العدوان على غزة

يعيش العشرات من سكان غزة، في معاناة بعدما أجبروا على التوجه إلى السوق السوداء، لتوفير كميات من "الأسمنت"، لإصلاح منازلهم، بعدما تضررت بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير، وبطء عمليات تسليم المواد اللازمة للبناء.

واشتكى المتضررون من الارتفاع الحاد في أسعار "الأسمنت" في السوق، وصعوبة الحصول عليه، ما أضاف عليهم أعباء كبيرة، جعلت بعضهم يقتصر عمليات الإصلاح على ما هو ضروري فقط.
وأكد المواطن ياسر أبو عاذرة، أن منزله تعرض لضرر كبير نتيجة قصف منزل جار قريب منه، ما أدى إلى تحطم ألواح "الإسبستون" وانهيار في بعض جدران المنزل، وتحطم النوافذ، مبيناً أن وكالة "الغوث" صرفت له مبلغا لإصلاح الأضرار، واستلم نصفه كدفعة أولى.
وأوضح أبو عاذرة، أنه لا يعلم أي شيء عن آلية الحصول على "الأسمنت"، وإن كان البعض أخبره بأن أسمه والكميات التي يحتاجها من الأسمنت تنتقل تلقائياً من وكالة الغوث إلى وزارة العمل، لكنه لا يستطيع الانتظار أكثر، فقرر خوض رحلة بحث شاقة عن الأسمنت في السوق السوداء.
وبين أن في البداية كان ثمن الجوال الواحد نحو 170 شيكل، أي حوالي  40 دولار في السوق السوداء، ما جعله يقرر التريث، حتى بدأت الأسعار تنخفض إلى أن وصل إلى 100 شيكل أي حوالي 25 دولار وأقل من ذلك، فقرر شراء كمية لإصلاح الأضرار الأكثر أهمية، ما يضمن حماية عائلته من برد الشتاء، ومياه الأمطار.
ولفت أبو عاذرة إلى أن عمليات إصلاح الأضرار في منزله متواصلة، وسيتوقف عند نفاذ المبلغ الذي استلمه من وكالة الغوث، وانتظار صرف الدفعة الثانية، آملاً في أن يجد اسمه ذات مرة في كشوف المستحقين للأسمنت، ليحصل على كمية كافية بسعره الطبيعي، ويكمل باقي الإصلاحات، مطالباً في الوقت ذاته بعدالة التوزيع، وملاحقة المحتكرين والمستغلين.
وانتقد المواطن أحمد حسنين الآلية المتبعة في توزيع مواد البناء، والتي أدت إلى خلق سوق سوداء،وجعلت حفنة من التجار والمحتكرين يغالون في الأسعار، مستغلين حاجة المتضررين، خصوصًا في الشتاء، ورغبة الجميع في حماية أبنائهم من البرد والأمطار.
وبين أنه انتظر أن يجد اسمه في كشوف المستحقين لـ"الأسمنت"، لكنه بدأ يفقد الأمل، فاضطر للجوء إلى السوق السوداء.
ولفت حسنين إلى أنه وجد ما كان يتوقعه، فالأسمنت المتوفر يباع بأسعار مرتفعة حدها الأدنى 100 شيكل للجوال، والحصول عليه يتطلب جهدا كبيرا، معربا عن دهشته من الأنباء التي تتردد حول دخول مئات الأطنان من "الأسمنت" إلى القطاع أسبوعيًا، ولم يبد حال المواطن إبراهيم يوسف، أحسن من سابقيه، فقد كان يستقل دراجة ثلاثية العجلات وعليها خمسة جوالات من الأسمنت، متجها إلى منزله الكائن في بلدة الشوكة شرق مدينة رفح.
يوسف أكد أنه اضطر مكرهاً للبحث عن الأسمنت في السوق السوداء، وشرائه بأربعة أضعاف ثمنه الأصلي، من أجل انجاز إصلاحات وصفها بالمهمة في منزله.
وبين أن "الشتاء على الأبواب، ومزيداً من البرد والأمطار في انتظارنا، لذلك لا يمكن الصبر أكثر من ذلك، أو التعويل على كوبون الأسمنت، الذي يبدو أنه بات بعيد المنال، في ظل آلية توزيع عقيمة وغير مفهومة لدى المتضررين".
وأثنى يوسف على وكالة الغوث "الأونروا"، التي كانت أول المبادرين لإغاثة المتضررين، وصرفت لهم تعويضات توازي وربما تفوق أضرارهم، ما مكنه وغيره من تنفيذ الإصلاحات.
وتساءل إبراهيم: "إن كان صرف الأسمنت للمتضررين ممن هم في حاجة إلى كميات محدودة، يتطلب هذا الوقت والتعقيد، فما بالنا بعملية إعمار واسعة، تشمل إعادة بناء مساكن، وإنشاء مشاريع كبيرة، مثل مشاف أو مؤسسات".