الانتخابات الرئاسية في نيجيريا

حقق زعيم المعارضة النيجيري، محمد بخاري، فوزًا ساحقًا في الانتخابات الرئاسية، في زلزال سياسي ألحق الهزيمة الأولى لمحتل المنصب الأعلى في تاريخ أكبر دولة ديمقراطية أفريقية.

وحصل بخاري بحلول ليلة الثلاثاء، تقريبًا على 15مليون صوت، ليتضح تمامًا الفوز على منافسه الرئيس جودلاك جوناثان، نتيجة حصوله على 12.8مليون عدا ولاية واحدة من ولايات البلاد الـ36 فقط التي لم يعلن عن نتيجة فرز الأصوات فيها.

وخرج أنصار بخاري إلى الشوارع للاحتفال بعدما أذيع أنَّ جوناثان هنّأ منافسه واعترف بالهزيمة، وكانت النتيجة مذهلة أعقبت حملة تنافسية فريدة، ومكلفة وأحيانا مفرغة، لكن تم الإشادة بهذه التجربة من قبل المحللين كعلامة فارقة على الديمقراطية متعددة الأحزاب في القارة.

ويخشى مراقبو الانتخابات، من عدم تخلي أنصار جوناثان وحزب "الشعب الديمقراطي" عن السلطة بعد 16عامًا من الحكم، لاسيما بعد تصريحات وزير دولة سابق صاح بادعاءات غاضبة بالتحيز، مشيرًا إلى وجود مخالفات واسعة النطاق في فرز الأصوات الانتخابية، مدعيًا استخدام ناخبين دون السن القانونية من قبل المعارضة.

يُذكر أنَّ بخاري، مسلم يبلغ من العمر 72 عامًا، ذاق للمرة الأولى السلطة منذ جيل مضى كديكتاتور عسكري، إلا أنَّه خُلِعَ بعد 20 شهرًا ثم دخل السجن، وادعت حملة الجنرال السابق بأنَّه وُلِدَ من جديد بنية ديمقراطية من أجل تنظيف السياسة الفاسدة في أكبر اقتصاد في القارة وأكثرها سكانا.

وسجَّل حزب "المؤتمر التقدمي" فوزًا ساحقًا في أكبر المدن النيجيرية، لاغوس، كانو، بل وصلوا لانتصارات كبيرة في معاقلها الشمالية، بينما كان جوناثان أفضل حالًا في الأراضي الجنوبية الموالية له، بما في ذلك منطقة دلتا النيجر الغنية بالنفط، ولكن كان أقل فعالية من بخاري في إقناع القاعدة لدعمه.

وبشكل عام، فاز بخاري بـ20 مقعدًا، في حين حصل جوناثان على 15 جنبًا إلى جنب مع إقليم العاصمة أبوجا، وبالنسبة إلى مرشح المعارضة العنيد، كان النصر أحلى بعد الخسائر في الانتخابات الثلاث السابقة، بما في ذلك الهزيمة على أيدي جوناثان عام 2011.

وصرَّح المتحدث باسم حزب "الشعب الديمقراطي" لاي محمد، بأنَّ جودلاك جوناثان اعترف بالهزيمة، واتصل هاتفيا بمحمد بخاري لتهنئته بالفوز، مشيرًا إلى أنَّه سيكون بطلًا بسبب هذا الاعتراف بسبب التوتر الذي سينخفض بشكل كبير.

وأضاف المتحدث لمؤيديه في أبوجا "بالضبط في الساعة 5.05 مساء، جاءت المكالمة؛ لذلك فإنَّ أي شخص يحاول الآن إثارة المتاعب يفعل ذلك من تلقاء نفسه".

وأوضح الخبير القانوني والناقد على التلفزيون النيجيري جون أولويدي، "هو أول حاكم نيجيري، رئيس الدولة، يهنئ شخصًا ما لتوليه مكانه، هذا نوع من التغيير الذي تتوق نيجيريا إليه، بهذا النوع من التغيير، وهذا السلوك، نيجيريا ستكون قادرة على بناء والانتقال إلى مستوى أعلى".

وأضاف أولويدي "أشعر بالبهجة كنيجيري، نحن نصنع الخير بكلماتنا، الرئيس صنع الخير بكلمته، وبنعمة الله سنحظى بالسلام".

واحتشد أنصار بخاري للاحتفال بالفوز في الانتخابات، بمن في ذلك إسماعيل صالح (26 عامًا) الذي رفع مكنسة في يده، مشيرًا بها إلى السماء عندما سئل عن رد فعله، "أشعر وكأنني في الجنة، لقد كنت أشاهد هذا الحدث لمدة ثلاثة أيام من كل مكان".

وأضاف صالح حاملًا شهاداته الجامعية في الهواء، "ليس لدي وظيفة لكن بخاري وعد بأنَّه سيوفرها، لقد نفذنا دورنا حتى الآن لذا عليه أن يفي بوعده".

كما شهدت ولاية كاتسينا، احتفالات بفوز بخاري، فقد قال أحد الرجال دانغوما،"الجميع هنا ذهب لشراء الماعز أو البقر حتى نتمكن من الاحتفال، كاد الناس يفقدون الأمل في البلد، وكانت هذه الانتخابات أملنا الوحيد"، وأضاف "أعتقد أنَّ بخاري رجل نزيه وحتى نائبه هو رجل دين، لذا فإنَّ الأمور ستكون مختلفة الآن".

وأشار دانغوما إلى أنَّه لا يشعر بالقلق بشأن النتائج المتنازع عليها، مضيفًا "إنَّ البلاد كلها ستنفجر من الابتهاج، لسنا قلقين على الإطلاق".

ولكن النتيجة كانت كارثة شخصية لجوناثان، حيث وفرت له مكانًا غير مرغوب فيه في التاريخ كأول زعيم مخلوع ديمقراطيًا في نيجيريا، وكان يطلق عليه "الرئيس الذي جاء بالصدف" عندما وجهت إليه السماء هدية عظيمة بوفاة الرئيس عمر يارادوا قبل خمسة أعوام.

وأفاد ضابط برنامج أفريقيا في مركز "روبرت كينيدي" ومقره الولايات المتحدة من أجل العدالة وحقوق الإنسان، جيفري سميث، بأنَّ "انتصار بخاري مهم للغاية ولحظة فاصلة محتملة، ليس فقط لنيجيريا، ولكن للمنطقة بأسره، إنها تعد المرة الثامنة في تاريخ أفريقيا أن يطيح رئيس بمنافسه عن طريق الانتخابات".

واستدرك سميث "هذه الانتصارات للمعارضة، باستثناء السنغال عام 2000، تأتي جميعها منذ عام 2010، ما يعني وجود نمو غير مسبوق من النضج السياسي في المنطقة".

وتابع "بالطبع، نيجيريا، إلى حد بعيد، الأكبر والأكثر تأثيرًا على سبيل المثال حتى الآن، وأعتقد أنّ هذا يحتمل أن يكون له آثار إيجابية على المنطقة، هناك من الأمور العالقة بالطبع بخصوص المخاوف بشأن العنف التي أعقبت الانتخابات، يشبه إلى حد كبير ما رأيناه في ساحل العاج عام 2010، ولكن حتى الآن، النيجيريين ينبغي الإشادة بالطريقة التي جرت بها الانتخابات".

واختتم سميث "إنَّ الناخب النيجيري تحدى الكثير من العناوين التي لا تحمد عقباها، فضلًا عن الصراع الداخلي المستمر، وقد وضع مثالًا إيجابيًا للمنطقة".