غزة – محمد حبيب
أكدّ مجلس الوزراء الفلسطيني في مستهل جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله، أن الحكومة ستبقى في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة مشددًا على دعمه الكامل لما جاء في خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة والمعبر عن موقف الإجماع الوطني الفلسطيني الرافض لاستمرار الوضع القائم مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وشدّد المجلس على أن الرئيس محمود عباس أسس لمرحلة جديدة من مراحل النضال الفلسطيني وبناء الدولة، والتحرر من الالتزام بالاتفاقيات التي ترفض إسرائيل الالتزام بها، وعدم القبول باستمرار الوضع الراهن، والسكوت على الجرائم التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية، داعيًا أبناء شعبنا وكافة فصائله الوطنية والإسلامية إلى التلاحم والتكاتف، وإلى تضافر الجهود لتحقيق اللحمة وإنجاز الوحدة والمصالحة الوطنية الصادقة لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة التي أعلن الرئيس عن البدء في تنفيذ خطواتها، ومواجهة ما يعترض مشروعنا الوطني من مخططات وتهديدات تستوجب الارتقاء إلى أعلى درجة ممكنة نحو المصالح الوطنية العليا لشعبنا، ورسم رؤية فلسطينية واحدة بإرادة وطنية صلبة كفيلة بإنجاز حقوق شعبنا في التخلص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس.
وأدان المجلس، بشدة الحملة الإسرائيلية المسعورة والتصريحات العنصرية التي صدرت عن أكثر من مسؤول إسرائيلي ضد الرئيس وخطابه في الأمم المتحدة، والتهديد بإجراء عقوبات جماعية ضد الشعب الفلسطيني وقيادته.
وأكدّ المجلس أن على رئيس الوزراء الإسرائيلي التوقف عن سياسة التضليل والمراوغة وأن على الحكومة الإسرائيلية التوقف عن لغة التهديد والوعيد، وأن عليها الإقرار بأن الاحتلال الإسرائيلي القائم على الغرور وغطرسة القوة، والذي مضى عليه 48 عامًا هو مصدر الشر الأول، وأن الاستيطان هو مصدر الإرهاب، وأن على إسرائيل الإقرار بأنها قوة احتلال ترفض الإقرار بأبسط الحقوق الفلسطينية الوطنية المشروعة، وتمارس سياسات إرهاب الدولة المنظم، بدلًا من سياسة التهديد والتحريض والاتهامات وتزييف الحقائق وتشويه الوقائع التي يحاولون من خلالها التغطية على جرائم إسرائيل ومخططاتها لتعميق الاحتلال والاستيطان، محمّلًا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن نتائج وتداعيات تهديداتها ومخططاتها التي سيتصدى لها شعبنا بكافة الوسائل التي أقرتها القوانين الدولية.
وأضاف المجلس، أن إسرائيل لن تتوقف عن جرائمها وانتهاكاتها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، إلا إذا حاسب المجتمع الدولي إسرائيل على انتهاكاتها لمبادىء وقواعد الشرعية الدولية، وإلزامها بوضع حد لاستمرار سرقة الأرض الفلسطينية، ومقدرات الشعب الفلسطيني وممتلكاته، وضرورة استجابة الأمم المتحدة لطلب الرئيس أبو مازن بتوفير الحماية الدولية لشعبنا، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني بالتخلص من الاحتلال، وبكامل حقوقه الوطنية المشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية.
ونعى المجلس شهداء شعبنا الأبرار، مدينًا جرائم القتل والاغتيال التي ترتكبها قوات الاحتلال والتي أدت إلى استشهاد عدد من المواطنين وإصابة المئات، مستنكرًا اقتحام قوات الاحتلال المستشفيات والاعتداء على سيارات الإسعاف، ومشيدًا بالجهود التي تبذلها الطواقم الطبية الفلسطينية في مختلف المناطق رغم المخاطر التي يتعرضون لها.
وأكد المجلس أن الجرائم الإسرائيلية هي نتيجة لقرارات الحكومة الإسرائيلية العنصرية ضد المواطنين الفلسطينيين، ولقرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بالتشريع لقوات الاحتلال بقتل المواطنين العزل وبتصعيد اقتحاماتها للمناطق الفلسطينية في الضفة الغربية عمومًا وفي مدينة القدس والمسجد الأقصى خصوصًا، وإطلاق يد المستوطنين لارتكاب جرائمهم ضد المواطنين الفلسطينيين العزل.
وأعرب المجلس عن استهجانه من حشد قوات الاحتلال أربع كتائب من جيشها لاعتقال منفذي العملية جنوب نابلس في الوقت الذي تتستر فيه على مرتكبي جريمة إحراق عائلة دوابشة رغم مضي أكثر من شهرين على ارتكاب هذه الجريمة، كما دان إقدام سلطات الاحتلال على هدم ثلاثة منازل لفلسطينيين في القدس صباح الثلاثاء، في حين تمتنع عن أي إجراء تجاه الإرهابيين المستوطنين مرتكبي جريمة قتل وحرق الطفل محمد أبو خضير والجرائم الأخرى التي يرتكبها المستوطنون بحق شعبنا الأعزل تحت سمع وبصر وحماية قوات الاحتلال.
وهنأ المجلس جماهير شعبنا الفلسطيني بمناسبة رفع علم دولة فلسطين في الأمم المتحدة في نيويورك، وفي مكاتب الأمم المتحدة الأخرى في جميع أنحاء العالم. واعتبر المجلس هذا الإنجاز امتدادًا لحلقات طويلة في سلسلة الصمود الفلسطيني والتضحيات الجسام التي قدمها الشهداء والجرحى والأسرى، على طريق إنهاء الاحتلال وجلائه الكامل عن أرض دولة فلسطين، وانتصارًا لقوة القانون الدولي على قوة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم. وطالب المجلس المنظمة الدولية بتكثيف جهودها لمنح الشعب الفلسطيني كامل حقوقه الوطنية، وفي مقدمتها الحق في تقرير مصيره أسوةً بباقي شعوب العالم.
وأطلع رئيس الوزراء أعضاء المجلس على نتائج زيارته والوفد المرافق إلى نيويورك ومشاركته في اجتماع لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة (AHLC) في نيويورك، واحتفالية رفع الرئيس محمود عباس للعلم الفلسطيني في الأمم المتحدة، ومشاركته في الاجتماع التنسيقي السنوي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والاجتماع الوزاري لدول حركة عدم الانحياز بشأن فلسطين في الأمم المتحدة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه طالب مؤسسات المجتمع الدولي خلال اجتماع الدول المانحة لا سيما الأمم المتحدة بالوقوف عند مسؤولياتها في إنقاذ حل الدولتين، وحثهم على الإيفاء بالتزاماتها تجاه إعادة إعمار غزة، والاستمرار في دعم الموازنة، لتمكين الحكومة من الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه المواطنين، خاصة في القدس الشرقية، وقطاع غزة.
واستعرض رئيس الوزراء خلال الاجتماع الذي ضم وزير الخارجية النرويجي، والسكرتير العام للأمم المتحدة، ووزير الخارجية الأميركي، ووزراء خارجية وممثلي الدول المانحة، إنجازات الحكومة الفلسطينية، والإصلاحات التي تجريها على الصعيدين المالي والإداري، كما تطرّق إلى معيقات الاحتلال للتنمية، والاقتصاد، وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، مؤكدًا ضرورة اتخاذ خطوات دولية فاعلة وفورية لإلزام إسرائيل بتمكين الحكومة الفلسطينية من العمل في المناطق المصنفة "ج" والقدس الشرقية، وتنفيذ المشاريع التنموية الحكومية والممولة، بما يعمل على دفع عجلة الاقتصاد الفلسطيني، ودعم صمود شعبنا، وناقش سبل دعم عملية إعادة إعمار غزة، مجددًا التزام الحكومة بإعمار قطاع غزة، مطالبًا الدول العربية الشقيقة والدول المانحة بسرعة تقديم الأموال التي تعهدت بها لتسريع العملية.
كما أكد التزام الحكومة ببذل أقصى الجهود لتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة دمج المؤسسات الحكومية بين الضفة الغربية وغزة، وشدّد على أن مؤسسات الدولة الفلسطينية أثبتت جدارتها في قيادة دفة التنمية والاقتصاد، وخدمة المواطنين ودعم صمودهم، مؤكدًا أن الاستثمار الدولي في دعم فلسطين هو استثمار في الديمقراطية والسلام، مطالبًا برفع الحصار عن قطاع غزة، ورفع القيود الإسرائيلية على حركة تصدير البضائع الفلسطينية، والالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدول المانحة جدّدت تأكيدها على جاهزية مؤسسات الدولة وإشادتها بأداء الحكومة المالي، والإصلاحات التي تجريها، وبالإنجازات التي تبذلها الحكومة الفلسطينية فيما يتعلق بالإصلاح، وبناء المؤسسات، وإدارة المال العام، كما جددت تأكيدها على استمرار دعمها للموازنة العامة.
كما أعرب رئيس الوزراء عن ارتياحه لمواقف دول منظمة التعاون الإسلامي ودول عدم الانحياز الرافضة لانتهاكات جيش الاحتلال ومستوطنيه بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، والداعمة للقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس عباس في مساعيها على الصعيد الدولي لتوفير حماية للشعب الفلسطيني والمقدسات المسيحية والإسلامية خاصة المسجد الأقصى، وفك الحصار عن قطاع غزة، وصولًا إلى تتويج هذه المساعي بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس.