الاحتلال الإسرائيلي

تشير التحركات الحزبية لدى الاحتلال الإسرائيلي، قبل ثلاثة أشهر من موعد إجراء الانتخابات المبكرة للكنيست في 17 آذار/ مارس المقبل، إلى أنَّ الإسرائيليين يبحثون عن زعيم جديد لهم بعد أن سئموا من رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وسياساته. ويبدو أنَّ سياسات نتنياهو في المرحلة الماضية مهدت الطريق لبروز زعيم إسرائيلي جديد حتى لو كان من أشد المتطرفين على غرار وزير الخارجية الإسرائيلي أفغيدور ليبرمان أو حتى وزير الاقتصاد الأكثر تطرفا نافتالي بينيت الذي يعتبر صوت المستوطنين في الحكومة الإسرائيلية المنهارة.

ومع انهيار الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، الذي لم يمر على تشكيله أكثر من عامين، لا عجب في أنَّ الأحزاب اليمينية، كالليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قد يحصد مقاعد في الكنيست المقبل، لكن توجهًا معاكسًا ظهر أخيرًا في تل أبيب، وهو إجماع على أنَّ "إسرائيل" بحاجة إلى زعيم جديد.

ومع تنامي إحساس الاحتلال بالإحباط من العالم، وترنح اليمين، تظهر ديناميكية ثانية لافتة، وهي التعب من زعامة نتنياهو، وفي ظل حكم هذا الرجل، انتهت حرب أخرى مع "حماس" دون التوصل إلى نتيجة، وزاد الغضب الدولي من السياسات العنصرية، كما أنَّ مجلس وزرائه انشغل بالمشاحنات والاتهامات المتبادلة.
وبالإضافة إلى ذلك، استمرت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في النمو، ازدادت التكلفة المعيشة، وباتت الطبقة الوسطى في الأرض المحتلة، تشعر بضغط كبير، وقلة من هؤلاء يجدون في نتنياهو المؤيد لسياسات السوق الحر، الرجل المؤهل لقيادة تحول كبير يحقق المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

ورغم استمرار الاعتقاد بأنَّ نتنياهو هو الشخصية الأكثر مصداقية في الجانب الأمني لدى الإسرائيليين، إلا أنَّ الصورة المتراكمة عن أعوام حكمه، ليست جديدة، وكرئيس للوزراء يثير الاستياء وخيبة الأمل بحث تهاوت شعبيته ويرفض حوالي 58 % من الإسرائيليين توليه رئاسة الحكومة المقبلة الأمر الذي قد يفتح الباب على مصراعيه لبروز رئيس وزراء جديد.

وفي ذلك الاتجاه نشر صحافي إسرائيلي خطة وزير الخارجية أفغيدر ليبرمان التفصيلية للسيطرة على رئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد الانتخابات المبكرة المقررة في آذار/ مارس المقبل.

وصرّح الصحافي الإسرائيلي زئيف كام، "بعد ثلاثة أشهر، ستُجرى انتخابات في إسرائيل، وكلما مرّ الوقت يبدو أنّها ستكون مثيرة للاهتمام بشكل خاص، حتى الآن كان يبدو أنّ المواجهة الرئيسية ستكون بين رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، وبين التحالف الجديد في اليسار الإسرائيلي بين يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني، ولكن من غير المؤكد أن يكون الأمر هكذا".

وأضاف كام، "إنّ هناك تحالفًا قويًا بين وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وبين موشيه كحلون، الذي يتنافس بشكلٍ مُستقلّ في الانتخابات ويعتبر مرشّحا شعبيّا و"نجما" في السياسة. في إطار التحالف، سيوحّد الاثنان قواهما ومن خلال ذلك سيتمكّن ليبرمان من أن يصبح رئيس الحكومة الإسرائيلي".

وتابع "العلاقات المقرّبة بين الاثنين ليست أمرا جديدا. قبل أكثر من نصف عام طُرح خيار تعاون الاثنين في الانتخابات، ومنذ وقت قليل فقط وقّع كلاهما على "اتفاقة فوائض" وهو اتفاق مشترك بين الأحزاب الإسرائيلية، ينتقل بحسبها عدد من الأصوات من حزب إلى آخر بعد الانتخابات، من أجل أن يفوز أحدهما بمقعد إضافي في البرلمان".

ويتم توقيع اتفاقية كهذه غالبًا بين الأحزاب التي تعتقد بأنّها ستتعاون فيما بينها بعد الانتخابات، فضلًا عن ذلك، فقد قال كحلون إنّه لا يرى نفسه مرشّحًا لرئاسة الحكومة، وذلك بخلاف ليبرمان الذي يرغب بالوصول إلى رئاسة الحكومة. ولذلك، بتعاون مستقبلي بين الاثنين سيتمكّن ليبرمان من أن يصبح رئيس الحكومة، وسيمكّن كحلون في المقابل من أن يكون وزيرًا كبيرًا وسيمكّنه أيضًا من التمسّك بمراكز سلطة.

وحسب كام، يصوّت كل ناخب في الانتخابات الإسرائيلية بواسطة بطاقة لحزب واحد، ولا يتمّ التصويت لرئيس الحكومة، ووفقا للتصويت للأحزاب تتوزّع المقاعد الـ 120 في الكنيست، بين الأحزاب المختلفة، بعد ذلك يتشاور الرئيس الإسرائيلي مع رؤساء الأحزاب، وبعد التشاوُر يلقي مهمّة تشكيل الحكومة الجديدة على الحزب الذي يعتقد بأنّه قادر على تشكيل الحكومة، ويتوجّب على الحزب ومن يترأسه أن يشكّل حكومة من 61 مقعدًا على أقلّ تقدير.

ووفقًا لما نُشر، فسيجمع ليبرمان وكحلون بين قواهما بعد الانتخابات من أجل أن يكون ليبرمان رئيس الحكومة، ومن الممكن أن ينضمّ لهذه القوة المشتركة أيضًا يائير لبيد، وهكذا سيكون لثلاثتهم معًا، وهم يشكلون أحزاب "المركز"، نحو 30 مقعدًا بحسب الاستطلاعات.

وبهذه الطريقة لن يستطيع لا نتنياهو ولا هرتسوغ أن يكونا رئيسين للحكومة، ولكن من ناحية أخرى فمن غير المؤكد على الإطلاق أن يستطيع ليبرمان ذلك أيضًا، إذا كان ما نُشر صحيح فعلًا، فهناك احتمال بأنَّ تتجه السياسة الإسرائيلية نحو فترة من عدم الاستقرار.

وأشار كام، إلى أنَّه ينبغي التأكيد على أنّه وبشكل رسمي، بالنسبة إلى ليبرمان وكحلون، فهناك نفي للتعاون فيما بينهما، حيث صرّح حزب "إسرائيل بيتنا" التابع لليبرمان، بأنَّ "ليس لدى الحزب أي اتفاق مع حزب آخر، قبل الانتخابات أو بعدها"، فيما نفى حزب كحلون، ذلك جملةً وتفصيلًا.