الكنيست الإسرائيلي

كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة للانتخابات المقررة الثلاثاء، في الأراضي المحتلة، أنَّ التحالف العربي من المرشح أن يصبح ثالث فصيل كبير في "الكنيست"، إذ من الممكن أن يحتل 13 من 120 مقعدًا.

وأوضحت الاستطلاعات أنَّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المحتمل أن ينجح في تجميع 61 مقعدًا يحتاجهم لتشكيل ائتلاف والبقاء في السلطة, مشيرة إلى أنَّ ليبرمان ربما يجد صعوبة في حصول حزبه على  نسبة الـ3.25 % التي حددها.

ويحدق وزير "خارجية" الاحتلال الإسرائيلي، افيغدور ليبرمان, بهدوء في وجوه الساسة العرب الجالسين على الطرف الآخر من الطاولة خلال مناظرة الانتخابات المذاعة على التلفاز.

وسأل ليبرمان، الذي يدعو المواطنين العرب في كثير من الأحيان بـ"خونة إسرائيل" ويوحي بأنَّ مدنهم يتم تحويلها إلى السلطة الفلسطينية، "لماذا أتيت إلى هذا الأستوديو، لماذا لم تذهب إلى غزة، أو رام الله؟ لماذا أنت هنا أساسًا أنت غير مرحب بك هنا, فأنت مواطن فلسطيني".

وردَّ زعيم تحالف الأحزاب العربية المشكلة لخوض الانتخابات الإسرائيلية الثلاثاء، السياسي أيمن عودة، بكل هدوء "أنا مرحب جدًا في وطني"، في إسقاط على ليبرمان المهاجر من الجمهورية السوفيتية السابقة مولدوفا, وأضاف عودة في اللغة العربية باللهجة العبرية "أنا جزء من الطبيعة".

وكان ليبرمان بنفسه هو الذي ساعد عن غير قصد في الشروع في صحوة العرب السياسية في انتخابات الاحتلال لهذا العام, فالتشريعات التي ناصرها لرفع نسبة الأصوات المطلوبة لدخول البرلمان هددت ببقاء أربعة أحزاب عربية صغيرة، لذلك قرروا التوحد بعد أعوام من رفض ذلك.

وعملت هذه الخطوة على تنشيط الكثير من المواطنين العرب في الأرض المحتلة الذين يصل عددهم إلى 1.7 مليون مواطن.

وصرَّح الطالب والمشارك في حملة التحالف العربي الانتخابية، جوزيف شكور، بأنَّ السحر قد انقلب على الساحر, حيث أنَّ التحالف العربي معروف, مستخدمًا مقولة العرب لوصف شخص ما لتذوق دواءه.

وأوضح شكور، أنَّه على عكس العرب في الضفة الغربية وقطاع غزة ومعظم السكان العرب في القدس الشرقية، فالمواطنون الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 لديهم حقوق التصويت الكاملة, ولكن نسبة إقبالهم على الانتخابات أقل من اليهود منذ فترة طويلة, حيث كانت 56 % مقابل 68% في انتخابات 2013, وهم دائمًا يعانون من كونهم أكثر فقرًا وأقل تعليمًا، وأكثر عرضة للبطالة نظرًا إلى سياسة التمييز العنصري التي يمارسها ضدهم الاحتلال.

وأبرز أنَّه على الرغم من وعد القائمة المشتركة للحفاظ على تقاليد رفض الأحزاب العربية للانضمام إلى أي ائتلاف حاكم، إلا أنَّه سيدعم هرتسوغ من إتحاد اليسار الوسط الصهيوني إذا تمكن من طرد نتنياهو.

وغيَّر السيد عودة لهجة السياسة العربية وتعهد بالعمل مع حلفاء اليهود لتحقيق المساواة لمجتمعه, وقد تخلف المواطنون العرب منذ فترة طويلة عن  اليهود الإسرائيليين في التعليم والعمل في وظائف الخدمة المدنية، كما يغير موقفه من المشرعين الحاليين مثل حنين زعبي، التي أدت قوميتها الفلسطينية الحادة إلى عزل الأحزاب السياسية الرئيسية والإسرائيليين العاديين.

وفي الحملة الانتخابية، استحضر عودة روح القس مارتن لوثر كينغ واقتبس الشعر الفلسطيني لأنه يدعو إلى التعايش مع الغالبية اليهودية, وأضاف نريد أن ندخل بثقلنا كشعب في السياسة, ونريد أن نبني المؤسسات لشعبنا, نحن بحاجة إلى مد جسور للمجتمع اليهودي, فقاتل مارتن لوثر كينغ من أجل ديمقراطية السود، والبيض معًا.

ويدير عودة حملته من سيارته، حيث يعقد جولات إلى أكثر من 10 بلدات وقرية في اليوم الواحد, وكان يقبل الرجال على الخدين، على غرار الفلسطينيين، ويعكس تفاؤله بالتحالف, حيث التقى بزوجته، ناردين اسيل وهي طبيبة أمراض نساء، أثناء عزاء شقيقها البالغ من العمر 17 عامًا، أسيل، الذي قتل عام 2000 في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وشارك ابنهم الثاني ميلاد أسيل، كما سمي على اسمه, وأعلن عودة "إذا كنت شاعرًا، كنت سأود أن أقول إنَّ أسيل عاد إلى الحياة، كما استشهد عودة بشعر محمود درويش، الشاعر الوطني الفلسطيني".

وأصبح عودة زعيم التحالف بعد انتخابه لرئاسة أكبر أحزابه الأربعة، المعروفة باسم "حداش" باللغة العبرية و"جبهة" باللغة العربية, وحزبه هو أيضًا الحزب العربي الوحيد الذي يشمل مرشحين للبرلمان اليهودي.

وصرَّح المحلل السياسي والقيادي في "جفعات حبيبة"، محمد دراوشة, الذي يدعو إلى التعايش بين العرب واليهود في الأراضي المحتلة إلى أن اتحاد القوى السياسية العربية غير ذات أهمية تاريخية, وأضاف "لا يوجد أقلية قادرة على تقديم أي إنجاز استراتيجي دون التوحيد أولًا".

وعدَّ عامل اللحام محمد يحيى، البالغ من العمر 28 عامًا الذي يعيش في إكسال، وهي مدينة تقع شمال فلسطين، أفراد الأسرة الذين خططوا للتصويت لصالح تحالف عودة، الثلاثاء, وكانوا والدته، ووالده، وستة أشقاء وثلاث شقيقات، وأزواجهن.

وأضاف يحيى في إشارة إلى البرلمان الإسرائيلي باللغة العبرية "نحن لم نصوت أبدًا من قبل، لأننا لم نكن نعتقد أنَّ أعضاء الكنيست العرب سيحققون أي هدف في ظل تفرقهم، ونريد أن يكون لدينا تأثير في السياسة, وأن نعامل مثل اليهود".

وصرحت أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب, أمال جمال، بأنَّ الحرب في غزة "كانت مؤلمة جدًا ودموية"، وأضافت "لكن هناك شعور بأنَّ الواقع الإسرائيلي يتغير، وأنَّ القائمة العربية الموحدة يمكن أن تغير الخريطة السياسية في إسرائيل، بناءًا على ذلك فهناك تفاؤل".

وقال إبراهيم خبى، حلاقُا، أنَّه لم يكن مقتنعًا بأنَّ عودة سيكون مختلفًا عن السياسيين العرب الآخرين, وأضاف "هؤلاء الرجال لم يفعلوا شيئًا لجعل حياتنا أفضل، وليست لدينا مساحة هنا"، مشيرًا إلى الشوارع المكتظة في بلدته.

وأضاف خبي مشيرًا بإبهامه نحو المنصة التي كان يقف عليها عودة "لا أحد، بما في ذلك والدك، يستطيع تحمل تكاليف تلك السيارة، ولا أعرف حتى ما الذي يقوده هذا الرجل".

وكان الاشتباك الذي وقع أواخر شباط/ فبراير على القناة العبرية الثانية، خلال المناظرة الوحيدة في موسم الانتخابات، مشهد جانبي للصراع الانتخابي الأكبر بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومنافسه اسحق هرتسوغ.

ولم يظهر نتنياهو أو هرتسوغ في النقاش, ولكنها كانت لحظة لأيمن عودة، وهو محام غير معروف من حيفا لم يعمل أبدًا في البرلمان, ويستعد فجأة ليكون وسيط السلطة في تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة.