القدس– محمد حبيب
كشفت وسائل إعلام "إسرائيلية"، الخميس، عن وصول مفاوضات تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة إلى طريق مسدود، ولا تزال المحادثات عالقة، رغم أن حزب الليكود "الإسرائيلي" تابع المفاوضات الائتلافية لتشكيل الحكومة خلال فترة "عيد الفصح" اليهودي.
وذكر مصدر في الليكود، إلى الإذاعة "الإسرائيلية" وصف بأنه مطلع على المفاوضات، أن كل الخيارات قائمة على الطاولة، وأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، معني بحكومة مستقرة، وأنه حال عدم تحقيق تقدم في المحادثات فإن كل الخيارات ستتم دراستها، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة.
وكان ممثلون عن الليكود اجتمعوا مع نظرائهم من "البيت اليهودي"، الثلاثاء الماضي، وبدأوا العمل على وثيقة تشتمل على 39 بندًا تتضمن كل مطالب "البيت اليهودي"، والتي تقدر تكلفتها بمليارات الشواكل، كما تتضمن تغييرات في القانون تضعف الجهاز القضائي، وتمسّ بجمعيات حقوق الإنسان.
ونقل عن مصادر في "البيت اليهودي" قولها إن هناك حالة من الإحباط نتيجة التقدم البطيء في المحادثات.
وفي المقابل، تؤكد مصادر في الليكود أن الخلاف يتركز حول منصب رئيس "البيت اليهودي" نفتالي بينيت في الحكومة المقبل، ويقترح الليكود على بينيت حقيبتي وزارة المعارف ووزارة الزراعة.
وعلى صلة، فإن المفاوضات مع حزب "كلنا"، برئاسة موشي كحلون، ليست في حال أفضل، إذ يصر كحلون على الحصول على ما يسميه "أدوات العمل" للقيام بدوره وزيرًا للمال، وبضمان هذه الأدوات رئاسة اللجنة المالية التابعة للكنيست، والتي تعهد الليكود بمنحها لموشي جفني (يهدوت هتوراه)، وكذلك دائرة التخطيط التي لا ينوي وزير الداخلية المرتقب، أرييه درعي، التنازل عنها، إضافة إلى رئاسة دائرة أراضي "إسرائيل".
تجدر الإشارة إلى أنه من المقرر أن تتجدد المحادثات، الأربعاء، بين الليكود و"يسرائيل بيتينو"، بينما لا يزال يصر أفيغدور ليبرمان على حقيبة وزارة الحرب، بينما يعرض عليه الليكود وزارة الخارجية.
هذا وتناولت مواقع عبرية، الخميس، ما رشح عن المفاوضات الجارية مع حزب "كولانو" بزعامة موشيه كحلون وحزب "البيت اليهودي" بزعامة نفتالي بينت، والتي تؤشر إلى وجود الكثير من الصعوبات التي تعترض تشكيل الحكومة "الإسرائيلية"، ولإعطاء نظرة أكثر تفصيلية عن طبيعة الائتلاف والمفاوضات لابد من تحديد طبيعة الأحزاب المفترضة للدخول في الائتلاف الحكومي مع نتنياهو.
وهناك أحزاب اليمين والمتمثلة في ثلاث أحزاب غير "الليكود"، وحزب "كولانو" وحزب "البيت اليهودي" وحزب "إسرائيل بيتنا"، وهذه الأحزاب عمليًا بدأ نتنياهو مع طاقمه التفاوضي في عقد عدة جلسات معها للتوصل إلى تفاهمات حول الائتلاف الحكومي، فبعد الحديث عن الأسس التي يجب أن يرتكز عليها الائتلاف الحكومي والتي من السهل التوصل إليها "المقصود هنا السياسة العامة للحكومة، والتي لا يوجد خلاف كبير بين هذه الأحزاب في القضايا الجوهرية فيها، الصراع الفلسطيني، إيران، وغيرها"، فإنه يبدو من الصعب إرضاء هذه الأحزاب في توزيع الحقائب الوزارية "الكعكة"، إذ يجد نتنياهو نفسه أمام وضع صعب في ظل تضارب كبير بين هذه الأحزاب في مطالبها بشأن الوزارات الرئيسية، فهناك ثلاث وزارات عليها الصراع الكبير بين الأحزاب الأربعة "الجيش، والخارجية، والمال".
وقد يبدو للوهلة الأولى بأن نتنياهو قادر على ضم حزب "كولانو" للائتلاف الحكومي بمنحه موشيه كحلون وزارة المال، ولكنه يطالب بإسناد هذه الوزارة حتى تكون فاعلة بما يطلق عليها "أدوات العمل" والمتمثلة في حصوله على "دائرة أراضي إسرائيل" و "دائرة التخطيط" ولا زالت عينه على لجنة المال في الكنيست بالإضافة إلى وزارات أخرى مثل وزارة حماية البيئة.
والمشكلة الأكبر التي تواجه نتنياهو تتمثل في إرضاء نفتالي بينت زعيم "البيت اليهودي" وكذلك أفيغدور ليبرمان زعيم "إسرائيل بيتنا" فشروطهما واضحة لدخول الائتلاف الحكومي؛ الحصول على وزارة الخارجية أو الجيش.
كما صرح نفتالي بينت في محادثات داخلية في حزبه، وكذلك الحال مع ليبرمان الذي قد يُمنح وزارة الخارجية من قِبل نتنياهو لضمان وجوده في الائتلاف، ولكن سيجد نتنياهو نفسه أمام مشكلة كبيرة مع بينت الذي هاجمه بشدة في حديث مغلق تم نشره اليوم، وأصر في هذا الحديث على مطلبه إما "الخارجية أو الجيش"، وفي ظل رفض حزب "الليكود" عن وزارة الجيش التي سيشغلها مجددًا موشيه يعلون فإن الوضع ستعقد أكثر أمام نتنياهو.
والجزء الثاني من الأحزاب المفترضة هي أحزاب المتدينين "حركة شاس، يهودات هتوارة" قد لا يجد نتنياهو صعوبات في القضايا السياسية مع هذه الأحزاب، ولكنه سيجد صعوبات حول تقسيم الحقائب الوزارية واللجان في الكنيست الإسرائيلي، وكذلك الموازنات للكثير من القضايا التي تهم جمهور المتدينين، صحيح بأن هذه الأحزاب عودتنا على قبولها الرشوة المالية وميزانيات تهما كثيرا، ولكن مع وجود تعارض كبير فيما تطلبه أحزاب اليمين مع هذه الأحزاب قد تعقد الأمور أكثر على نتنياهو.
ومطلب حزب المتدينين الغربيين "يهودات هتوارة" في لجنة المال التابعة للكنيست يتعارض بشكل كبير مع موقف حزب "كولانو"، ففي حال بقى كحلون مصرًا على هذه اللجنة، فإن نتنياهو سيجد صعوبات كبيرة في إرضاء حزب "يهودات هتوارة".
وفي المقابل، فإن مطلب حزب المتدينين الشرقيين "شاس" يتعارض بشكل كبير مع مطلب كحلون، فالحديث عن منح ارئي درعي زعيم "شاس" وزارة الداخلية قد لا يجد معارضة، ولكن
الحديث عن "دائرة التخطيط" يشكل معضلة كبيرة لحركة "شاس"، فهذه الدائرة تابعة لوزارة الداخلية ولكن كحلون يطالب بها، وهذا ما يرفضه بشكل قاطع درعي ولن يتنازل عنها.
ودفعت هذه الصعوبات طاقم "الليكود" التفاوضي وكذلك نتنياهو نفسه للتلميح بالذهاب إلى المعسكر الصهيوني والاتفاق معه على تشكيل الحكومة "الإسرائيلية"، ما سمح بعودة هذا الاحتمال ليكون على الطاولة السياسية في "إسرائيل"، صحيح صدرت تصريحات عن المعسكر الصهيوني وعلى لسان زعيمه يتسحاق هيرتصوغ، الذي أكد بأنه سيكون في صفوف المعارضة ويقودها، ولكن رشحت بعض المعلومات عن فتح مفاوضات من خلف ظهر هيرتصوغ، ومع ذلك يبقى نشر هذه المعلومات في سياق الضغوطات، التي يمارسها "الليكود" على حلفائه من أحزاب اليمين، ودفعهم إلى التنازل عن بعض شروطهم والانصياع لحزب "الليكود".
ويبقى القول بأن الاحتمال الأقرب هو نجاح نتنياهو بتشكيل حكومة من اليمين والمتدينين، وقد يجد نفسه مضطرًا لتقديم بعض التنازلات لهذه الأحزاب لتشكيل الحكومة وبقاء نتنياهو على رأسها، والذي قد يبدو بأنه له أهمية أكبر من القضايا الجوهرية الأخرى.