غزة – محمد حبيب
فنّد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، اتهام البعض لحركته بأنها تفاوض الاحتلال من أجل إنشاء كيان في غزة، مؤكدًا أن لديهم الشجاعة إعلان أي مواقف بهذا الشأن.
وأكد هنية في كلمة له مساء أمس الخميس، في خان يونس جنوب قطاع غزة في الذكرى السنوية الحادية عشر لاغتيال أحد ابرز قادة الحركة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، أن حركة "حماس" تملك من الشجاعة والجرأة لتعلن للجميع مواقفها والحوار مع الاحتلال هو بما صنعه القسام "كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس" في المعركة الأخيرة.
وأضاف أن حركة "حماس" وفية لمبادئها ورؤيتها، وأنها لن تجري مفاوضات مع العدو حاليًا، وأن البعض يتهمهم بأنهم يجرون مفاوضات مع الكيان الصهيوني، وهو الذي يجري المفاوضات في الليل والنهار من فوق الطاولة وتحت الطاولة.
وتابع أن قضية التفاوض مع إسرائيل غير موجودة على طاولتها في هذه المرحلة، فهم يجدون كتاب ومثقفين من ذوي المدرسة التفاوضية يرددون أن "حماس" تجري مفاوضات وهم يريدوا أن يكونوا مثيلًا لهم، مطبقين مثل "رمتني بدائها وانسلت" فهم تعودوا على مفاوضات فوق الطاولة وتحتها، سرا وعلنًا -وفقًا قوله-.
وشدد هنية على أن حركة "حماس" لن تتنازل أو تفرط في شبر واحد من أرض فلسطين، وأنها لا تفاوض الاحتلال نهائيًا إلا بلغة السلاح والبندقية، قائلًا إن المفاوضات مع الاحتلال صنعتها "كتائب القسام" في أطول وأشرس حرب، برًا وبحرًا وجوًا، وانتصروا فيها، مشددين على أهمية حماية الشعب الفلسطيني في مخيم اليرموك، وتحييدهم عن الاشتباك في الشأن السوري، قائلًا "نحن ضيوف ننتظر العودة لفلسطين".
وأكد هنية على أن حركته لن تقبل بدولة في قطاع غزة أو إدارة مدنية أو بالإمارة أو الغنيمة، مشددًا على أنه لا تنازل ولا تفريط في ذرة واحدة من تراب أرض فلسطين التاريخية.
ووجه رسالة للأسرى قائلًا "سيأتي يوم تتنسمون به عبير الحرية ولن ننساكم"، مضيفًا "كما حررنا أسرانا سابقًا في صفقة "وفاء الأحرار" فإننا لن ننسى الأسرى المتبقين في سجون الاحتلال".
واعتبر هنية المتغيرات الإقليمية مبشرة للشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة، مُشيدًا بمناقب الشهيد الرنتيسي كأحد أبرز قادة الشعب الفلسطيني، وأحد أهم قادة حركة "حماس".
ويحيي الفلسطينيون الذكرى الحادية عشر لرحيل أحد أبرز قادتهم في القرن العشرين الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي الذي طالته يد الاحتلال في السابع عشر من نيسان/ ابريل عام 2004 بعد خروجه من منزله عند صلاة العشاء.
ولا يزال الفلسطينيون يذكرون كلمات الرنتيسي ومواقفه المقاومة، سيما بعدما تحقق وعده بضرب "كتائب القسام" لمدينة حيفا المحتلة بصواريخ تحمل الحرف الأول من اسمه.
وولد الرنتيسي في 23 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1947 في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا)، وكان عمره ستة شهور عندما تم تهجير عائلته وآلاف العوائل الفلسطينية من مناطق سكناهم إلى الضفة، والقطاع، والقدس، والشتات.
تخرج من كلية الطب في جامعة الإسكندرية عام 1972، ونال منها لاحقًا درجة الماجستير في طب الأطفال، ثم عمل طبيبًا مقيمًا في مستشفى ناصر في خان يونس عام 1976، وشغل الدكتور الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام منها عضوية الهيئة الإدارية في المجمع الإسلامي، والجمعية الطبية العربية في قطاع غزة (نقابة الأطباء)، والهلال الأحمر الفلسطيني، كما عمِل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 كمحاضرًا يدرّس مساقاتٍ في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات.
وكان الرنتيسي أحد قيادي حركة "الإخوان المسلمين السبعة" في قطاع غزة عندما حدثت حادثة المقطورة، فاجتمع قادة "الإخوان" المسلمين في قطاع غزة وعلى رأسهم الرنتيسي، وتدارسوا الأمر، واتخذوا قرارًا مهمًا يقضي بإشعال انتفاضة في قطاع غزة ضد الاحتلال "الإسرائيلي".
وتعرَّض الرنتيسي إلى ملاحقة الاحتلال واعتُقِلَ عددًا من المرَّات، وكان هو أول المعتقلين من قيادات حماس بعد الإعلان عن إطلاقها عام 1988، وبلغ مجموع فترات الاعتقال التي قضاها في السُّجون ومراكز الاعتقال الإداريِّ الإسرائيليَّة سبع سنواتٍ.
وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر 1992 أبعد الرنتيسي مع 416 مجاهدًا من نشطاء وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان، حيث برز كناطقٍ رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور لإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم وتعبيرًا عن رفضهم لقرار الإبعاد "الإسرائيلي".
وبعودة أحمد ياسين إلى قطاع غزّة في تشرين الأول/ أكتوبر 1997، عمل الرنتيسي جنبًا إلى جنب معه لإعادة تنظيم صفوف حماس، وعمل الرنتيسي كمتحدّثًا رسميًا لتنظيم حماس وكقائد سياسي للتنظيم.
واعتقل الرنتيسي في سجون السلطة الفلسطينية 4 مرات، وبلغ مجموع ما قضاه في زنازينها 27 شهرًا معزولًا عن بقية المعتقلين، وقد حاولت اعتقاله أكثر من مرة، ولكنها فشلت بسبب حماية الجماهير الفلسطينية لمنزله.
وبعد اغتيال مؤسس حركة "حماس" الشيخ القعيد القائد أحمد ياسين من قبل "إسرائيل" في أذار/ مارس 2004، اختير الدكتور الرنتيسي زعيمًا لحركة "حماس" في قطاع غزة، خلفًا للزعيم الروحي للحركة الشهيد الشيخ أحمد ياسين. واستشهد الدكتور الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه في 17 نيسان/ أبريل 2004 بعد أن قصفت سيارتهم في مدينة غزة.