غزة – محمد حبيب
صرّح رئيس الهيئة الأمنية والسياسية في وزارة جيش الاحتلال عاموس غلعاد، بأنَّ حركة "حماس" معنية بمواصلة التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي نتيجة وضعها السيء حاليًا على حد تعبيره، مؤكدًا أنّ عامل الردع لا يزال قائمًا في محيط قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية.
وزعم غلعاد في حديث للإذاعة العبرية العامة، أنَّ "إسرائيل" تعمل على دفع أعمال إعادة الإعمار في القطاع إلا أنّ الصراعات الداخلية بين قيادة "حماس" والسلطة الفلسطينية تؤدي إلى تأخير تنفيذ مختلف المشاريع.
وردًا على سؤال بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش" على الاحتلال الإسرائيلي، رأى غلعاد أنَّ هذا التنظيم لا يوجه نشاطه في المرحلة الراهنة ضد "إسرائيل".
هذا وتشير تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي إلى أنَّ فصيل فلسطيني صغير في قطاع غزة هو الذي أطلق الصاروخ باتجاه جنوب الأرض المحتلة، أول أمس الجمعة، والذي أعقبه قصف الطيران الحربي لجيش الاحتلال لمصنع أسمنت جنوب القطاع، وأنَّ تبادل النيران هذا لا يشكل تصعيدًا، لكن تكمن فيه إمكانية تصعيد، خصوصًا وأنَّه منذ انتهاء العدوان على غزة في الصيف الماضي، مرّ أربعة أشهر تقريبًا، من دون فعل شيء في مجال ترميم الدمار الهائل الذي ألحقه الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.
وأوضح المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هارئيل، الأحد، أنَّ خطأ في الاتصال بين "إسرائيل" و"حماس"، "مثلما حدث بقدر كبير عشية نشوب الحرب في الصيف الماضي"، ما زال من شأنه أن يؤدي إلى انفجار الوضع، الأمر سيخيم على معركة الانتخابات العامة الإسرائيلية القريبة.
ولفت هارئيل إلى أنَّه سبق العدوان على غزة في الصيف الماضي، إطلاق فصائل صغيرة في القطاع صواريخ باتجاه إسرائيل بطريقة "التقطير"، أي إطلاق صاروخ كل بضعة أيام، وما لبث ذلك أن تصاعد حتى بدأت "حماس" نفسها بإطلاق الصواريخ، وذلك بسبب الضائقة الموجودة في القطاع في أعقاب تشديد الحصار عليه، خصوصًا من جانب مصر التي أغلقت معبر رفح وعملت على تدمير الأنفاق بين القطاع وسيناء، التي اعتبرت "شريان الحياة" للغزيين.
وعلى ضوء تنكيل الاحتلال الإسرائيلي بالفلسطينيين والبضائع الواردة للقطاع، رأى هارئيل، أنَّ الوضع الحالي في القطاع ليس مختلفا كثيرًا عن الظروف التي سادت فيه عشية العدوان الأخير، وعندما جرى وقف إطلاق النار، في نهاية آب/ أغسطس الماضي، كانت تسود القطاع توقعات كبيرة، بدءًا من رفع الحصار وترميم الدمار وإنشاء ميناء ومطار، إلا أنَّ شيئًا من هذا لم يتحقق بعد.
ورأى هارئيل في العرض العسكري الذي نظمته "حماس"، قبل أيام، في ذكرى تأسيس الحركة، رسالة إلى "إسرائيل" مفادها "إما الترميم أو الانفجار"، إذ أنه إضافة إلى مقتل 2200 فلسطينيًا تقريبًا خلال العدوان، دمَّر العدوان الإسرائيلي نحو 100 ألف منزل، بينها 20 ألفا بشكل كامل، ولا يزال عشرات آلاف الغزيين يسكنون في خيام، في الوقت الذي تدخل فيه مواد البناء إلى القطاع بشكل بطيء جدا.
واعتبر المحلل أنَّ العامل الكابح في المعادلة هي معاناة سكان القطاع نتيجة للعدوان، والتي ما زالت مستمرة حتى اليوم، "ورغم الغضب على إسرائيل ومصر فإن ثمة شكا في ما إذا كان سكان القطاع يريدون جولة قتال أخرى".
ومن الجهة الأخرى، فإنَّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يخوض معركة انتخابية، ووفقا لهارئيل فإنه توجد فجوة بين خطابه الصارم وما يتم تنفيذه ميدانيًا، وأنه خلال أعوام حكمه الست الماضية شن عدوانين على القطاع "من دون رغبة" في ذلك، وأنه سيمتنع الآن عن شن عدوان آخر تحسبًا من عدم تمكنه من السيطرة على مجرى الأحداث، بسبب الانتخابات، لكن في حال تم تكثيف إطلاق الصواريخ من القطاع فإنَّ التصعيد سيكون واردًا.
ولفت هارئيل إلى تطور حاصل أخيرًا وهو أنَّ "حماس" تعمل على ترميم علاقتها مع إيران تدريجيًا، وذلك من خلال المديح الإيراني لـ"حماس" على صمودها أثناء العدوان، وتقديم الحركة الشكر لإيران على تسليحها في الماضي، مشيرًا في هذا السياق إلى زيارة وفد "حماس" إلى طهران بداية الشهر الجاري.
وعلى ضوء ذلك، خلص المحلل إلى أنه بالإمكان توقع استئناف تهريب الأسلحة من إيران إلى غزة وأن هذه "أنباء ليست سارة" بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي.