القدس المحتلة – وليد أبو سرحان
يتحسب الاحتلال "الإسرائيلي" لإمكان اندلاع حرب جديدة مع حزب الله اللبناني وأن تصبح منطقة "جرف حنيتا" نقطة الاشتعال لتلك المواجهة المقبلة.
واستشهد موقع "المونيتور الإسرائيلي"، الاثنين، بحادث تسلل رجال من حزب الله خلف الحدود اللبنانية مع فلسطين.
وذكر الكاتب "الإسرائيلي" بن كاسبيت، خلال مقال نشرها موقع "المونيتور": في 2 آذار/مارس 2002 تسلل مخربان وصلا من لبنان إلى المنطقة "الإسرائيلية" بالقفز من فوق الجدار الحدودي باستخدام سلم متأرجح "ترابيز"، وهو أداة متطورة قادر على تمكين المقاتلين من تسلق جدار دون لمسه، وبذلك الحفاظ على عنصر المفاجأة (لمس الجدار يشغل إنذارًا لدى غرف مراقبة الجيش "الإسرائيلي"، الذي يرسل فورًا مقاتليه إلى المكان)، "سلم الأرجوحة" هو أداة تزن (150-200) كغم، وأفلح المخربون في جره بطريقة ما إلى الجدار الحدودي ونصبه وتجاوز الجدار وإخفائه في المنطقة "الإسرائيلية"، والتمركز على مرتفع يسيطر على مفترق طرق بالقرب من المستوطنة "متسوبا"، إذ أطلقوا النار على السيارات والمواطنين "الإسرائيليين" الذين علقوا في المنطقة، ونجحوا في قتل 6 "إسرائيليين"، من بينهم ضابط في الجيش برتبة نقيب وإصابة عدد آخر من "الإسرائيليين"، ثم قتلوا.
وأضاف كاسبيت: 13 عامًا بالضبط مضت منذ ذلك التاريخ، تلك العملية نسبتها "إسرائيل" إلى حزب الله، رغم أن التنظيم تنصل منها (الجهاد الإسلامي أعلنت مسؤوليتها عن العملية)، واليوم يصرح حسن نصر الله علانية بأنه في المواجهة المقبلة مع "إسرائيل" سيحتل حزب الله أجزاءً من الجليل؛ هذا التحذير المعبر عن الغطرسة الشديدة يؤخذ على محمل الجد على الجانب "الإسرائيلي" من الحدود، حزب الله لا يستطيع أن يتغلب على "إسرائيل" أو يحتلها، ولكن بالاستخدام الصحيح لعنصر المفاجأة وبتركيز القوة والجهد وبالتخطيط الدقيق المحكم يستطيع حزب الله في المواجهة المقبلة أن يسيطر على مستوطنة "إسرائيلية" صغيرة أو حتى على عددٍ من المنازل في أحياء هذه المستوطنة ولمدة زمنية محدودة لا تتعدى بضع دقائق أو قل بضع ساعات إلى حين تدميرها.
وتابع: مثل هذه العملية سيكون لها صدى استراتيجي في الشرق الأوسط، المرة الأخيرة التي خسرت فيها "إسرائيل" مستوطنات لصالح خصم عربي وليس لفترة زمنية محدودة كانت في حرب العام 1948، وفي حرب 1967 أخلت "إسرائيل" بمبادرة منها مستوطنات الجولان ونجحت في استعادة السيطرة على الهضبة خلال عدة أيام بعدها، وبعد ذلك اجتاحت سورية، وسيطرة حزب الله على مستوطنة في الجليل تعتبر سابقة وإنجاز معنوي واستراتيجي كبير لنصر الله، حتى وإن انتهت بطرد أو قتل المسيطرين.
ووفق كاسبيت، فإن ضباط إسرائيليين كبار على الجبهة الشمالية واعون لمثل هذا الاحتمال، حزب الله لديه قوة كومندو لا بأس بها، وعدة وحدات تستطيع أن تجتاز خط الحدود بشكل مفاجئ دون أن يتم اكتشافهم، في وضع كهذا ولأن الجيش "الإسرائيلي" لا يستطيع أن يوجد في كل مكان وعلى طول الوقت فإنهم بالفعل يستطيعون أن يأخذوا مستوطنة أو حيًا من أحياء مستوطنة ما.
ويضيف: هذا القطاع المعرض للسيطرة والواقع ما بين مستوطنة "حنيتا" وبلدة "شلومي" في الجزء الغربي من الخط الأزرق الذي يفصل بين "إسرائيل" ولبنان ويبعد عدة كيلومترات عن البحر الأبيض المتوسط، إلى هذا المكان بالتحديد تسللوا العام 2002 في طريقهم لعملية "مفترق متسوبا"، مستوطنة "حنيتا" تقبع على الخط الحدودي بالتحديد على ذروة سلسلة من التلال تمتد على طول الجبهة وحتى رأس الناقورة على شاطئ البحر، في الجهة الأخرى وعلى بعد عدة مئات من الأمتار تمتد سلسلة من التلال المقابلة في المنطقة اللبنانية، ومن هنا يُتوقع قدوم رجال حزب الله، ويفصل "وادي القطيعة" بين سلسلتي التلال، وهو غور شديد الانحدار مغطىً بمساحات من النباتات الخضراء، المخربون الذين يرغبون في اجتياز الحدود في هذه المنطقة يستطيعون فعل ذلك بسهولة نسبيًا، الغابة الكثيفة التي تغطي الوادي تمكنهم من الاختفاء والتحرك دون أن يكتشفوا، كل ما عليهم هو انتظار اللحظة المناسبة لاجتياز الحدود فيصلون إلى البيت المنفرد في "حنيتا" الموجود على بعد عدة أمتار فقط.
وواصل كاسبيت: في الأسابيع الأخيرة أعلنت المنطقة الواقعة بين الخط الحدودي من الجانب "الإسرائيلي" وبين الخط الأزرق (الحدود نفسها) منطقة عسكرية مغلقة، قوات كبيرة من الجيش، بما في ذلك دبابات "ميركافا" وكتيبة من مشاة النخبة، تقف في حالة استنفار، أسفل الوادي وعلى التلال يمكنك رؤية ما بين 6 إلى 8 جرافات عملاقة تقرض بقوة شديدة جدران المنحدر، تتواصل هذه الأعمال منذ أسابيع طويلة وستتواصل لفترة ما، ما يفعله الجيش "الإسرائيلي" وباستثمار كبير يغير المسار الطبوغرافي، وتصنع "إسرائيل" جرفًا شديد الانحدار يدافع عن "حنيتا" و"شلومي" ويجعل التسلل إلى تخومها في هذه المنطقة عملية لوجستية غير ممكنة، والسر هو كما يشرح مسؤولون أمنيون "إسرائيليون": تحويل الأرض إلى تفوق استراتيجي، وهذا ما نقوم به.
ويضيف: البنية الأساسية وضعتها الطبيعة هناك،و "وادي القطيعة" عميق وحوافه منحدرة وتجعل المرور من السهل باتجاه الحدود "الإسرائيلية" عملية غير يسيرة، "إسرائيل" تزيل الآن جميع المساحة الخضراء الكثيفة التي تغطي المنحدر من جانبها باستخدام الجرافات، وتقضم المنحدر المكشوف وتحوله إلى جرف بزاوية عمودية تقريبًا، هذا الجرف سيرتفع في الواقع من أسفل الوادي إلى ارتفاع كبير، ولكي يجتازوه سيحتاج رجال حزب الله للقيام بالتسلق أو الهبوط من السماء، الوضع سيساعد الجيش "الإسرائيلي" على الاستعداد المناسب وتصغير طول المنطقة غير المحتمل.
وتابع: الجيش "الإسرائيلي" يعلم أن أي عائق أرضي أو اصطناعي سيكون مجديًا، لا ينظرون إلى جرف "حنيتا" الجديد على أنه بطاقة تأمين، فعندما تنتهي الأعمال في هذه المنطقة سيعالج الجيش "الإسرائيلي" قطاعات أخرى، طبيعة الأرض على طول الخط الأزرق ستمكنه من تسخير الطبوغرافيا وتحويلها إلى أداة دفاعية، سيكلف الأمر أموالاً طائلة، وتعتبر ميزانية بناء جرف "حنيتا" أكبر من ميزانية الشعبة كلها، ولكن هذا الإنفاق سيؤتي أكله في الوقت المناسب وبشكل كبير؛ هذا ما يظنونه في الجيش "الإسرائيلي".
واختتم كاسبيت: حزب الله يعلم بأعمال الجيش "الإسرائيلي"، في الأسابيع الأولى لم يعرف كيف يجيب وما الذي يدور، وبعدها لم تبقِ المشاهدات مكانًا للشك، من الناحية الأخرى للحدود تشاهد حركة واضحة كثيفة للجيبات البيضاء التابعة للقوة الأممية التي تمسك بهذا الخط الحدودي الحساس، يتفحص الطرفان ما يقوم به كل منهما الآخر، وللطرفين بات واضحًا أن المقصود هو الاستعداد للمعركة المقبلة. تبدو الآن بعيدة، فوجهة حزب الله يقولون في الجيش "الإسرائيلي" تجاه الشرق، إنه مستغرق في الداخل السوري بآلاف المقاتلين، وقد دفن في السنوات الأخيرة مئات المقاتلين، ولديه جبهة في الشمال اللبناني مع "داعش"، ولديه جبهة في قلب بيروت، ولديه جبهة سياسية داخلية لبنانية معقدة، و"حزب الله يعلم" يقول ضابط "إسرائيلي" كبير "تكلفة سيطرته المحتملة على البيت المنعزل في حنيتا لعدة ساعات، هذا البيت يساوي ما يقارب 200 ألف دولار، ولكن مغزى سقوطه في يد حزب الله لفترة زمنية قصيرة ستكون دمارًا بتكلفة حوالي 20 مليار دولار في لبنان، ولست واثقًا بأن هذا يساوي المحاولة".