عطلة شتوية في سانت موريتز

تُقدَم بلدة وجبال سانت موريتز في جنوب شرقي سويسرا عطلة شتوية مثالية للكثير من الأشخاص الذين يخافون من البرد والمرتفعات ولديهم حساسية لألعاب التزلج، رحلة من دون رياضات التزلج ولا المسابقات، بل نزهات في جبال الألب والاسترخاء مع العلاج بالمياه المعدنية، وتأخذ الرحلة من مطار هيثرو في لندن حتى مدينة زيوريخ ساعة واحدة و35 دقيقة، ثم يأخذ السياح القطار حتى منطقة سانت موريتز والتي تأخذ عادة خمس ساعات يغيرون خلالها القطار مرتين.
 

 
وأشاروا السياح الذين شهدوا هذه الرحلة إلى أن القطارات السويسرية تستحق سمعتها الطيبة من حيث الكفاءة والنظام الجيد، فعند شراء التذاكر يجب على المسافر أن يسجل الدخول بها والا ستصبح غير صالحة للاستخدام، ويتوجب على مشتريها أن يضع تاريخ شرائها عليها.
 

 
ويمر القطار في طريقه إلى سانت موريتز في بلدة خور التي تمتلك سكة حديد ضيفة تمر بين الصخور وغابات التنوب الجميلة جدًا التي أصبحت على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ويصعد القطار بعدها الى جبل سانت موريتز على ارتفاع 5300 قدم، عابرا 33 جسرا و39 نفق لولبي وصاعدا الى منحنيات لاندفاسر والتي تقدم منظرا مثاليا من القطار. ويصل بعدها السياح الى فندق أسطوري جمع اسمه من الثلج والماس عبارة عن برج كنيسة يعود للقرن ال12 يميل قليلا على غرار برج بيزا المائل، وبجانبه تقع بحيرة رائعة الجمال هي مكان طبيعي لسباقات الخيول ولعب البولو والتزلج وهوكي الجليد والكريكت.
 
وأتى اسم البلدة سانت موريتز من سانت موريتوز أو موريس وهو الشهيد المسيحي الاول الذي بدأ كقائد عسكري روماني يعتقد أنه كان أول قديس أسود، ويتحدث سكانها الألمانية والايطالية والرمانش وهي لغة تنحدر من اللاتينية العامة القديمة. وزار البريطانيون سانت موريتيز في الصيف فقط حتى القرن الـ 19 للتمتع بمنتجعات المياه المعدنية وأشعة شمس جبال الألب، وفي عام 1864، دعى صاحب فندق مغامر اسمه كاسبار باورت أربعة من أصدقائه لزيارة المكان في الشتاء واعدا اياهم ان لتكون كل النفقات على حسابه لو أن المكان خيب أمالهم، ومنذ ذلك الحين أصبح المكان مثاليا للبريطانيين لقضاء عطلة الشتاء.
 

 
واخترع في ذلك العام الكثير من رياضات التزلج الجديدة، فلم يكتفي الضيوف لممارسة التزلج السويسري التقليدي بل استخدموا زلاجات أصغر على طول الجرف الجليدية، مرتدين فقط قبعات صغيرة تحمي جماجمهم. وأصبحت هذه الممارسات الجنونية مشهدا حيا للمدينة، وفي عام 1885 أنشأ منحنى التزلج كريستا رن وهو عبارة عن جدار جليدي يصل سرعة المتزلجين عليه الى 80 ميل/الساعة، مستخدمين مزلاج صغير، وفي عام 1904 أتت لعبة للمتزلجين الأكثر جنونا وهي عبارة عن قاذفة بشرية للمجانين فقط.
 
وبلغ تألق ومجد سانت موريتز أوُجَه في الأعوام ما بين دورتين أولمبيتين استضافتهما في شتاء 1928 و1948، حيث كان السفر يقتصر على الأغنياء، والرياضة للهواة، وكان من بين الذين زاروها المهراجا حيدر أباد الذي وصل مع 500 حقيبة كبيرة و300 حقيبة صغيرة الى جانب الملك فاروق وشاه إيران والأغا خان ويفا بيرون.
 
ويشتمل المكان اليوم على الكثير من السحر حيث ما زال الكثير من السياح الشباب يصلون اليها ويختارون المنتجعات التي يسهل الوصول اليها مثل كلوسترز وفيربير، إلا أن اقتراح فلاديمير بوتن الأخير حول ضرورة أن يقضى الأثرياء الروس لعطلاتهم داخل بلادهم أنهى سوق واسع من السياح في هذه المنطقة. ويعتبر العدو الأسوأ للمنطقة هو ظاهرة الاحتباس الحراري، والذي يتسبب في سقوط الثلج في وقت متأخر في كل عام، مما يبقى مرتفعات سانت موريتز بنية حتى موسم عيد الميلاد مما يتسبب في خسارة كبيرة في الأعمال، ويعتبر ضخ الثلج الاصطناعي حلا، ولكنه يؤثر على العشب والصخور بطريقة غير صحية، ويبحث العلماء اليوم في بناء أماكن سياحية معزولة بالبلاستيك على المنحدرات الجبلية فيما يُسمى بالفريزر البلاستيكي.
 
وتمتلك البلدة الكثير من متاجر الأزياء والملابس ربما أكثر من أي مكان أخر في العالم بالرغم من أنها تبدو صغيرة وبعيدة، واستطاع الكثير من رجال الأعمال الانجليز الاستثمار في المكان من بينهم شركة "بول مول" التي يُديره نادي موريتز توبوغان والذي يملك منحدر كريستا رن. وتمنع النساء من المشاركة في الرياضات الخطرة، على أساس نظرية قديمة تنص على أن التزلج بسبب سرطان الثدي، وللتعويض لهن تُنظَم فعالية واحدة سنويا خاصة بالنساء، وامتد تأثير الانجليز على هذه البلدة السويسرية مع انشاء منتجع الكريكت الثلجي على بحيرة شانت موريتز، وعندما جاء قائد المنتخب الانجليزي السابق ديفيد جارو للعب مباراة في المنتجع، ركن سيارته المستأجرة على بحيرة متجمدة وفي صباح اليوم التالي اختفت تماما تحت الجليد.
 
وتحتوي البلدة على خيارات فندقية ممتازة مثل فندق كارلتون ذو الخمسة نجوم الذي بني عام 1913 وأشيع أنه كان قصرًا للقيصر الروسي نيقولا الثاني، وخضع الفندق مؤخرا لعدد من التجديدات الرئيسية ويحتوي على سبا من ثلاثة طوابق ومطعم ميشلان الايطالي وحوالي 60 جناحًا صغيرًا بمناظر على البحيرة والجبل، من تصميم الايطالي كارلو ربمازي الذي عكس الروح الروسية، ولا سيما في مطعم رامانوف حيث القهوة والكرواسان يقدمان كوجبة للإفطار مع احتفال يشبه احتفالات سان بطرسبرغ القديمة، ولمسة قديمة من الأثاث المخملي.
 
ويقع منتجع كورفيغليا مباشرة فوق سانت موريتز ويمكن الوصول اليه برحلة صغيرة بالتلفريك وهو عبارة عن مكان معزول لتناول شراب في مطعم مارميتي كورفيغليا الذي يقع على قمة الجبل والذي يقدم اطلالة بانورامية على المكان فيما آلات صنع الثلج التي تقذف به للتعويض عن الضرر المناخي الذي حصل للأرض.