غزة – محمد حبيب
نشرت حركة "حماس"، الأحد صورًا لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وهو يزور أحد مواقع "كتائب القسام" على الحدود الشمالية لقطاع غزة قرب مستوطنة "نتيف هعستراة".
وأظهرت الصور هنية مع مجموعة كبيرة من مقاتلي كتائب "القسام"، وبحضور القيادي في الحركة فتحي حماد، وقائد لواء شمال قطاع غزة في "القسام" أحمد الغندور، حيث تُظهر إحدى الصور هنية وهو يشاهد مستوطنة "نتيف هعستراة" التي لا تبعد سوى مئات الأمتار القليلة جدًا عبر منظار.
وصادف ذلك، نشر وسائل الإعلام العبرية صورًا لرئيس هيئة "أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي" غادي ايزنكوت، وهو على حدود ذات المستوطنة ويرى بمنظار تجاه موقع "القسام" والمناطق المحاذية للمستوطنة من جهة قطاع غزة.
واشتكى مؤخرًا مستوطنو "نتيف هعستراة" من عمليات حفر جانب المستوطنة من قبل عناصر "حماس"، وقاموا بتصوير فيديو قالوا أنه لعمليات حفر أنفاق في المنطقة قبل أن تُوضح "كتائب القسام" أنها كانت تقوم بترميم مواقعها التي تم تدميرها خلال الحرب الأخيرة.
في ذات السياق قال الصحافي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الفلسطينية افي ساخاروف، أنّ التقارير الواردة عن قيام حركة "حماس" بترميم أنفاقها الهجومية في غزة، وتجاهل المستوى السياسي والعسكري لهذا الخطر من ناحية أخرى يقود إلى نتيجة مفادها بأن الحرب على غزة أو مع غزة باتت مسألة وقت فقط وستكون حربًا أشد خطرًا وقسوة مما سبقها .
وأضاف ساخاروف "بدأت أجراس الإنذار تدق بقوة في كل أذن ولا يمكن لأي سياسي أو وزير إسرائيلي أن يقول "لا أعرف ولم أسمع" وبدأت إشارات الحرب مع "حماس" في غزة تتضح وتظهر بقوة".
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية تقريرًا مفاده أن إيران حولت إلى الجناح العسكري لـ"حماس" ملايين الدولارات بهدف مساعدته في ترميم الأنفاق التي دمرها الجيش الإسرائيلي في الحرب الأخيرة، فيما ذكرت مصادر استخبارية أنّ إيران تُمول أيضًا عملية تعبئة مخازن السلاح التابعة لـ"عز الدين القسام" التي فرغت ونضب مخزونها من الذخائر والأسلحة خلال الحرب .
وأبرز "سخاروف" في مقالته التحليلية المنشورة الأحد في موقع "واللا " هذه هي التقارير الأخيرة فقط وقبل عدة أيام قال قائد المنطقة الجنوبية "سامي ترجمان" في مقابلة مع صحيفة "يديعوت احرونوت " إن "حماس" تحفر أنفاقًا هجومية الآن وفي هذه الأيام كما نشر موقع "واللا" قبل أسبوعين تقريرًا مفاده أنّ هذه الأنفاق تصل من غزة إلى الحدود الإسرائيلية وتتوقف عندها .
ولا يمكن تجاهل المقابلة التي منحها عضو الكنيست من حزب " يش عتيد" عوفر شيلح لصحيفة "هارتس" وتحدث فيها عن نتائج لجنة التحقيق والفحص الخاصة بدراسة "الجرف الصامد " التي عينتها لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست حيث اعتبر شيلح غياب العميلة السياسية المكملة والاستراتيجية الحقيقية في التعامل مع "حماس" الفشل الرئيسي ".
وتشير هذه التقارير إلى قُرب الجولة المقبلة من القتال وأن الحرب في غزة مسألة وقت فقط لأن شيئًا لم يجد حله فيما يتعلق بغزة بل على العكس، تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في قطاع غزة بشكل كبير خلال الأشهر التسعة التي مرت منذ أن وضعت الحرب أوزارها .
ويبين المحلل الإسرائيلي "حدثني صديقي القديم من قطاع غزة الذي هُدم منزله خلال الحرب الأخيرة وسأطلق عليه هنا اسم "أ" وقال لي أنه وأبناء عائلته الكبيرة البالغ عددهم 30 شخصًا، يقيمون حتى الآن في إحدى المدارس التابعة لوكالة الغوث شمال قطاع غزة لأن عملية ترميم منزله لم تبدأ حتى الآن، وقال بحزن شديد أنّ هناك مواد بناء وصلت من إسرائيل لكننا لا نملك المال لشرائها " .
وأوضح أنّ الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر وإسرائيل لمنع تهريب الأسلحة والوسائل القتالية إلى غزة حققت بعض النتائج لكن "حماس" تمتلك قدرات تصنيع ذاتية في مجال الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات مستعينة بمواد مزدوجة الاستخدام رغم حظر إسرائيل دخول جزءًا من هذه المواد إلى غزة لكن دائمًا يمكن إيجاد بديل لهذه المواد والقصة التي سأرويها ستلقي بعض الضوء على ما أعنيه .
ويضيف المحلل :"كُتب الكثير جدًا من التقارير المتعلقة بالإسمنت الذي يُستخدم في بناء الأنفاق الهجومية ويبدو أن "حماس" فهمت بأنها إذا ما استخدمت الإسمنت لهذه الغاية ستمنع إسرائيل دخول هذه المادة للقطاع وبهذا سيتم توجيه إصبع الاتهام لـ"حماس" وستتهمها الناس والدول بعرقلة ومنع إعادة ترميم غزة المدمرة، ووفقًا لتقارير مختلفة انتقلت حماس في الفترة الأخيرة إلى استخدام الأخشاب في بناء الأنفاق، ورغم أن هذه ليست بالتقنية الجديدة لكنها جاءت إلى جانب الإسمنت وصفائح الحديد وكلما فقدت الإسمنت والحديد أو شح من الأسواق استخدمت "حماس" الأخشاب بديلًا عنها"
وتابع :"حين أدركت "حماس" حجم استخدام الأخشاب من نوع معين في بناء الأنفاق أعلن منسق شؤون الحكومة في المناطق الجنرال يؤاف بولي، حظر دخول هذا النوع من الخشب إلى غزة فطلبت "حماس" من التجار تسليمها هذا النوع الخاص من الخشب وحين رفضوا ذلك اعتقلت عددًا منهم خصوصًا في منطقة مخيمات اللاجئين في محافظة "الوسطى" وصادرت بضائعهم" .
واختتم سخاروف مقالته التحليلية بالقول "ستلجأ "حماس" خلال الجولة المقبلة من القتال إلى استخدام الأنفاق التي تحفرها باتجاه إسرائيل، وربما وصل بعضها إسرائيل لكن المستوى السياسي وكذلك الأمني في إسرائيل تجاهل ذلك والتغاضي عن هذه الظاهرة، وعدم اتخاذ أي إجراء لوقفها وذلك خشية اشتعال المنطقة، وبهذا عادت إسرائيل مجددًا إلى استراتيجية الحفاظ على الوضع القائم "لا حرب ولا سلم" ويبدو أنّ هذا التجاهل سيجعل المعركة المقبلة أشد قسوة وخطرًا من كل ما سبقها".