دمشق - نور خوام
تحدثت موسكو ألأربعاء عن "تفهم أكبر" تبديه إدارة الرئيس باراك أوباما لموقفها من النزاع السوري، في وقت أعلنت دمشق ترحيبها بإقامة روسيا قاعدة عسكرية على أراضيها، علمَا أن مصادر غربية تتحدث عن تطوير الروس قاعدتين لهم على الساحل السوري.
وفي تقرير من دمشق الأربعاء ، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر أمني أن الجيش السوري استخدم الأربعاء للمرة الأولى طائرات من دون طيار تسلّمها من روسيا في عمليات ضد "مجموعات متشددة" في شمال البلاد وشرقها، من دون
أن يورد تفاصيل عن نوع هذه الطائرات أو المواقع التي استهدفتها.
وأكد مسؤولون أميركيون أن روسيا نشرت طائرات مقاتلة في سورية من طراز "اس يو- 24" و"اس يو-25" إضافة إلى مروحيات عسكرية وعربات مدرعة وجنود، وأفاد معهد "اي اتش اس جين انتلجنس ريفيو" المتخصص في المعلومات العسكرية أن صوراً التقطتها أقمار اصطناعية أظهرت أن العمل "ربما يجري على إعداد موقعين" شمال مطار اللاذقية في سورية "لاستقبال قوات روسية".
وذكرت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء أن السفير السوري لدى موسكو رياض حداد أبدى أمس ترحيب دمشق بوجود قاعدة عسكرية روسية في اللاذقية، وقال "إذا وافقت روسيا فإن سورية سترحب بمثل هذه الخطوة لأنها تستهدف مواجهة التطرف على أرضنا".
وفي نيويورك، أكد دبلوماسي أوروبي في مجلس الأمن إن الاعتراض الأميركي على التدخل العسكري الروسي في سورية وصل إلى مجلس الأمن "إذ أوقفت الولايات المتحدة انخراطها في مشاورات أعدت لها موسكو منذ أسابيع حول مشروع بيان رئاسي" تريد روسيا إصداره عن المجلس في جلسة رفيعة يرأسها وزير خارجيتها سيرغي لافروف في 30 الشهر الجاري، على رغم أن الولايات المتحدة كانت أساساً جزءا من المشاورات.
واعتبر الدبلوماسي أن إرسال روسيا أسلحة وجنودًا إلى سورية يمثّل "إغلاقًا لنافذة الجهود الدبلوماسية التي كانت انفرجت بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران"، وقال إن موسكو أغلقت النافذة التي كان قد عبّر عنها تكثيف اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة المستوى التي أعقبت توقيع الاتفاق النووي مع إيران "وهي تتصرف الآن عكس بيان جنيف وروحيته"، مشيرًا إلى أن ذلك سيكون "في صلب القضايا السياسية التي ستبحث في الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وذكر الدبلوماسي أن "الاتفاق قائم بيننا وبين الروس على محاربة تنظيم داعش، لكن خلافنا لا يزال قائمًا بقوة في شأن دور (الرئيس السوري) بشار الأسد في العملية السياسية، لهذا نحن حريصون على تسريع الانتقال السياسي لإزاحة الأسد فيما هم يدعمونه عسكرياً"، وأضاف "نريد أن نعرف ما الذي يفعله الروس (عسكرياً)، فإن كانوا في سورية بهدف محاربة داعش فهذا شيء، وإن كانوا هناك لتقوية الأسد فهذا شيء آخر، وحتى الآن لا نعرف ماذا يريدون".
وأضاف أن الروس "عطلوا مرحلة التقدم الدبلوماسي التي كنا شهدناها، ونحن نسعى إلى عمل يعيد المسار إلى الدبلوماسية، ما يتطلب من الجميع أفكاراً خلاقة"، وقال إن هذا "البحث" ينعكس في "السجالات التي تشهدها عواصم أساسية بينها واشنطن ولندن حول الحاجة إلى مقاربة جديدة في شأن سورية بحيث يتم الاتفاق على شكل العملية الانتقالية التي ينبغي أن تبدأ بمشاركة الأسد وتنتهي من دونه إذ ثمة ضرورة لتحديد مدى الفترة الانتقالية وما يليها".
ووضع الدبلوماسي نفسه عمل المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا في سياق "الإعداد لتحرك سنحتاجه لاحقًا، ونحن نريد منه مواصله عمله"، واعتبر أن "الدعم الروسي العسكري للأسد يخالف بيان جنيف ولا يساعد في تطبيقه"، وأشار إلى أن من بين "الأفكار" المتداولة "خفض عدد المحيطين بالرئيس السوري وصولاً إلى إنجاز انتقال سياسي ينتهي من دون الأسد".
وفي بروكسيل دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأربعاء إلى تنظيم مؤتمر جديد للأمم المتحدة حول سورية بعد "جنيف 1" و"جنيف 2"، وقال لدى وصوله إلى القمة الأوروبية المخصصة لمسألة الهجرة، "كل الذين يمكنهم المساهمة في إيجاد حل سياسي في سورية عليهم أن يجلسوا حول الطاولة، هذا كان المبدأ الذي قام عليه مؤتمرا جنيف وأنا أدعو إلى مؤتمر جديد يُتاح لكل البلدان التي تريد عودة السلام إلى سورية المشاركة فيه".
وفي واشنطن، عبّر جون كيربي الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية عن انزعاج الإدارة لدعم موسكو للرئيس بشار الأسد، وذكر "لا يوجد تغيير في موقفنا أو قلقنا في شأن ما تفعله روسيا في سورية"، مضيفًا أن "الوزير جون كيري كان واضحًا وثابتًا (في تصريحاته)، نرحب بدور بناء تقوم به روسيا في مواجهة تنظيم "داعش"، لكن إذا كانوا هناك لتأمين الأسد فهذا يتناقض مع أي جهود جادة لوضع حد للصراع".
وكان كيربي يرد على تصريح لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال فيه إن الولايات المتحدة أصبحت أكثر تقبلاً للموقف الروسي إزاء الصراع في سورية، وأضاف لافروف "أعتقد أن الأميركيين أكثر تقبلاً بكثير الآن للحجج التي
نقدمها منذ أعوام"، وأشار لافروف إلى تصريحات أدلى بها كيري في الأسبوع الماضي بعد استئناف المحادث العسكرية بين البلدين بشأن سورية حيث لا تظهر أي علامة على أن الحرب الأهلية تتراجع بعد أربعة أعوام ونصف.
وفي تصريح منفصل قال مصدر دبلوماسي روسي إن موسكو ترى أن فرص التوصل إلى اتفاق دولي في شأن سورية تعززت، فيما أعلن "جيش المهاجرين والأنصار" الذي يقاتل في سورية ويضم نحو 1500 من المقاتلين الشيشان والأوزبك والطاجيك مبايعته "جبهة النصرة"، فرع "القاعدة" السوري، وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "جيش المهاجرين والأنصار" أعلن موقفه في بيان وزّعه على مناصريه.
ورأت "رويترز" أن هذه المبايعة تعزز وضع "النصرة" في مواجهة خصمها "داعش"، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن فصيلا معارضا يقاتل في سورية ويضم نحو 1500 مقاتل شيشاني وأوزبكي وطاجيكي أعلن الولاء لـ "جبهة النصرة" ذراع تنظيم "القاعدة".
وذكر المرصد أن "جيش المجاهدين والأنصار" أعلن الولاء في بيان نشره مؤيدوه على الإنترنت، وفي هذا دفعة قوية لـ"جبهة النصرة" في قتالها ضد تنظيم "داعش" الذي يسيطر على أراض في سورية والعراق.
ومن المعارك بين "جبهة النصرة" و"داعش" يقتتل الفصيلان للسيطرة على أجزاء من مدينة حلب شمال سورية، حيث قد يساعد مقاتلوا جيش المجاهدين في تحقيق توازن، و"جبهة النصرة" الموالية لتنظيم "القاعدة" و"داعش" هما أكبر قوتين إسلاميتين تقاتلان الجيش السوري وحلفائه في الحرب الأهلية في سورية.
ودار بين المجموعتين قتال منذ انفصالهما في 2013 الذي تسبب فيه جزئيا صراع القوة بين القادة، وفي حزيران قال زعيم "جبهة النصرة" إن المقاتلين الأجانب يشكلون نحو 30 بالمئة من قواته وبينهم أوروبيون وكثير من الآسيويين والروس والشيشان.