غزة – محمد حبيب
حذر مختصون وباحثون في مجال الأسرى، من اتساع دائرة استهداف الأطفال الفلسطينيين من قبل الاحتلال الاسرائيلي باعتقالهم وفرض الإقامة الجبرية عليهم داخل منازلهم. وأكدوا على ضرورة تحمل المؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، مسؤولياتها كافة اتجاه ممارسات إسرائيل بحق الأسرى الأطفال والعمل على إطلاق سراحهم فورًا لما يشكل اعتقالهم التعسفي مخالفة للقوانين الدولية.
وكان الاحتلال الاسرائيلي، أفرج عن الطفلة الفلسطينية ملاك الخطيب( 14 عامًا) مطلع الأسبوع الجاري في وقت تركت خلفها 220 طفلًا يقبعون في السجون الإسرائيلية، وهم موزعون على كلًا من عوفر ومجدو والنقب وهشارون وعتصيون ومراكز توقيف أخرى.
ويقبع خلف أسوار "عوفر" العدد الأكبر من الأطفال الأسرى، إذ يعتقل 99 طفلًا داخل جدرانه يحرمون من مرحلة التعليم الأساسي.
وذكر نادي الاسير الفلسطيني، في بيان صحافي، أنَّ "قوات الإحتلال كانت قد اعتقلت الطفلة الخطيب في 31 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، خلال عودتها من المدرسة في قريتها بتين القريبة من رام الله ووجهت لها تهمة إلقاء الحجارة وحيازة سكين، و حكمت عليها بالسجن لشهرين وغرامة مالية بقيمة 6000 شيكل.
بدوره، أشار مسؤول دائرة الإحصاء في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عبد الناصر فروانة إلى، إنَّ ظاهرة الحبس المنزلي للأطفال مؤشرًا خطيرًا.
وأضاف: "يخرج الطفل من السجن بكفالة ويأمر بعدم خروجه من المنزل فيتحول الأهل إلى سجانين، ويهددوا بعودة إبنهم للسجن أو دفع غرامة مضاعفه إذا أخل بشروط الإفراج".
وذكر فروانة، إنَّ اعتقال الأطفال يمارس من قبل الاحتلال ضمن سياسة ممنهجة ومبرمجة وأنهم ينظرون إلى ذلك بخطورة بالغة.
وأضاف: "ما يتعرض له الأطفال يأتي في سياق تشويه مستقبلهم من قبل إسرائيل لأنها تخشى أن يتأثر تفكيرهم وطموحاتهم بروح مقاومة الاحتلال.
ونبه فروانة، إلى أنّ ملف اعتقال الأطفال ليس سهل وخطير، ويجب أن يبقى مفتوح ويتصدر سلم أولويات الجميع من دون استثناء، مؤكدًا على أهمية الانتباه للملف وعدم التعاطي معه بمجرد ردات فعل.
وأفاد فروانة، أنَّ حجم الاستهداف للأطفال ليس فقط بالخطر المحدق بهم وإنما الخطر الأكبر يصاحب الاعتقال من تنكيل وتعذيب واجراءات قمعية خلال المحاكمات العسكرية، إضافة إلى حرمانهم من التعليم والرعاية الصحية.
وشدّد على أنّ ما يتعرض له الاطفال يؤثر على طموحاتهم وأحلامهم وتوجهاتهم.
وتأسف فروانة تجاه واقع الأسرى الأطفال قائلًا: "من المؤسف أننا كفلسطينيين نتعامل مع الملفات ولاسيما الاطفال بعشوائية. لافتًا أنَّه من الضروري رفع نسبة الاهتمام بحاجة الاطفال المسجونين لدى إسرائيل.
ونوه فروانة أن محاكمة الأطفال تستغرق فترات طويلة في ظل قضاء إسرائيلي غير نزيه، ولا ينظر إلى كيفية انتزاع المحققين للاعترافات من الأطفال لجعلها مستند إدانة.
وأوضح أن الاحكام التي تصدر بحق الأطفال تبدأ من شهر وبعضهم عشر سنوات وبعض الاطفال سجن مؤبد وحسب دراسة فإن 95في المائة من الأحكام الصادرة بحق الاطفال تصاحبها غرامات مالية كبيرة تكون عبء على أهالي الأطفال.
من جانبه، أكّد الأسير المحرر والمختص في شؤون الأسرى رأفت حمدونة، إنَّ "إسرائيل لا تفرق بين طفل وبالغ في الاعتقال وتعامل الكل بدون استثناء على نفس الوتيرة في طريقة الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي والضغط خلال عملية التحقيق وفي بعض الاحيان يمارس على الطفل ما لم يمارس على البالغ بمسألة التعذيب الجسدي والضغط النفسي".
وذكر حمدونة الذي يدير مركز الاسرى للدراسات، أنَّ ذلك يؤثر بالتأكيد على الأسير الذي كفلت القوانين والحقوق الأساسية في الأمم المتحدة حقوقه.
وأشار أن "جميع أساليب التعذيب التي يتعرض لها الأطفال داخل السجون الإسرائيلية هي محرمة دوليًا، للأسير الطفل وغيره حقوق لا يراعيها الاحتلال وكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية، تكفلها."
وذكر حمدونة إنَّ "إسرائيل عندما تنتهك حقوق الأسير تنتهك أيضًا المواثيق والاتفاقيات نفسها والتي ترعاها دول متنفذة"،
وناشد حمدونة، المنظمات الحقوقية وخاصة التي تعنى بالطفل بأن تكشف وتضع حداً لممارسات الاحتلال، مشيرًا إلى أنه من المهم تطبيق اتفاقية جينيف الرابعة التي تكفل حقوق الاسير .
ومن جهته، رأى مدير مركز "أحرار" لدراسات الاسرى فؤاد الخفش، أنَّ الجهود التي تبذل على المستوى القانوني اتجاه قضية الأسرى الأطفال ضعيفة وركيكة وغير مؤثرة ، ووصفها بأنها "صامتة" وبحاجة الى تفعيل بشكل أكبر.
واعتبر الخفش أنَّه من الضروري الضغط دوليُا بشكل أكبر على سلطات الاحتلال للإفراج على الاطفال المتواجدين بالسجون حالياً ووضع حد للاستهداف المتصاعد بحق الأطفال.
وقال: "للأسف الشديد اسرائيل تصر على بقاء الأطفال بالسجن لفترات طويلة وتنتهك كل حقوقهم وتعذبهم بقسوة كالكبار"، مشيرًا إلى أنَّ صمت الجهات الحقوقية الدولية وتخاذلها شكل عامل مشجع لسلطات الاحتلال لتتمادي بانتهاكاتها بحق الاطفال.
وذكر أنَّ الفلسطينيين مطالبين بتفعيل دورهم لما له من أهمية خاصة وأنه يشكل عامل ضغط على المؤسسات الدولية التي يفترض ان تلعب دورًا مهمًا وضاغطًا لنصرة هؤلاء الاطفال والزام اسرائيل باحترام حقوق الطفل.
وتابع: "لا يتمتع الأطفال المعتقلين لدي إسرائيل بأي من تلك الحقوق التي نص عليها إعلان حقوق الطفل الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة 1386 (د-14) المؤرخ في 20 تشرين الثاني 1959، وكذلك اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر1989.
وكفلت الاتفاقيات لجميع الأطفال بلا استثناء أو تفريق أو تمييز، حق التمتع بتلك الحقوق وفي مقدمتها حقهم بالتمتع بطفولة سعيدة ينعمون فيها بحياة آمنة، ومنع تعريض أي طفل للتعذيب، أو لغيره، من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو غير الإنسانية، أو المهينة.
تجدر الإشارة إلى أنَّ إسرائيل اعتقلت منذ عام 2000 نحو عشرة آلاف طفل تقل أعمارهم عن 18 عامًا، بمعدل 700 طفل سنويًا، بعضهم صدر بحقهم أحكام بالسجن لفترات طويلة تصل للسجن المؤبد (مدى الحياة).
ويعرض الأطفال الذين تم اعتقالهم لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، وعاشوا ظروف صعبة دون مراعاة لسنهم وحاجاتهم.