لا يتكرر مع آخر، وكل رقم من هذه الأرقام دال على ضحية معينة، ويرتبط رقم قبره بملف عن المدفون وحياته مع السلطات الإسرائيلية.
وكانت الحملة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء، ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، قد حذرت من مماطلة الحكومة الإسرائيلية في تسليم جثامين الشهداء المحتجزة في مقابر الأرقام، والتي مضى على احتجاز بعضها عقودًا عدّة.
وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض عقوبات على الجثث، حيث أنها تحتجز أعداداً غير معروفة من جثث الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا في مراحل مختلفة من الكفاح الوطني.
ويعدُّ سلوك حكومة إسرائيل تجاه الشهداء الفلسطينيين والعرب، ليس غريبًا عن مجمل ما سلكته منذ إقامتها في العام 1948، فلم يصدر عن مؤسساتها ما ينظم تعاطيها مع جثامين الشهداء وضحايا حروبها على الدول العربية والفلسطينيين حتى العام 1976، سوى الأمر العسكري الذي أصدرته قيادة الأركان العامة في 1 أيلول/سبتمبر 1976، والذي حمل الرقم 380109 وتعلّق بتعريف الجثث، نزع الوثائق والأغراض من على الجثث، وترقيم الجثث والقبور.
وتفيد اللجنة أنَّ "السلوك العملي لحكومات إسرائيل وسلطاتها الاحتلالية، لم يلتزم بهذا الأمر الذي حاول واضعوه ملامسة ما نصت عليه اتفاقات جنيف لعام 1949، فطالما تذرعت السلطات الإسرائيلية برفضها تسليم جثث الضحايا لذويهم، باعتبارات ردع الآخرين عن مقاومة احتلالها، كما وللحيلولة دون أن يتحول تشييع جنازاتهم إلى مهرجانات سياسية للقوى والحركات المقاومة للاحتلال".
ولا تكتفي سلطات الاحتلال بالتنكر للقانون الإنساني الدولي واتفاقات جنيف للعام 1949، باحتجازها لجثامين شهداء فلسطينيين وعرب، وإصدار أحكام بالسجن على بعضها، بل إنها تمعن في مخالفتها عبر دفن الجثث في مقابر تعرف بمقابر الأرقام ولا يزيد عمق الواحدة منها عن 50 سنتمترًا، ما عرضها للانكشاف بفعل العوامل الطبيعية، فتصبح عرضه لنهش الوحوش والكلاب الضالة، فيما تتعرض الجثث المحتجزة في الثلاجات للتلف وانبعاث الروائح، بسبب عدم تطبيق المعايير الصحية على هذه الثلاجات.
وأشارت مصادر الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء إلى أنَّ "سلطات الاحتلال تحتجزها في أربع مقابر سرية، تقع جميعها في مناطق تصنف على أنها عسكرية، وهي مقبرة بالقرب من جسر بنات يعقوب، على الحدود السورية- اللبنانية، ويقدر عدد الجثامين فيها بحوالي 500، ومقبرة في منطقة غور الأردن بين مدينة أريحا وجسر دامية وتحوي حوالي 100 جثمان، ومقبرة في غور الأردن تسمى ريفيديم ولا يعرف عدد الجثامين فيها، ومقبرة تسمى شحيطة، وتقع شمال طبريا وفيها حوالي 50 جثمانًا".