أثار التدمير فى قطاع غزة

أقرَّ نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، رئيس اللجنة الوزارية لإعادة إعمار قطاع غزة الدكتور محمد مصطفى، السبت، بأنَّ خطوات الإعمار تسير بشكل بطيء متعهدًا بمواصلة المشوار لإكمال المهمة وإنجازها.

وشدَّد مصطفى على أنَّ "العمل جارٍ لإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، على مدار الساعة بالرغم من كل العراقيل التي اعترضتنا"، مؤكدا "إننا سننجز المهمة مهما كانت التحديات".

وأضاف مصطفى أنَّ عمل الحكومة في إعادة الإعمار جارٍ على ثلاثة محاور رئيسية، توفير التمويل اللازم للعملية، وإدخال مواد البناء، وتنفيذ مراحل برنامج عمل إعادة الإعمار.

 وتابع: "في المحور الأول، تعمل الحكومة الفلسطينية جاهدة من أجل تجنيد الأموال التي تعهد بها مؤتمر المانحين في القاهرة في 12 تشرين أول/ أكتوبر الماضي لتحسين أوضاع قطاع غزة وإعادة الحياة الكريمة لأهلنا فيه. فما أن اختتم المؤتمر أعماله حتى بدأنا بالتواصل مع الدول المانحة التي تعهدت بدعم عملية إعادة إعمار القطاع، وفي هذا السياق كانت لنا جولة في بعض الدول تمخض عنها أول النجاحات من قطر، حيث تعهدت دولة قطر من خلال رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر آل الثاني بأن تقوم دولة قطر الشقيقة بإرسال دفعة عاجلة من الالتزام الذي قدمته قطر في مؤتمر القاهرة لصالح إعادة إعمار غزة بقيمة 200 مليون دولار".

وأوضح مصطفى أنَّ " الدفعة العاجلة ستستخدم في نشاطات الإنعاش المبكر وبالأخص قطاع الإسكان والقطاع الاقتصادي وقطاعات البنية التحتية إلى ذلك، تم الاتفاق مع عدد من الدول المانحة على البدء بتمويل مشاريع بقيمة تزيد عن 125 مليون دولار أخرى للمباشرة في أعمال الإغاثة الطارئة في مجالات السكن والمأوى المؤقت والكهرباء والمياه والصرف الصحي وإزالة الأنقاض، وتم الإعلان عن مناقصات لتوريد المعدات والتجهيزات المطلوبة لعدد من مشاريع الإنعاش المبكر، ويتضح من الأرقام أعلاه أننا لم نحصل حتى الآن إلا على نذر يسير من الأموال التي وعدنا بها، ونستمر بالعمل على تحصيل هذه الأموال لصالح مشاريع إعادة الإعمار.

 وبيّن "في المحور الثاني يأتي العمل على إدخال مواد البناء إلى القطاع لنتمكن من المضي بخطوات أسرع في إعادة الإعمار. نؤكد في هذا الصدد على أحقيتنا المبدئية كفلسطينيين بإدخال كافة المواد اللازمة لبناء القطاع ولكل مواطن دون استثناء. إن الآلية التي تم التوصل إليها أخيرًا لإدخال مواد البناء ليست بالآلية الأمثل، ولدينا تحفظات عديدة عليها، ولكنها الآلية الوحيدة المتوفرة حاليا وقد تم تعديلها من خلال رفع بعض القيود الرقابية المفروضة على مواد الإعمار والموزعين والأنظمة الرقابة المتبعة"

وشدّد رئيس لجنة الإعمار، على "التواصل مع كل الأطراف المعنية لتفعيل هذه الآلية وتحسين أدائها وتوسعتها لضمان وصول مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار بشكل منتظم. سيكون إدخال مواد البناء لإعمار القطاع معركة ضارية بحد ذاتها، نأمل من المواطنين استيعاب صعوبتها وإسنادنا فيها حتى نتمكن من انتزاع حقوقنا".

وعلى صعيد متصل، تابع "فقد قمنا بالعمل على إدخال مواد البناء اللازمة لإعادة تفعيل واستكمال المشاريع القطرية التي كانت قد تعطلت أخيرًا بسبب عدم توفر مواد البناء وقد بدء بالفعل إدخال مواد البناء لهذه المشاريع حيث تم إدخال أكثر15 ألف طنا من البسكورس (مادة أساس الطرق) و 1000 طن بيتومين (القار) و2400 طن اسمنت و2100 طن حصمة و320 طن حديد تسليح إنشائي إلى يومنا هذا".

وأشار إلى أنَّ "هذا الإدخال المتواصل أدى إلى تفعيل رزمة من المشاريع تتعدى قيمتها 300 مليون دولار، كما نعمل حاليًا لتسهيل إدخال مواد البناء لمشاريع أخرى ممولة من خلال دول الخليج العربي بتنسيق من البنك الإسلامي للتنمية في جدة، كما حصلنا على موافقة من الجانب الآخر لإدخال 300 شاحنة صغيرة وكبيرة لدعم قطاع النقل لمواكبة حركة إعادة الإعمار".

 وواصل حديثه قائلًا "أما في المحور الثالث، فيأتي العمل على خطة الإعمار ذاتها، وهي خطة متكاملة أعدتها الحكومة لإعمار القطاع على مدار السنوات الثلاثة القادمة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية والحوكمة، وفي هذا المحور، بدأت الحكومة بالعمل بشكل جاد على تنفيذ الخطة بالتركيز على أهم الأولويات من خلال ثلاث خطط عمل قطاعية تنفيذية وهي خطة الإيواء العاجل لتوفير السكن المؤقت للمتضررين، وخطة تأهيل المرافق وتوفير الخدمات العامة بما فيها الكهرباء والمياه والصرف الصحي وإزالة الأنقاض وخطة تشغيل القطاع الاقتصادي لتأهيل المصانع والمزارع ودعم القطاع الخاص، وتم اعداد هذه الخطط من خلال الفريق الوطني لإعادة الإعمار بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي".

وأوضح في هذا الصدد، بعض الخطوات التي أنجزت، "في قطاع الإسكان والإيواء المؤقت، فقد شارفت عمليات حصر الأضرار على الانتهاء لمنازل المتضررين من غير اللاجئين بإشراف وزارة الأشغال العامة والإسكان وبالعمل الميداني مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واتحاد المقاولين وجارٍ العمل على استكمال حصر الأضرار للمتضررين اللاجئين بالتنسيق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين حيث تصل القيمة الإجمالية للوحدات السكنية المتضررة قرابة 115 ألف وحدة سكنية".

وأبان "هناك 91000 أسرة متضررة مسجلة لدى وكالة الغوث، تم حصر 79000 وحدة سكنية منها حصرا تفصيليا حتى الآن، وهناك 22300 أسرة منها استلمت دفعات مالية من وكالة الغوث منها 0002 أسرة بدل إيجار 20300 أسرة لإصلاحات الأضرار الجزئية، أما بخصوص حصر أضرار المتضررين من غير اللاجئين فهي كما يلي: إجمالي عدد الوحدات السكنية المتضررة 27,636 منها:

-       الهدم الكلي: 3,329 وحدة سكنية.

-      الهدم الجزئي غير صالح للسكن: 1,592 وحدة سكنية.

-       الهدم الجزئي صالح للسكن: 22,715 وحدة سكنية.

ولفت مصطفى إلى أنَّه "تم البدء حاليًا ومن خلال مؤسسة "UNDP" بدفع قيمة بدل إيجار لـ900 أسرة من أصحاب المنازل المهدمة كليًا كدفعة أولى حيث تم دفع قيمة إيجار لمدة 4 أشهر بقيمة 1000 $ بالإضافة لـ500$ لشراء أغراض منزلية للأسر التي كانت في المدارس وكذلك دفع بدل إيجار لمدة 6 أشهر و500$ لشراء أغراض منزلية لباقي الأسر وسيستمر مواصلة العمل بهذا البرنامج".

واستكمل "يجري حاليًا العمل على ترميم 600 منزل متضرر بشكل بالغ في منطقة الشجاعية بقيمة 10 مليون دولار بالتنسيق بين وزارة الأشغال العامة و مؤسسة "UNDP" وفقا للاتفاق الذي وقعه دولة رئيس الوزراء مع البنك الإسلامي للتنمية في جدة".

واسترسل مصطفى "وفي ضوء ذلك فقد انخفض عدد المقيمين في مراكز الإيواء الطارئة أصبح الآن حوالي 23000، علمًا بأنَّ الحكومة قدّمت إغاثة عاجلة بقيمة 1,000 دولار لكل منزل مدمَّر كليًا وذلك أثناء العدوان وبعده، بتمويل من اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة وقدمنا أيضا مبلغ بقيمة 22 مليون شيكل كإغاثة عاجلة للمتضررين من صندوق الحكومة الفلسطينية وانتشرت آليات الاشغال العامة الحكومية في كافة المحافظات ولم تتوقف عن العمل في انتشال العشرات من المصابين والشهداء من تحت الأنقاض في المحافظات المختلفة وعلى مدار الساعة، وقد عملت لأكثر من 3,100 ساعة عمل في فتح الشوارع وإزالة المنازل الخطرة الآيلة للسقوط".

وفي السياق نفسه، أكد أنَّ المساعدات المالية كبدل إيجار ولشراء الأغراض المنزلية الأساسية ولإصلاح الأضرار لمنازل اللاجئين الذين تدمرت بيوتهم بشكل جعلها غير قابلة للسكن وذلك من خلال وكالة الغوث ولغير اللاجئين من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد بلغت حاولي 23 مليون دولار تم توزيعها بالفعل على هذه الأسر المتضررة منازلها، ومن المتوقع أن يزداد عدد المستفيدين مع وصول تمويل إضافي في القريب العاجل".

ونوّه نائب رئيس الوزراء بأنَّه "قد تم أخيرًا تأمين 3.3 مليون دولار لهذا البرنامج من مملكة السويد سوف توزع على النازحين، في هذه الأثناء، حصلنا على تعهدات من عدد من المانحين لتزويد كرافانات (البيوت المتنقلة) لمواطنين متضررين ويجري العمل حاليًا على وضع خطة لتصنيع 3000 منها والتنسيق لإدخالها إلى القطاع ومن ثم توزيعها على المتضررين، حيث وضعت وزارة الأشغال حجر الأساس لمشروع إنشاء 1,000 وحدة سكنية متنقلة بقيمة 12.5 مليون دولار من خلال مؤسسة "تيكا" التركية ويجري تصنيع 1000 كرفان بتمويل من سلطنة عمان الشقيقة في طولكرم والخليل لادخالها الى غزة الشهر المقبل".

"كما تم توزيع بطاقات مواد بناء على أكثر من 1422 متضرر من القوائم المعتمدة حتى الآن وتوجيههم إلى الموردين لاستلام هذه المواد وفقا لآلية الأمم المتحدة، وقد استلموا أكثر من 1300 طن اسمنت حتى تاريخه والعمل مستمر، كما أنَّ العمل جارٍ على إيصال مواد البناء لـ 25 ألف متضرر آخر، حيث تمت الموافقة نهاية الأسبوع المنصرم على 6,000 اسم متضرر منهم لاستلام مواد البناء لإصلاح منازلهم".

وبشأن أزمة الانقطاع الكهربائي المتواصلة، أجاب "تم استكمال إصلاح خطوط التغذية الرئيسية القادمة من شركات تزويد الكهرباء الإسرائيلية بشكل دائم لتعود للعمل بكامل طاقتها فنجحنا بذلك من رفع التزود بالكهرباء إلى 8 ساعات يوميًا ويزيد عن ذلك في بعض المناطق، وفي هذه الأثناء، تم تأمين تمويل بقيمة 21 مليون دولار عبر البنك الدولي لتأهيل شبكة الكهرباء، وإعادة تأهيل شبكات كهرباء المستشفيات وشراء مواد كهربائية. هذا وقد جرى العمل على توفير تمويل لشراء الوقود اللازم لتشغيل محطة كهرباء غزة من قطر الشقيقة وتدعم حكومة التوافق الوطني ذلك من خلال إلغاء الضرائب على الوقود لمحطة التوليد في غزة".

وبيّن "أبلغنا الاحتلال الإسرائيلي رفضهم السماح لمحطة توليد الكهرباء المحمولة على سفينة من تركيا، ولا زال العمل جارٍ مع الطرف الإسرائيلي بخصوص إنشاء خطوط 161 KV لزيادة السعة للتزود بالكهرباء وسد العجز القائم".

وفي سياق أزمة المياه، أكد مصطفى أنَّه تم الإصلاح المؤقت والعاجل لــ 15 بئر مياه مدمرة جزئيًا والإصلاح الدائم لبئري مياه مدمرة  كليا حتى الآن، وجاري العمل على إصلاح 5 آبار مدمرة تدمير كلي. إلى ذلك، تم إصلاح 11 خزان مياه علوي بشكل مؤقت و 4 محطات تحلية مدمرة بشكل جزئي وإحدى المحطات التي دمرت بشكل كامل، فيما يجري العمل على إصلاح وإعادة تأهيل 42% من شبكات المياه المدمرة في قطاع غزة و 30% من شبكات الصرف الصحي المدمرة، ومحطة معالجة الصرف الصحي شمال غزة، و 5 مضخات للصرف الصحي. هذا وقد تم أيضا إصلاح خط تزود المياه الرئيسي من المنطار وتجهيزه لاستلام كميات مياه إضافية من الجانب الإسرائيلي تم الإتفاق عليها سابقا".

وفي قطاع إزالة الركام، أوضح أنّه تم توقيع اتفاق مع السويد لتمويل برنامج إزالة الركام بقيمة 3.2 مليون دولار وتجري اتصالات مع دول مانحة أخرى بهدف الحصول على مزيد من التمويل لهذا البرنامج منها الوكالة الأميركية للتنمية والحكومة اليابانية، بالإضافة لتجهيز مكان خاص لإزالة الركام وإعادة تدويره، وفي هذه الأثناء، تعمل وزارة الأشغال العامة والإسكان على استكمال هدم المنازل الخطرة والآيلة للسقوط والتدعيم العاجل لمنازل متضررة أخرى والتي تشكل خطر على محيطها.

أما في القطاع الاقتصادي، أكد مصطفى أنَّه "بدأ العمل في عدد من المشاريع الزراعية من قبل جمعيات ومنظمات أهلية محلية ودولية بإشراف وزارة الزراعة، وتبلغ تكلفتها الإجمالية حوالي 15 مليون دولار. وتشمل هذه المشاريع توزيع الأعلاف وتسوية الأراضي وتأهيل أراضي ودفيئات وآبار زراعية. إلى ذلك، تم إنهاء عملية الحصر الميداني لكل المنشآت الصناعية والتجارية والخدماتية من قبل لجنة حصر الأضرار وقامت لجنة القطاع الاقتصادي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة أيضًا بإعداد خطة عمل لإنعاش القطاع الاقتصادي (صناعة وزراعة وتجارة وخدمات وقطاع خاص)، وتم تأمين تمويل لتشغيل ألف يد عاملة عبر وزارة العمل من خلال اتفاقية وقعناها مع برنامج الأمم المتحدة، لتخفيف حجم البطالة ونسعى لتوسعة هذا البرنامج".

واختتم رئيس لجنة إعادة الإعمار الدكتور محمد مصطفى، قائلًا "قد تبدو هذه الإنجازات كبيرة يفتخر بها في وضع عادي، ولكنها لا شك محدودة أمام حجم الدمار وحاجة المتضررين، مما يدفعنا إلى التأكيد على عهدنا ببذل أقصى الجهود في هذا العمل، والتي نعد بأن لا تتوقف حتى ينال أهلنا في القطاع الحياة الكريمة التي يستحقون. مرة أخرى نود التأكيد ان الحكومة لن تدخر جهدا لرفع المعاناة عن أهلنا في غزة ولإنجاز مهمة الإعمار إن شاء الله مهما كانت الصعوبات والتحديات".