واشنطن ـ سعيد الغامدي
قدم الأردن مشروع القرار الفلسطيني، الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وبدء مفاوضات لمدة عام، إلى مجلس الأمن رسميًا، في وقت متأخر من مساء الأربعاء، للتصويت عليه، فيما لا تزال الجهود مستمرة للحصول على توافق بين أعضاء المجلس الـ15 بشأن مشروع القرار، الذي يحتاج إلى 9 أصوات لتمريره، في وقت تؤيده حاليًا 6 دول. ويطالب مشروع القرار الذي قدم باللون الأزرق (ويعني أنه جاهز للتصويت عليه) بشكل أساسي بوضع حد للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بحلول عام 2017، ويحدد 12 شهرًا سقفًا زمنيًا لإجراء مفاوضات حول قضايا التسوية النهائية، ما يمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية مع اعتبار القدس عاصمة مشتركة لإسرائيل وفلسطين.
وفي حين أيدت السعودية القرار، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" أن القيادة الفلسطينية مستعدة لمفاوضات مع الأطراف المعارضة في مجلس الأمن لضمان تمرير القرار.
في حين أوضح دبلوماسي غربي أنه "ليس هناك توافق في الآراء بشأن النص بصيغته الحالية، وهذا هو السبب في أننا بحاجة للقيام ببعض العمل".
وأضاف الدبلوماسي أنَّ "الأمر الآن يتوقف على قدرتنا على الحصول على صياغة يمكن أن تحقق فعلا إجماعا للآراء، وهدفنا هو تحقيق هذا التوافق في الآراء، وهو ما يتطلب أن يكون لدينا نص يوافق عليه الجميع"، حسبما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط".
وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جين بساكي، أن بلادها لا تساند مسودة القرار الفلسطيني بصياغتها الحالية، مضيفةً "أعتقد أن هناك كثيرا من البنود التي ينبغي مناقشتها، وكل الأطراف تجري مشاورات حول مسودة القرار، ونحن لا نساند المسودة الحالية، ويقوم الوزير (جون كيري) منذ الصباح بمشاورات مع دول في الإقليم حول تفاصيل مسودة القرار".
وأجرى كيري محادثات تليفونية مع نظيره المصري سامح شكري ووزراء خارجية آخرين في المنطقة.
وأشارت المتحدثة الأميركية خلال المؤتمر الصحافي، الخميس، إلى أنَّ المشاورات ستستمر خلال اليومين المقبلين قبل عطلة أعياد الميلاد.
ورفضت الإفصاح عن النقاط الأساسية التي ترفضها واشنطن في مسودة القرار الفلسطيني، مضيفةً "لا أريد الدخول في تفاصيل المسودة، وبصفة عامة مبدؤنا الثابت هو أننا لا يمكن ولن نساند أي تحرك أحادي الجانب يفرض شروطا أو يحدد جدولا زمنيا".
من جانبه؛ أكد سفير السعودية لدى الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، أنَّ الرياض تؤيد الموقف الفلسطيني، مشددًا على ضرورة الوقوف صفًا واحدًا تجاه استصدار القرار، وتأييد المساعي الفلسطينية.
وأشار المعلمي إلى أنَّ الوفدين الفلسطيني، والأردني، قدما ملخصًا كاملًا للمشاورات، وأنَّ عمان كانت تتصرف من منطلق الإجماع العربي للقرار.
وكشف المعلمي عن أنَّ "الوفد الفلسطيني قدم المشروع باللون الأزرق، ولا يعني ذلك الدعوة للتصويت فورا"، مؤكدًا أنَّ "الوفد الفلسطيني مستعد للتفاوض بشأن القرار".
وأضاف "أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التفاوض، لاسيما مع الجانب الفرنسي والأوروبيين عموما، وأيضا مع الأميركيين".
وتابع "أنهم صرحوا بأنهم سيتعاملون مع القرار الرزين"، لافتًا إلى أنَّ "مشروع القرار الفلسطيني متوازن ورزين، وإذا كان الدبلوماسيون الغربيون، والأميركيون خاصة، لهم ملاحظات فسوف تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المسؤولين الفلسطينيين".
من جانبها، أشارت سفيرة الأردن لدى الأمم المتحدة، دينا قعوار، إلى أنَّ مشروع القرار ما زال يخضع لمشاورات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وأن موعد التصويت عليه لم يتحدد بعد.
وأضاف السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور: "كوننا قدمنا مشروع القرار باللون الأزرق (كخطوة تستدعي التصويت على مشروع القرار خلال 24 ساعة) لا يغلق الباب أمام مواصلة المفاوضات مع جميع شركائنا، بمن فيهم الأوروبيون والولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أنَّ أن التصويت لن يكون خلال الساعات الـ24 المقبلة.
وشدد السفير الفلسطيني على أنَّ جوهر مشروع القرار الفلسطيني يستند إلى ثوابت وأسس قرارات الأمم المتحدة والقرارات الدولية من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي مع إسرائيل وتبني جدول زمني تقوم خلاله إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية ووضع آلية وميكانزيم من أجل عقد مؤتمر دولي تشارك فيه أطراف عربية ودولية من أجل مناقشة القضايا العالقة بين الجانبين والتوصل إلى تسوية على أساس حل الدولتين.
وحول موقف الولايات المتحدة من مشروع القرار أضاف منصور "سنواصل التفاوض مع الجميع ومع الأميركيين إذا كانوا مستعدين وراغبين في ذلك".
وتابع "ربما ننجح في الحصول على شيء يمكن أن يعتمده مجلس الأمن، مما يفتح الباب للسلام فيما يتعلق بالصراع بيننا وبين الإسرائيليين".
وكشفت مصادر مطلعة أنَّ الأوروبيين وفي مقدمتهم فرنسا، يعملون على صياغة نص توافقي لمشروع قرار يمكن أن يكون مقبولًا من الفلسطينيين ومن الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتسعى فرنسا إلى صياغة قرار ينص على استئناف سريع للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وفقًا لقواعد التعايش السلمي بين دولة فلسطينية ودولة إسرائيل دون أن ينص مشروع القرار على تحديد تاريخ لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، وهو ما يفسر المشاورات المستمرة بين الأطراف المختلفة وعدم تحديد موعد للتصويت.
وفي رام الله؛ أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن" أنَّ القيادة الفلسطينية بعد تقديم مشروع قرار "إنهاء الاحتلال" إلى مجلس الأمن مستعدة لمزيد من المشاورات حول المشروع بهدف إنجاحه، في إشارة إلى إمكانية تعديل مشروع القرار وتطويره.
وأوضح عباس في كلمة وجهها للشعب الفلسطيني: "قدمنا مشروع قرار إلى مجلس الأمن يهدف إلى وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين، قد تشاورنا مع الأشقاء والأصدقاء في كل مراحل إعداد ذلك المشروع، وقد حافظنا بذلك على مصداقية القيادة الفلسطينية"، مضيفا: "يأتي ذلك الجهد في إطار معركتنا السياسية لتحرير الأرض وإنهاء الاحتلال لدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وسنستمر في مشاورتنا مع الأشقاء والأصدقاء، من خلال المداولات التي ستتم في أروقة الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى حشد الدعم والتأييد لهذا المشروع، هذا وقد أكد مشروع القرار على كل ما جاء في قرار الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة في العام 2012، وبخاصة على ما يلي:
- التأكيد على حل الدولتين يجب أن يكون على أساس حدود الرابع من يونيو/ حزيران 67.
- أن تكون القدس عاصمة لدولتين، بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.
- وضع حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق مبادرة السلام العربية والقرار 194.
- الوقف التام لجميع الأنشطة الاستيطانية، ووضع ترتيبات أمنية تضمن وجود طرف دولي ثالث.
- الترحيب بمؤتمر دولي لإطلاق المفاوضات على أن لا تتجاوز فترة المفاوضات مدة عام.
- إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين قبل نهاية عام 2017".
وتقدم عباس بالشكر إلى المملكة الأردنية على جهودها التي بذلتها، ولجميع الدول الشقيقة التي شاركت في الأيام الماضية بالمداولات حول هذا الموضوع، ولفرنسا وروسيا ومصر ولجميع الأصدقاء، مضيفا: "نثمن المشاورات المكثفة التي جرت، ولا يفوتنا أن نجدد التأكيد على انفتاحنا على الاستمرار بالتشاور وتبادل الأفكار من أجل إنجاح هذا المشروع والوصول إلى قرار يضع الأسس التي تضمن مفاوضات جادة وتنهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين قبل عام 2017، وفي هذا المقام فإننا نتوجه بصادق الشكر لبرلمانات الدول التي أوصت حكوماتها بالاعتراف بدولة فلسطين، ونحن بدورنا ندعو حكومات كل الدول لتنفيذ توصيات برلماناتها بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية".
وطالب عباس دول العالم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، مضيفًا "نذكر أن كل من يؤمنون بحل الدولتين عليهم أن يتخذوا موقفا متوازنا، وذلك بالاعتراف بدولة فلسطين مثلما اعترفوا في الماضي بدولة إسرائيل".
وكان الأردن قدم مشروع قرار يدعو إلى السلام بين إسرائيل والفلسطينيين خلال عام واحد وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بنهاية 2017، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وتلقى مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا بشكل رسمي مشروع القرار الذي أعده الفلسطينيون، لكن من دون تحديد موعد للتصويت.
ويشير النص إلى التوصل إلى حل عبر التفاوض خلال عام، وكذلك "انسحاب كامل وعلى مراحل لقوات الأمن الإسرائيلية يضع حدا للاحتلال الذي بدأ عام 1967 (...) في فترة زمنية معقولة يجب أن لا تتعدى نهاية العام 2017".
وهذان المطلبان من الصعب بديهيًا أن تقبل بهما الولايات المتحدة التي هددت باستعمال حق النقض في مجلس الأمن، وكذلك إسرائيل.
ولكن سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور كشف أنَّ الفلسطينيين على استعداد لتعديل هذا النص وليسوا على عجلة من أمرهم لرفعه إلى التصويت خلافا لمًا كان أكده مسؤولون فلسطينيون كبار في رام الله.
ويخشى الفلسطينيون أن يسقط المشروع من تلقاء نفسه إذا لم يحسموا مسألة الأصوات الـ9، حيث أنهم ضمنوا 6 دول أعضاء في مجلس الأمن لتأييد المشروع العربي، وهي الأردن وروسيا والصين وتشاد ونيجيريا والأرجنتين، فيما تعارضه الولايات المتحدة ولتوانيا، وكوريا الجنوبية ورواندا، وأستراليا، ويبقى موقف لوكسمبورغ، وفرنسا وبريطانيا وشيلي غير واضح بانتظار نتائج المفاوضات.
وفي حال فشل الفلسطينيون في تمرير القرار بسبب عدم وجود أغلبية فإنهم يستطيعون إعادة الكرة مرة ثانية، أما إذا استخدمت واشنطن الفيتو فإنهم سينضمون إلى المنظمات الدولية، ولكن قد يعمد الفلسطينيون، إلى تأجيل التصويت برمته إلى كانون الثاني/ يناير المقبل إذا لم يتفقوا مع الأوروبيين، بسبب تغيير تركيبة مجلس الأمن الذي تدخل إليه كل من ماليزيا وفنزويلا وإسبانيا وأنجولا ونيوزيلندا، بدلًا من رواندا وأستراليا ولكسمبورغ وكوريا الجنوبية والأرجنتين، وهو ما يعزز حظوظ الفلسطينيين.