بيروت ـ فادي سماحة
صعّد أهالي العسكريين المحتجزين لدى جماعة "النصرة" وتنظيم "داعش"، تحركاتهم على الأرض، مؤكدين طيّ صفحة "الحراك السلمي" وعدم الخروج من الشارع حتى عودة أبنائهم سالمين، حيث شهدت بلدة عرسال ومنطقة القلمون السورية تحركاً تصعيدياً الاثنين، أدى إلى قطع طريق بيروت - دمشق الدولي، في منطقة ضهر البيدر لنحو 5 ساعات،فيما نصب الأهالي خيمة على "الأوتوستراد" الذي يربط مناطق ساحلية بمدينة طرابلس الشمالية وقطعوا الطريق في أحد اتجاهيه.
وتمكنت زوجة الجندي علي البزال الذي كانت "النصرة"، هددت الجمعة الماضي بإعدامه بعد إعدام الجندي حمية، من الانتقال إلى عرسال، ومنها إلى الجرود، حيث قابلت مسؤولين من "النصرة" وطالبتهم بحفظ حياة زوجها.
وكشفت مصادر عرسالية، عن أن الزوجة، التي هي من عرسال أصلاً ومن آل الحجيري، سألت الخاطفين عن مطالبهم، بعدما رفضوا السماح لها برؤية زوجها، فأبلغوها أن المطالب تقتصر على فتح الطريق من الجرود الى عرسال "التي كان أغلقها الجيش بتدابيره خلال الأيام العشرة الماضية"، وعدم التعرض للنازحين السوريين، والإفراج عن المقاتلين الذين أوقفوا أثناء معركة عرسال التي وقعت مطلع آب/أغسطس.
وأشارت الزوجة في تصريحات لها، إلى أن "النصرة"،أجّلت إعدام البزال أسبوعاً على أن تستجيب الحكومة لمطالبها، وإنها لم تطالب بانسحاب "حزب الله" من سورية، ولا الإفراج عن الإسلاميين في سجن رومية، بل طالبت بتسليم الأسرى الذين احتجزهم الجيش اللبناني منذ اليوم الأول لأحداث عرسال.
وجاء تصعيد الأهالي بعد إعدام "النصرة" الجندي حمية الجمعة الماضي الذي أدى الى إعلان رئيس الحكومة تمام سلام وقف المفاوضات مع الخاطفين ما لم يوقفوا قتل العسكريين اللبنانيين. وغادر سلام قبل ظهر الاثنين، إلى نيويورك ليرأس وفد لبنان وسط أمنيات بالتواصل مع تركيا لعلها تساعد في التفاوض على إطلاق العسكريين المخطوفين، إضافة الى التواصل مع قطر التي انتظر المسؤولون اللبنانيون وصول موفدها إلى لبنان.
وفيما ساد الهدوء جبهة جرود عرسال والتي قصفها الجيش السبت بقوة، وأوقع خسائر في صفوف المسلحين المتمركزين فيها بعد تفجير عبوة ناسفة بشاحنة له أدى الى استشهاد جنديين في البلدة، عاد الجيش ليقصف الجرود بعد ظهر الاثنين، إثر ظهور تحركات للمسلحين. وواصل الجيش والقوى الأمنية مداهمة مخيمات للنازحين السوريين في البقاع الشمالي بحثاً عن مشتبه فيهم بالانتماء الى تنظيمات متطرفة، فأوقف عدداً منهم للتثبت من أوضاعهم.
وكان أهالي العسكريين فاجأوا القوى الأمنية والمواطنين حين قطعوا طريق ضهر البيدر التاسعة صباحاً عند مفترق نبع الصحة الذي يؤدي الى مسرب فرعي بالإطارات المشتعلة وأكوام الأتربة، مطالبين بمبادلة أبنائهم بالمخطوفين لدى "داعش"، و"النصرة".
وتحدثت أمهات وشقيقات وآباء للعسكريين المخطوفين، مؤكدين أن الطريقة التي تتم فيها المقايضة "لا تعنينا بل ما يعنينا أن تتم"، وطالبوا "أي وزير أو أي نائب يرفض المقايضة بأن يظهر إلى العلن لنتصرف معه".
وعاد الأهالي ففتحوا الطريق بعد أن تحدث إليهم وزير الداخلية نهاد المشنوق هاتفياً واعداً إياهم بتحريك المفاوضات سريعاً، إلا أن أحد آباء العسكريين قال إن التحرك التصعيدي سيستمر في اليومين المقبلين لقطع طرقات أخرى.
وأبدى سلام تفهمه غضب الأهالي "وهمَّ كل أب وأم وشقيق وابن، وهذا المصير نواجهه جميعاً... وخياراتنا مفتوحة والتفاوض هو أحدها، لكن الأكيد أنه تعرقل في ظل القتل ونحرص على تمتين هذا التفاوض انطلاقاً من التعهد بعدم القتل".
وأضاف: "لا أحد يملك عصا سحرية ولا نملك معجزات... ويجب أن نكون موحدين ولا يجوز أن نترك التطرف يستضعفنا ويفككنا، وأنا لست ذاهباً لتمثيل لبنان (في الأمم المتحدة) وهو داخل في مشروع فتن، بل لأحقق للبنان مؤازرة ودعماً في مواجهة كل القضايا ومحاربة التطرف".
وكان لافتاً أيضاً إعلان النائب عن "التيار الوطني الحر" آلان عون أمس أنه بين حياة العسكريين الرهائن وبين هيبة الدولة يجب إعطاء الأولوية لحياة العسكر، فهيبة الدولة مفقودة في ملفات عدة". وإذ قدّم عون تعازيه لأهالي شهداء الجيش، قال إن "موضوع المفاوضات والتبادل معقد وصعب ومتشعب وتجب الموازنة بين مصلحة الدولة وحياة الجيش، والحكومة لم تقفل باب التفاوض غير المباشر".
ولفت إعلان "هيئة العلماء المسلمين" التي كانت جزءاً من التفاوض قبل دخول الوساطة القطرية على الخط، في بيان لها، الجمعة المقبل يوماً تحت شعار "لا لذبح عرسال"، معتبرة أن "الحل (لقضية العسكريين المحتجزين) هو عند من يعيق التفاوض داخل مجلس الوزراء".
ودعت الهيئة أهاليهم الى الضغط على الوزراء.
وكان السفير السعودي في لبنان علي بن عواض عسيري ناشد اللبنانيين، الاثنين، في مناسبة اليوم الوطني السعودي الذي يحتفل به الثلاثاء، "أن تحصنوا لبنان عبر تعزيز وحدتكم الوطنية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يقود البلاد ويطلق الحوار، وقطع الطريق على الفتنة المذهبية وعدم تجييش الشارع وتغليب لغة العقل والحكمة والاعتدال". وأكد أن هذه "رسالة المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.