القدس المحتلة – وليد أبو سرحان
يعالج 1400 جريح سوري في مشافي إسرائيل وصلوا إليها بعد تلقيهم العلاج الأولي على يد جيش الاحتلال الذي أنشأ مشفى ميداني في الجولان السوري المحتل لاستقبال الجرحى السوريين قبل نقلهم للمشافي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 حيث سمح لوسائل الإعلام الاسرائيلية بتوثيق معالجتهم بالصوت والصورة.
وسمحت سلطات الجيش الإسرائيليّ لطاقمٍ من موقع VICE الاسرائيلي بتوثيق عمليات استيعاب الجرحى السوريين في المستشفى الميدانيّ، الذي أقامته إسرائيل في الجولان العربيّ السوريّ المُحتّل، وبعد تلّقي العلاج الأوليّ، قال المُراسل سيمون أوستروفسكي، يقوم الجيش بنقل الجرحى إلى المستشفيات الواقعة في شمال إسرائيل.
وبحسب التقرير المُصوّر أقّر الجيش الإسرائيليّ بأنّ عدد الجرحى السوريين، الذي يُعالجون اليوم في المستشفيات الإسرائيليّة يصل إلى 1400 مُشدّدّةً على أنّه بحسب معطيات جيش الاحتلال 90 % من الجرحى هم من الرجال، الأمر الذي يُعزز الرواية بأنّهم ينتمون إلى الجماعات المُعارضة المُسلحّة، التي تُحارب الدولة السوريّة والجيش العربيّ السوريّ.
وشدّدّ الموقع المذكور، وهو موقع عالميّ، وليس إسرائيليًا، على أنّه سيقوم بنشر عدّة حلقات عن الموضوع في الأيّام القريبة القادمة، لافتًا إلى أنّ عملية التصوير والتوثيق، تمّت بموافقة سلطات الجيش الإسرائيليّ. هذا وما زالت قضية الجرحى السوريين الذين يُعالجون في المستشفيات الإسرائيليّة، غامضة جداً، بسبب الرقابة العسكريّة التي تُحاول فرض التعتيم الإعلاميّ على هذه الظاهرة، خصوصاً أنّ عدد الجرحى في ارتفاع مستمرٍ، وفق المصادر الفلسطينيّة في الداخل الفلسطينيّ. هؤلاء الجرحى يتّم استيعابهم أولاً في المستشفى الميدانيّ، الذي أقامه جيش الاحتلال في الجولان المحتّل، ومن ثمّ ينقلون إلى المستشفيات الواقعة شمال دولة الاحتلال: بوريّة في طبريّا، زيف في مدينة صفد، والمركز الطبيّ للجليل الغربيّ في نهاريا.
وبحسب معلومات “رأي اليوم” قرّرت إدارة المركز الطبيّ للجليل الغربيّ في نهاريا إقامة قسم خاص لمعالجة الجرحى السوريين، لمنع احتكاكهم بالمرضى الآخرين، خصوصًا وأنّ أغلبية المرضى الذين يُعالجون في المركز نفسه هم من العرب الفلسطينيين.
علاوة على ذلك، يبدو أنّ تكاليف الحراسة المشدّدة على الجرحى باتت تقض مضاجع دوائر صنع القرار في جيش الاحتلال. إذ بحسب المصادر عينها، يحرس جنود من جيش الاحتلال الغرف التي يُعالج فيها الجرحى السوريون على مدار الساعة، ويمنعون أيّ شخص من الاقتراب إلى الغرفة سوى الطاقم الطبيّ.
وفي هذا السياق، كشف النائب السابق في الكنيست، الشيخ عباس زكور، النقاب عن أنّ إدارة مستشفى الجليل الغربي في نهاريا سعت إلى البحث عن أوصياء من عرب الداخل للجرحى السوريين الأطفال. وقال في حديثٍ لـ "رأي اليوم": اتصلت إدارة مستشفى نهاريا بالمحكمة الشرعيّة في عكا سعيًا منها في البحث عن أوصياء من عرب الداخل لهؤلاء الأطفال، وخاصة في الموضوع الطبيّ، أي بمعنى أن يكون لكلّ طفلٍ سوريٍّ وصي يوقع على استمارة العملية الجراحية للطفل بغياب أهله السوريين.
وتابع الشيخ زكور قائلاً: في الحقيقة أدركت أنّ هناك أموراً غامضة وألغازاً بحاجة لحل في هذه القضية، ولا بدّ من كشفها، لذلك رفضت طلب المستشفى. ولفت إلى أنّ توجّه إلى المستشفى، والتقى أحد الأطفال، الذي كان بحاجة لعملية جراحيّة، ولكن تبينّ له أنّ والده كان موجوداً في المستشفى، وأبلغه أنّه من المُعارضة المُسلحّة، عندها، قال الشيخ إنّه قرر الابتعاد عن هذه القصّة ولم أعُد بعد ذلك لعيادة الجرحى السوريين. وعن تمويل العلاج قال زكور إنّ إسرائيل تربح عليهم كثيرًا، في ما يبدو هناك جهة خارجية عربية تتكفل بالعلاج. وبسبب الأزمة الاقتصاديّة التي تعيشها الدولة العبريّة، فإنّ الخلاف بين وزارتي الصحة والمالية الإسرائيليتين تأججت في الفترة الأخيرة حول قضية دفع تكاليف علاج جرحى المعارضة السوريّة.
ويرتفع عدد الجرحى السوريين في مستشفيات الدولة العبريّة، ، إذ إنّ تكلفة اليوم الواحد في المستشفى الإسرائيليّ تصل إلى مبلغ 2500 شيكل (حوالى 750 دولاراً)، وبما أنّ الجرحى غير مؤمَّنين في صناديق المرضى في الدولة العبريّة، ويتّم نقلهم إلى المستشفيات من طريق الجيش، فإنّ تكلفة اليوم الواحد تصل إلى أكثر من ألف دولار.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التكلفة ترتفع بشكلٍ كبيرٍ في حال إجراء الأطبّاء عمليات جراحيّة للمصابين. وبمّا أنّ عدد الجرحى السوريين الذين يُعالجون في مستشفيات الدولة العبريّة هو نحو 300 جريح، فإنّ التكلفة الشهريّة لعلاجهم تصل إلى نحو 9 ملايين دولار.
جدير بالذكر أنّه في السابع من شهر كانون الثاني (ديسمبر) الجاري كُشف النقاب عن تقارير مراقبي الأمم المتحدة في هضبة الجولان المحتلّة في السنة والنصف الأخيرة، والتي أكّدت وجود نمط ونطاق تعاون بين إسرائيل وتنظيمات المعارضة السورية. وذُكر في التقارير، التي قُدمت للاطلاع عليها إلى 15 الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتظهر في موقع الإنترنت للأمم المتحدة، تفاصيل عن اللقاءات التي تجري على الحدود بين ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي ومسلحين من المعارضة السوريّة. وكان وزير الأمن الإسرائيليّ، موشيه يعالون، قد قال لصحيفة (هآرتس) العبريّة، قبل شهر ونصف الشهر إنّه لم يعد سرًا أنّ ميليشيات المعارضة السورية المعتدلة تستفيد من مساعداتنا.
وتابع: بأنّ إسرائيل إنمّا تُقدّم المساعدات لمن وصفها بـ المعارضة المعتدلة، كي تحول دون وصول من سماهم المتطرفين إلى منطقة فصل القوات في الجولان السوريّ المحتّل.