سجون الاحتلال الإسرائيلي

كشف تقرير صدر من هيئة "شؤون الأسرى" حول واقع وظروف المعتقلين الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، بمناسبة يوم الأسير، عن فداحة المحنة التي يعيشها الأسرى داخل أقبية سجون الاحتلال، وانتهاك إدارة السجون لأبسط حقوقهم.

وأفاد التقرير بأنه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 بلغت حالات الاعتقال، '850 ألف' حالة، ومن بين المعتقلين 15 ألف أسيرة وعشرات الآلاف من الأطفال.

وأشار التقرير الذي وصل "فلسطين اليوم" نسخة عنه إلى أنه ومنذ عام 2000 ولغاية الأربعاء، سُجلت أكثر من (85) ألف حالة اعتقال، بينهم أكثر من (10.000) طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشر، ونحو (1200) امرأة فلسطينية، وأكثر من (65) نائبًا ووزيرًا سابقًا، وأصدرت سلطات الاحتلال قرابة (24) ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق.

وأوضح التقرير أن تلك الاعتقالات لم تقتصر على شريحة معينة أو فئة محددة، بل طالت كل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني دون تمييز، إذ شملت الأطفال والشبان والشيوخ، الفتيات والأمهات والزوجات، ومرضى ومعاقين وعمال وأكاديميين، ونوابًا في المجلس التشريعي ووزراء سابقين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وادباء وكتاب وفنانين.

وتفيد الوقائع وشهادات المعتقلين بأن (100%) من الذين مرّوا بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال تعرضوا لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.

كما لوحظ تصاعد استهداف الأطفال خلال الأربع سنوات الماضية، إذ سجل خلالها اعتقال (3755) طفلًا، منهم (1266) طفلًا خلال العام المنصرم 2014، فيما لم تتوقف سلطات الاحتلال عن استهدافها المتصاعد للأطفال.

وسُجل خلال الربع الأول من العام الجاري اعتقال ما يقارب مائتي طفل، دون مراعاة لصغر سنهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ودون أن تلبي احتياجاتهم الأساسية، بل عوملوا بقسوة، وتعرضوا للتعذيب وحرموا من أبسط حقوقهم الأساسية والإنسانية، وفرضت عليهم أحكامًا مختلفة بالسجن الفعلي والغرامة والحبس المنزلي، الأمر الذي يشكل خطرًا حقيقيًا على واقع الطفولة الفلسطينية ومستقبلها. وحسب شهادات الأطفال فإن 95% منهم تعرضوا للتعذيب والتنكيل خلال اعتقالهم واستجوابهم.

ويتوزع الأسرى الفلسطينيين، على قرابة ( 22) سجنًا ومعتقلًا ومركز توقيف، أبرزها نفحة، ريمون، عسقلان، بئر السبع، هداريم، جلبوع، شطة، الرملة، الدامون، هشارون، هداريم، ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو.

كما تتعرض الأسيرات الفلسطينيات خلال عملية الاعتقال للضرب والإهانة والشتم والتحقير وخلال عمليات النقل لا يتم إعلامهن إلى أي جهة سيتم نقلهن وخلال التحقيق تتعرض المعتقلات للإهانة والترهيب والتهديد وللمعاملة القاسية والضرب والتعنيف والمساس بكرامتهن.

وتستمر المعاناة من خلال عقوبات العزل الانفرادي أو الحرمان من الزيارة والكانتينا والخروج للفورة عدا عن اجراءات التفتيش الاستفزازي والحرمان من العلاج اللازم أو التعليم الجامعي والتقدم لامتحانات التوجيهي.

كما يوجد في سجون الاحتلال (7) أسيرات لهن أزواج وأشقاء في سجون أخرى، دون أن يسمح لهن بالالتقاء بهم أو التزاور أو حتى التواصل معهم.

ويعاني قرابة (1500) أسير في السجون الإسرائيلية من أمراض مختلفة، جرّاء الظروف الحياتية والمعيشية ورداءة الطعام وتلوث البيئة المحيطة والمعاملة القاسية وسوء الرعاية الصحية والإهمال الطبي، من بينهم 16 أسيرًا يقيمون بشكل شبه دائم في ما يسمى مشفى سجن الرملة بأوضاع صحية غاية في السوء ويعانون من أمراض خطيرة منهم مصاب بالشلل ومقعد ويحتاجون إلى رعاية صحية خاصة ومنهم من يحتاج لعمليات جراحية عاجلة في الوقت الذي يمنع أطباء من الخارج بزيارة المرضى ومعاينتهم أو تقديم العلاج لهم، كما يوجد في السجون الإسرائيلية أكثر من (80 ) حالة مرضية مزمنة للغاية، عدا عن وجود أكثر من (25) حالة مصابة بالسرطان وعشرات المعاقين ( إعاقات جسدية ونفسية وحسية).

وأشار التقرير إلى أن الاعتقال الإداري هو العدو المجهول الذي يواجه الأسرى الفلسطينيين، وهو عقوبة بلا تهمة، يحتجز الأسير بموجبه دون محاكمة ودون إعطاء الأسير أو محاميه أي مجالًا للدفاع بسبب عدم وجود أدلة إدانة واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى 'الملف السري' الذي تقدمه أجهزة المخابرات الاحتلالية الإسرائيلية.

وتتراوح أحكام الاعتقال الإداري ما بين شهر حتى 6 شهور يصدرها القادة العسكريون في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل تعسفي مستندين إلى العديد من الأوامر العسكرية المتعلقة بالخصوص، وفي مرات كثيرة يتم تجديدها لمرات عدة تصل أحيانًا لأكثر من عشرة مرات وليمضي المعتقل الإداري أكثر من خمس سنوات دون تهمة أو محاكمة وبذريعة الملف السري.

وشمل الاعتقال الإداري جميع فئات المجتمع الفلسطيني وعلى مختلف الأجناس امرأة ورجل، صغير وكبير، كما أن العديد من الأسرى الإداريين هم من الأطباء والمهندسين والأساتذة والصحفيين، وكذلك نواب المجلس التشريعي.

وحسب ما هو موثق لدى هيئة شؤون الأسرى والمحررين فإن (206) أسيرًا قد استشهدوا بعد الاعتقال منذ عام 1967، كان أخرهم الشهيد رائد الجعبري من الخليل. ومن هؤلاء الشهداء (71 معتقلاً) استشهدوا نتيجة التعذيب،. و(54 معتقلاً) نتيجة الإهمال الطبي و(74 معتقلاً) نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، و(7) أسرى استشهدوا نتيجة إطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون. هذا بالإضافة الى عشرات آخرين استشهدوا ورثوها عن السجون أمثال هايل أبو زيد، مراد أبو ساكوت، فايز زيدات، اشرف أبو ذريع وزكريا عيسى وغيرهم.

ويمارس الجهاز القضائي الإسرائيلي التمييز في الأحكام الصادرة بحق أسرى فلسطينيين والأحكام الصادرة بحق إسرائيليين، إضافة إلى عدم تقبل المحكمة العليا الإسرائيلية آلاف الشكاوى المرفوعة من قبل الأسرى والمحامين حول تعرضهم لمعاملة قاسية خلال اعتقالهم ورفضها النظر في هذه الشكاوي، ولم يتم محاكمة أو مسائلة أي مسؤول إسرائيلي في جهاز المخابرات أو مصلحة السجون حول مقتل معتقلين أو تعرضهم لمعاملة مهينة ولا إنسانية.

ويطبق القضاء الإسرائيلي قوانينه العسكرية الداخلية وعدم الالتزام بمرجعية القوانين الدولية، مما يؤثر على عدالة الإجراءات القانونية في هذه المحاكم، ولا تتضمن االتشريعات الإسرائيلية أية قوانين تدين ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

وخلال عام 2014 تركز اهتمام حكومة إسرائيل في تشريع قوانين وإجراءات تعسفية ضد الأسرى في الكنيست الإسرائيلي مثل قانون إطعام المعتقلين بالقوة خلال إضرابهم عن الطعام، وقانون منع العفو عن الأسرى، وقانون المقاتل غير الشرعي، وقانون رفع العقوبة بحق الأطفال لتصل إلى 20 عاماً والحرمان من التعليم الجامعي والثانوي وغيرها.

وقد سمح الجهاز القضائي الإسرائيلي باعتقال أطفال تقل أعمارهم عن 18 عامًا، وباستخدام التعذيب تحت حجة الخطر الأمني على إسرائيل، وفرض سياسة الغرامات والتعويضات المالية الباهظة على الأسرى.

ولا تعترف إسرائيل بانطباق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة على الأسرى، وتتعامل مع الأسرى كإرهابيين وجنائيين وتطبق عليهم قوانينها الحربية الداخلية مما أدى إلى حرمان الأسرى من حقوقهم الأساسية ونزع مشروعية نضالهم ضد الاحتلال والذي أقرته قرارات الأمم المتحدة العديدة.

وخلافًا لنصوص اتفاقيات جنيف الرابعة تحتجز إسرائيل الأسرى في سجون داخل دولة إسرائيل، وتعيق زيارات أهالي الأسرى لأبنائهم في السجون.

واعتبرت هيئة الأسرى أن انضمام فلسطين إلى محكمة الجنائية الدولية خطوة هامة لحماية حقوق الأسرى كضحايا لجرائم ومخالفات جسيمة ارتكبت بحقهم على يد سلطات الاحتلال.

ودعت هيئة شؤون الأسرى لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، إلى ما يلي: الدعوة إلى أكبر مشاركة شعبية وجماهيرية في إحياء فعاليات هذا اليوم الوطني والإنساني لدعم حقوق الأسرى بالحرية والكرامة. دعوة الأطراف السامية في اتفاقيات جنيف للانعقاد وإلزام إسرائيل بتطبيق هذه الاتفاقيات على الأراضي المحتلة وعلى الأسرى دعوة مؤسسات المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية تجاه قضية الأسرى والعمل على وقف الانتهاكات التعسفية بحقهم.

كما دعا الصليب الأحمر الدولي إلى تفعيل دوره ومسؤولياته الإنسانية والقانونية حول حقوق الأسرى وخاصة حول الأسرى المرضى.

وطالبت بإدراج الجرائم التي ارتكبت بحق الأسرى كأولوية في رفع الدعاوي إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين على ما اقترفوه من أعمال وممارسات مخالفة للقانون الدولي.

كما دعت جامعة الدول العربية إلى متابعة قراراتها بخصوص حقوق الأسرى لدى كافة الدول والأطراف ومؤسسات المجتمع الدولي ذات الصلة.

ووجهت الهيئة الدعوة الحكومة الفلسطينية وكافة مؤسسات المجتمع المحلي إلى دعم ومساندة حقوق الأسرى وتوفير حياة كريمة وشريفة لهم ولعائلاتهم وتفعيل قضيتهم في كافة المحافل والمستويات الإقليمية والدولية.

ويذكر أن المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، أقر في عام 1974، خلال دورته العادية يوم السابع عشر من نيسان/ابريل، يوماً وطنياً للوفاء للأسرى وتضحياتهم، باعتباره يوماً لشحذ الهمم وتوحيد الجهود، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، يوماً لتكريمهم و للوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم، يوماُ للوفاء لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة.

ومنذ ذلك التاريخ كان ولا يزال 'يوم الأسير الفلسطيني' يوماً ساطعاً يحيه الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ويشاركه في احيائه أحرار العالم في العديد من العواصم العربية والأوروبية، بوسائل وأشكال متعددة.