الكنيست "الإسرائيلي"

كشفت مصادر عبرية، أنَّ المسؤولين في حكومة الاحتلال وقادة الأحزاب الإسرائيلية، يراهنون على نجاح الإدارة الأميركية بتدشين عملية سياسية تفاوضية مع الفلسطينيين عقب انتخابات الكنيست المقررة في 17 آذار/ مارس المقبل. وأوضحت المصادر، أنَّ واشنطن ملتزمة بمنع تمرير أي قرار أو خطوة فلسطينية في المؤسسات الدولية وخصوصًا في مجلس الأمن الدولي، إلى حين موعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية.

وحسب ما ورد على الموقع الالكتروني لمركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الأحد، فإنَّ المحادثة التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مع 28 سفيرًا أوروبيا في الـ18 من كانون الأول/ ديسمبر 2014؛ أّنَّه وإلى غاية الانتخابات في إسرائيل، لن تسمح الولايات المتحدة باتخاذ أي قرار متعلق بالمسيرة السلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل في مجلس الأمن.

وأشار المركز إلى أنَّ كيري، أبرز أنَّ اعتماد قرار من هذا القبيل في مجلس الأمن دون مشاركة الحكومة الإسرائيلية من شأنه أن يقوي جهات في اليمين الإسرائيلي معارضين للعملية السلمية.

وأوضح أنَّ كيري لم يستبعد تدخل مجلس الأمن بطريقة ما في العملية السلمية في المستقبل، إلا انه رفض الدخول في التفاصيل، على خلفية الجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية في تقديم صيغة لاتخاذ قرار في مجلس الأمن يعترف بدولة فلسطين على حدود 1967 ويدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لغاية 2017.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت أنَّ المبادرة الفلسطينية غير مقبولة لديها، وقد صرحت مصادر فلسطينية بأنَّ الحكومة الأميركية تمارس ضغوطًا على السلطة الفلسطينية لتأجيل تقديم الاقتراح لتصويت مجلس الأمن إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية.

هذا التطور جاء بالتوازي مع مبادئ السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، كما حددت في خطاب السفير الأميركي في "إسرائيل" دان شابيرو في جامعة "بار ايلان" في الـ9 من كانون الأول/ ديسمبر2014، حيث فصل السفير المبادئ العريضة لسياسة بلاده في الفترة الحالية والخطوط التي سترسمها بعد الانتخابات الإسرائيلية.

وفيما يخص العملية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية، أكد شابيرو أنَّ الحكومة ملتزمة في التوصل إلى ترتيب على أساس رؤية حل الدولتين لشعبين، مشيرًا إلى أنَّه ما زال يحاول ويتحرى سبلًا لتجديد المفاوضات، مع التأكيد على معارضته للخطوات الأحادية، سواء إسرائيلية كانت أو فلسطينية، مضيفًا إنَّ حكومته تقدر أنه ليس معقولًا أن نتوقع تجدد المفاوضات قبل الانتخابات الوشيكة في إسرائيل.

وأوصى شابيرو بالامتناع عن تصور أي نتائج مستعجلة لنتائج الانتخابات الأخيرة في الكونغرس الأميركي، أقوال السفير هذه وكذلك أقوال الوزير جون كيري حول العملية السياسية تهدف تقريبًا إلى إبداء الامتعاض الأميركي من الشعور المتنامي في أوساط واسعة من المنظومة الدولية وإسرائيل، والذي يشير إلى تراجع إصرار وقدرة الحكومة الأميركية على العمل على الساحة الدولية عمومًا، والشرق الأوسط، خصوصًا.

بالإضافة إلى أنَّ هذا الضعف سيتزايد عقب الانفصال السياسي في مؤسسات الحكم، والتقدير أنَّ الرئيس الأميركي سيجد صعوبة لاتخاذ سياسة غير مريحة لإسرائيل قائمة من بين ما تقوم عليه على أنَّ الحزب الجمهوري الذي يظهر تأييدًا قويًا لإسرائيل هو من يسيطر على الكونغرس، ومن المفترض أن ممثليه في الكونغرس لن يسمحوا للحكومة باستخدام وسائل الضغط المحتملة التي بحوزتها ضد إسرائيل عند مجيئه لحث العملية السلمية على التقدم.

وبيّن شابيرو في خطابه حقيقة أنَّ الحكومة تعمل بمواجهة كونغرس مضاد لا يعني أنَّ السياسات الخارجية الأميركية ستكون مشلولة، فإنَّ الدستور الأميركي كما ذكر السفير يمنح الرئيس صلاحيات واسعة في مجال السياسات الخارجية.

وأشار إلى أنَّه في الـ19 من كانون الأول/ ديسمبر 2014 مرر الرئيس أوباما القانون الذي أقر في الكونغرس بغالبية ساحقة من كلا الحزبين أو ما يعرف بقانون "العمل الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي المشترك"، والذي يعتبر إسرائيل كشريك استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة؛ هذا القانون يتضمن بنودًا عملية من شأنها أن تقوي العلاقات الاستراتيجية الإسرائيلية مع الولايات المتحدة وقدراتها الاستراتيجية كذلك، البند الـ3 /6 من القانون والمتعلق بالإستراتيجية السياسية يفرض التزاماً "على هذه الحكومة بالسلام والأمن".

هذا القرار يشير مرة أخرى إلى أنَّه بالإضافة إلى الالتزام بتقوية أمن إسرائيل وعلاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فإن الحكومة الأميركية عازمة على المبادرة بخطوات من شأنها أن تقدم المصالح القومية خاصتها، ومن ضمنها دفع العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية.

من أجل هذا، وبالاعتماد على أقوال الوزير كيري فيما يخص اقتراح القرار الذي يحاول الفلسطينيون أن يمرروه في مجلس الأمن أو فيما يخص الانتخابات في إسرائيل، بالإضافة إلى الرسائل التي بعثها السفير شابيرو في خطابه؛ من المفترض أنه وبعد الانتخابات في إسرائيل ستضاعف الحكومة الأميركية جهودها لتجلس إسرائيل والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.

هذا بالإضافة إلى أنَّه وبعكس وصف الرئيس أوباما بأنه مثل "البطة العرجاء"، وخصوصًا أنَّه في نهاية فترة رئاسته الثانية فقد تدفعه إلى التحرك بطريقة مكثفة لدفع ترتيب إسرائيلي فلسطيني من خلال مضاعفة الضغوطات على إسرائيل لتلين مواقفها، بل أكثر من ذلك من غير المستبعد انه وعند استخدامه كل ثقله على الحكومة الإسرائيلية لكي يسمح بتجدد المحادثات بينها وبين الفلسطينيين، وما بين أن يقود هذه الحكومة حزب يميني أو يقودها حزب من تجمع الوسط – وفق ما تقرره نتائج الانتخابات – فإنَّ الحكومة الأميركية ستتسلح بالتسونامي السياسي الذي ضرب إسرائيل في الأشهر الأخيرة.

ووفق مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فالاعتراف الدولي المتزايد بالدولة الفلسطينية، وخصوصًا من قبل حكومات وبرلمانات أوروبية أفصح عن تدني مكانة إسرائيل في قضية الصراع مع الفلسطينيين، هناك من يقدر في الحكومة الأميركية، وعلى هذه الخلفية، إنَّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي ستحدد بعد الانتخابات، ووفق نتائجها ستلين من مواقفها فيما يخص تجدد العملية السياسية، وربما حتى فيما يخص تفاهمات متفق عليها مع الفلسطينيين، ذلك تجنبًا لتصعيد التوتر وتعميق الفجوة بين إسرائيل والولايات المتحدة.