الأفراح تعم السودان

عمَّت الأفراح والاحتفالات العاصمة السودانية الخرطوم عقب الإعلان عن التوصل إلى اتفاق كامل بشأن الوثيقة الدستورية، ورغم تأخر الإعلان حتى لحظات الفجر من السبت، خرج مئات السودانيين في الخرطوم للتعبير عن فرحتهم الكبرى بهذا الاتفاق الذي طال انتظاره، والذي من المتوقع أن يكون بداية صفحة جديدة  في تاريخ البلاد، بعد سقوط النظام السابق.

وأطلق المواطنون عبارات وأهازيج تعلن عن تأييدهم للاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، ومطالبين بالمزيد من التقدم بشأن ما جرى توقيع عليه بشأن كل نقاط الخلاف مثل نسبة المجلس التشريعي وضم قوات الدعم السريع إلى المؤسسة العسكرية.

وأعلن مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى السودان محمد حسن لبات، في مؤتمر صحافي في الساعات الأولى من صباح السبت، أن المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة اتفقا على وثيقة دستورية تمهد الطريق أمام تشكيل حكومة انتقالية.

أقرأ ايضــــــــاً :

المجلس العسكري يكشف عن حوار سوداني "دستوري" وسط ترقُّب بشأن الاتفاق النهائي

وقال لبات خلال مؤتمر صحافي في قاعة الصداقة في الخرطوم بثه التلفزيون الرسمي: "أعلن للرأي العام السوداني والدولي والأفريقي أن الوفدين اتفقا اتفاقا كاملا على المشروع الدستوري"، وأشار إلى استمرار الاجتماعات لتنظيم مراسم التوقيع الرسمي على الاتفاق.
وهتف الصحافيون السودانيون الموجودون في قاعة المؤتمر فرحا وابتهاجا بالتوصل للاتفاق، بينما ردّد بعضهم هتاف "مدنية مدنية".

ويكمل الاتفاق على الوثيقة الدستورية اتفاق المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في 17 يوليو على "الإعلان السياسي" لتشكيل مجلس عسكري مدني مشترك يؤسس لإدارة انتقالية تقود البلاد لمرحلة تستمر 39 شهرا، ما يمثل أحد المطالب الرئيسية للمحتجين.

وتوافقت قوى إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي، الجمعة، على معظم القضايا الخلافية، وتبقت في جدول التفاوض ملفات محدودة وغير معقدة و«سهلة»، ينتظر أن يتم التوافق عليها في اجتماعات عقدت مساء أمس.

وأعلن المجلس العسكري الانتقالي تقديم 9 أفراد بينهم ضباط تابعون لقوات الدعم السريع ضالعون في جريمة مقتل التلاميذ في مدينة الأبيض للمحاكمة، واتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون مقتل المتظاهرين السلميين.

وشهدت «قاعة الصداقة» في الخرطوم جلسات تفاوض مطولة استمرت منذ مساء الخميس حتى وقت مبكر من صباح الجمعة، توصلت إلى اتفاقات في معظم بنود الوثيقة الدستورية موضوع التفاوض، وينتظر أن تتواصل الاجتماعات مساء أمس لحسم بقية الملفات.

وقال الوسيط الأفريقي محمد حسن ولد لبات عقب جولة التفاوض، إن الاجتماع كان ناجحا بكل المقاييس، واتفق خلاله الطرفان على تقييم أحداث القتل التي شهدتها مدينة الأبيض، والتي كان يتوقع أن تلقي بظلالها على التفاوض، وعلى بذل الجهود اللازمة لعدم تكرار حوادث القتل.

وأوضح لبات أن «الطرفين سيدخلان جولة تفاوض جديدة مساء اليوم (أمس)»، «ليبث التفاؤل بين الحاضرين، أن اجتماع الجمعة سيجعل الفرح بنهاية إيجابية للاتفاق حول الوثيقة الدستورية، مكان الحزن والألم».

وأوضح القيادي في قوى الحرية والتغيير إبراهيم الأمين، أن الطرفين توصلا إلى توافق تام في معظم القضايا، و«ستسمعون اليوم ما يسر، ويمكن أن يتحقق تكوين الحكومة الانتقالية»، وأضاف أن المجلس العسكري الانتقالي اتخذ خطوات صحيحة لوقف الأحداث التي أدت لفقدان أرواح غالية، فيما قال القيادي بقوى الحرية والتغيير، التوم هجو، إن الاتفاق سيتضمن ترتيبات قضايا السلام.

وقال مصدر إن الأطراف تجاوزوا النقاط الخلافية المعقدة، بما في ذلك إعادة هيكلة القوات النظامية، وعلاقة أشكال الحكم ببعضها، وصلاحيات كل من المجلس السيادي والمجلس التشريعي ومجلس الوزراء.

ووصف المصدر المتبقي من ملفات بأنه «الأسهل»، ويمكن تجاوزه في «مفاوضات اليوم (أمس)»، وأضاف: «الطرفان يعرفان أن أي تأخير في الوصول إلى اتفاق، ستكون عواقبه وخيمة على الثورة»، وتوقع أن يتم توقيع الوثيقة الدستورية قريبا.

وقال إن الطرفين اتفقا على تناول «ملف السلام» بعد التشاور مع بقية الحركات المسلحة، وإضافته للوثيقة الدستورية بعد التوافق عليه، وتوقع أن يكون ملف الحريات ملفاً سهلاً، فيما توقع أن تحسم تبعية مفوضيات «السلام، والانتخابات، والأراضي، والحدود» التي يطالب المجلس العسكري بتبعيتها للمجلس السيادي، فيما تتمسك «الحرية والتغيير» بتبعيتها للجهاز التنفيذي ورئاسة الوزارة.

وبحسب المصدر، فإن الطرفين تجاوزا قضية هيكلة القوات النظامية، بأن تتبع القوات المسلحة والشرطة للجهازين التنفيذي والسيادي، بحسب الملفات، وتكوين جهازين للأمن الداخلي ويتبع لرئيس الوزراء، والأمن الخارجي ويتبع للمجلس السيادي.

وقرر المجلس العسكري الانتقالي محاسبة أعضاء لجنة الأمن بولاية شمال كردفان، بما في ذلك والي الولاية، لتقصيرهم في القيام بدورهم تجاه الأحداث المأساوية التي شهدتها مدينة الأبيض حاضرة الولاية الأسبوع الماضي، وأدت إلى مقتل 6 أشخاص بينهم 4 تلاميذ.

وأبدى المتحدث باسم المجلس العسكري شمس الدين كباشي أسفه لسقوط ضحايا في الحادث، وقال إن مجلسه اتخذ قرارا بمحاسبة أعضاء لجنة أمن الولاية بمن فيهم والي الولاية لاتهامهم بالتقصير فيما يتصل بأحداث الأبيض.

وكشف الكباشي عن اتخاذ المجلس العسكري والقوات النظامية الأخرى تدابير تحول دون تكرار مثل هذا الحادث، وإلقاء القبض على 9 أفراد وضباط تابعين لقوات الدعم السريع متهمين بالتورط في الأحداث، وقال إن السلطات جردتهم من الخدمة تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة، وإن لجنة تحقيق تم تشكيلها للتحقيق مع قائد قوات الدعم السريع في المنطقة.

وتعهد الكباشي باتخاذ إجراءات رادعة في الأحدث التي شهدتها منطقة أم بدة بأم درمان الخميس، وراح ضحيتها 4 محتجين سلميين واتخاذ التدابير التي ستحد من تكرار أحداث القتل في المظاهرات السلمية، وقال إن الجهات المختصة ستتعرف على هوية المتهمين بارتكاب الجريمة وستلعن نتائج التحقيق معهم للرأي العام قريبا.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

توافُق أوروبي-مصري على مساعدة السودانيين خلال المرحلة الانتقالية

المجلس العسكري يكشف عن حوار سوداني "دستوري" وسط ترقُّب بشأن الاتفاق النهائي