رام الله – وليد أبو سرحان
لوَّحت واشنطن بوقف المساعدات المالية عن الفلسطينيين، ردًا على انضمامهم إلى محكمة الجنايات الدولية؛ تمهيدًا لملاحقة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق أبناء الشعب الفلسطيني والاستيطان في أراضيهم.
وصرّح مسؤول كبير في الخارجية الأميركية، بأنَّ التداعيات المرتبة على الخطوة الفلسطينية ليست أمرًا مفاجئا، مشدَّدًا على أنَّ بلاده ستواصل مراجعة هذا الملف، مشيرًا إلى أنَّ المساعدة الأميركية للسلطة الفلسطينية لعبت دورًا مهمًا في تعزيز الاستقرار والازدهار، ليس فقط للفلسطينيين وإنما لـ"إسرائيل" أيضًا.
وكان مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، سلَّم مساء الجمعة، وثيقة انضمام دولة فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية، موضحًا خلال كلمة له أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أنَّ فلسطين لجأت إلى المحكمة الدولية الجنائية بعدما تعسرت مقاضاة الاحتلال الإسرائيلي، متمنيًا أن "تتمكن المحكمة الدولية من التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال في حق المدنيين الأبرياء نيابة عنا".
وشدَّد منصور على أنَّ فلسطين انضمت إلى المحكمة الجنائية كخيار سلمي لملاحقة "المجرمين" الإسرائيليين قضائيًا، مذكرًا بطرح فلسطين كل الملفات التي تتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبتها "إسرائيل" في حق الفلسطينيين، منتقدًا وسائل الإعلام الأميركية وتزييفها للحقائق بشأن ما كتبته صحيفة "نيويورك تايمز" حول "القيادة الفلسطينية انضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية" مصححًا بأنه يجب الحديث عن الدولة بدلًا عن القيادة.
وفي رد له حول لجوء الاحتلال الإسرائيلي أيضًا إلى محاكمة فلسطين، بأنَّ القيادة الفلسطينية لا تخشى هذه التهم المزعومة لأنها تحترم القوانين ولا تخشى مواجهتها بمسؤولية، مؤكدًا أنَّ خيار العودة إلى مجلس الأمن لا يزال مطروحًا على طاولة المشاورات وسيدرس بين القيادة الفلسطينية والأطراف المتصلة بالقضية.
فيما أكدت الأمم المتحدة الجمعة أنَّ مسؤولين من السلطة الفلسطينية قدموا وثائق للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وعدد من الاتفاقات والمعاهدات الأخرى، قائلة "إنَّ هذه الوثائق تجري الآن مراجعتها من أجل تحديد الخطوات المقبلة المناسبة ".
وقدَّم الوفد الفلسطيني الوثائق إلى الأمين العام المساعد للشؤون القانونية ستيفن ماتياس، وتضم وثائق للانضمام إلى ميثاق "روما" المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية و17 معاهدة دولية أخرى، لتبدأ رسميًا عملية الانضمام إلى المحكمة.
وأشار سفير فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور، إلى أنَّ الانضمام سيكون ساريًا بعد ستين يومًا من موعد تقديم الطلب، مضيفا للصحافيين في نيويورك أنَّ بلاده أصبحت الدولة رقم 123 التي تنضم إلى ميثاق "روما".
وأضاف منصور "سأجتمع مع مقرر المحكمة الجنائية الدولية بشأن بدء التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة الصيف الماضي، وراح ضحيتها أكثر من 500 طفل".
وأبرز أنَّ "هذه مجرد بداية، ونحن نعرف أيضًا أنَّ المستوطنات الإسرائيلية هي جريمة حرب بموجب الجنائية الدولية، وسنسعى إلى إحالة الإسرائيليين لمحاكمتهم على ذلك"، موضحًا "إنَّ القيادة الفلسطينية ستعلن أيضًا عن إحالة جرائم إسرائيلية أخرى إلى المحكمة، إننا هنا نبحث عن تحقيق العدالة من خلال آلية سلمية متحضرة".
وردًا على سؤال بشأن إمكانية مطالبة الاحتلال الإسرائيلي بمحاكمة قيادات حركة "حماس" أمام المحكمة الجنائية، أجاب منصور "لو كان بإمكانهم ذلك لفعلوه منذ وقت طويل، إنهم فقط يمارسون استعراضًا سياسيًا، كما أنَّ إسرائيل ليست عضوًا في ميثاق روما المنظم للجنائية الدولية".
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقع الأسبوع الماضي 18 اتفاقية ومعاهدة دولية، في مقدمتها ميثاق روما، بعد ساعات من رفض مجلس الأمن مشروع قرار ينهي الاحتلال الإسرائيلي في 2017.