عمر البشير يصل مطار الخرطوم

وصل الرئيس السوداني عمر البشير إلى الخرطوم قادمًا من جوهانسبورغ أمس الاثنين، مفلتًا من قرار المحكمة العليا في جنوب أفريقيا بالقبض عليه، بعد أن اعتبرت أنه لا يتمتع بأي حصانة، بسبب ملاحقته من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة وجرائم حرب.

وصرَّح القاضي الذي أصدر الحكم بعدم مغادرة البشير أراضي جنوب أفريقيا، بأنَّ "سلوك سلطات جنوب أفريقيا التي فشلت في اتخاذ إجراءات لاعتقال الرئيس السوداني يتعارض مع الدستور".

واستقبل مئات من أنصار حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، البشير في مطار الخرطوم وهتفوا لدى هبوط طائرته: "مرحبًا بطل أفريقيا" و"مرحبًا أسد القارة" و"المحكمة الجنائية الدولية إلى الجحيم"، وحملوا نعشاً كُتب عليه "تشييع المحكمة الجنائية الدولية إلى مثواها الأخير" وجالوا به في أرض المطار.

ولوّح البشير الذي كان يرتدي الزي السوداني التقليدي (الجلابية) بعصاه لأنصاره، وسط حضور كبير من المسؤولين في الدولة وأعضاء البرلمان.

وأكد وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور خلال مؤتمر صحافي، أنَّ مشاركة البشير في القمة الأفريقية كانت فعالة، وإنه كان "نجم القمة"، معتبرًا ما حدث بشأن قرار المحكمة في جنوب أفريقيا بحقه "محاولة يائسة للتشويش"، محذرًا من أنه سيكون للخرطوم موقف حاسم ضد أي دولة تتبنى قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف البشير.

وأوضح غندور سبب مغادرة طائرة البشير من مطار "واترفلوك" العسكري، قائلًا إنَّ طائرتهم هبطت في مطار جوهانسبرغ، لكن كل طائرات القادة الأفارقة انتقلت إلى مطار خاص بعد ذلك، مثنيًا على رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما ومواقفه تجاه السودان.

وأصدرت المحكمة العليا في جنوب أفريقيا بعد مغادرة البشير أمس، أمرًا بالقبض عليه، وأكدت عدم تمتعه بأي حصانة تمنع الخطوة، وعدّت تجاهل السلطات الحكومية أمر القبض الصادر من المحكمة الجنائية الدولية مخالَفةً لدستور البلاد، في وقت شرعت السلطات في التحقيق حول كيفية مغادرة البشير على رغم الحظر الذي فرضته محكمة مختصة أول من أمس.
وجاء قرار المحكمة عقب جلسة مداولات ساخنة، وأخضع قاضي المحكمة التي نظرت في دعوى رفعتها منظمة حقوقية تدعو إلى توقيف البشير، محامي الحكومة لاستفسارات كثيفة حول مكان تواجد الرئيس السوداني، لاسيما وأنها أصدرت أول من أمس، قرارًا بمنعه من مغادرة البلاد قبل صدور حكمها في الدعوى.

ودفع محامي حكومة جنوب أفريقيا بتأكيدات للمحكمة أن الرئيس السوداني يتمتع بحصانة، على اعتبار أنه ضيف القمة الأفريقية، الأمر الذي نفاه محامي المنظمة التي رفعت الدعوى، مشددةً على أن الحصانة لا تسري إلا على أعضاء مفوضية الاتحاد الأفريقي، وأن الحصانة التي يتمتع بها البشير تسقط بموجب ميثاق روما الذي صادقت عليه بريتوريا.

وقبل تلاوة القاضي منطوق الحكم، عاد محامي الحكومة وأبلغ المحكمة في الجلسة الثانية أن الرئاسة ووزارة الخارجية أخطرته بأن البشير غادر البلاد وأنهم بصدد فتح تحقيق حول كيفية حدوث ذلك.

وعبّر القاضي عن قلقه من تجاهل الحكومة قرار منع سفر البشير، وحكم بأن تودع الحكومة مذكرة خلال 7 أيام حول كيفية خروج البشير من البلاد، تمهيدًا لتحديد الجهة المسؤولة والتي ستواجه اتهامات مباشرة باحتقار المحكمة.

وكان قرار المحكمة في جنوب أفريقيا أثار ردود فعل متباينة، وعممت سفارة الولايات المتحدة في الخرطوم تحذيرًا لرعاياها ودعتهم إلى تجنب أماكن التجمعات تحاشيًا لأي تداعيات محتملة لما يواجهه البشير.

وعلّق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بأنَّ "أمر الاعتقال الصادر من المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير يجب أن تنفذه الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة"، مضيفًا أنه "ينظر إلى اتهامات البشير بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بمنتهى الجدية".

كذلك حض الاتحادُ الأوروبي جنوبَ أفريقيا على التصرف وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 1593، وتنفيذ مذكرة التوقيف ضد أي مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية موجود على أراضيها.

وبعث رئيس حزب "الأمة" السوداني المعارض الصادق المهدي، رسالة إلى قمة الاتحاد الأفريقي وإلى جنوب أفريقيا يحذّر فيها من خطوة اعتقال البشير وتسليمه إلى المحكمة الجنائية.

وأوضح المهدي موقفه هذا على رغم معارضته الشرسة لنظام البشير، بأن "هناك حاجة لمواءمة العدالة الجزائية والعدالة الإصلاحية وعدم التضحية بالاستقرار في المستقبل".