زغرب- نانسي نجم
دليلي السياحي دينو ليس من الناس الذين يمكنك تجاهل حديثهم, حيث يعد المجيء إلى هنا وعدم رؤية اقبية القصر مثل الذهاب إلى روما وعدم زيارة الكولوسيوم", فيما لم اذكر اني قد زرت مدينة "سبليت" من قبل ولكن لم يبدو أن دينو سيسامحني على عمد الذهاب, في الواقع انه من حسن الحظ أن الكثير من الناس لا يزورون الأقبية, ولكن في المدينة القديمة تكتظ الشوارع الصغيرة بالسائحين, ويعتبر تسجيل مطار سبليت في كرواتيا لأعلى أعداد من السائحين هذا العام يعكس الشعبية الواسعة لهذه المدينة التي تشهد نموًا سريعًا.
ولكن بخلاف حشود السائحين إلا أن المدينة هادئة وجميلة، ولكن الحقيقة أن الخزائن الفارغة للقصور من العصر الامبراطوري الروماني تتطلب وجود مرشد سياحي وبالتحديد مثل دينو الذي يعطي المكان نكهة اضافية, ولاشك أن مدينة سبليت في كرواتيا مميزة, وليس هناك مدينة على الارض تزعم أنه تم بنائها تحت قصر روماني، وليس هذا فقط بل وتم الحفاظ عليها بشكل جيد.
وكان الامبراطور ديكولتان قد أمر ببنائه في القرن الرابع وانتقل اليه عام 305 ميلاديًا، وبالتالي استطاع تفادي المصير المأسوي الذي واجهه حكام رومانيون اخرون, فيما برز دينو واضحا في سرد ما حدث بعد سقوط الامبراطورية الرومانية، وكان الناس يلقون بمخلفاتهم هنا، وحتى عام 1952. بعدها تم الاهتمام بالمكان واقامة ثلاث متاحف بالآثار التي كانت في المكان.
وأوضح أن السكان اعادوا استخدام أي شيء مفيد للبناء, حيث تحول ضريح دقلديانوس إلى كاتدرائية سانت دوميانوس، وتم تحول معبد فينوس إلى دير, كما اشار دينو إلى وجه أبو الهول المصري الذي جلبه دقلديانوس من مصر لنزيين مقر اقامته الجديد المواجه للبحر. المثير للدهشة في مدينة سبليت هو المزج بين الحياة العصرية في نسيج القصر القديم, ولا تزال الاعمدة الاصلية تزين الواجهة البحرية. والمساحات بين الاعمدة مليئة بالنوافذ المغلقة, والقنطرة فوق الطريق الروماني مدفونة في غرفة نوم شخص ما.
وخارج البوابة اقتربنا من تمثال ضخم ولمسنا أخمص القدمين لتمثال البطل الكرواتي جريجوري والذي ينتمي للقرن العاشر الميلادي. ولمس هذا التمثال يقال انه يجلب الحظ, وقد سألت دينو عن كيفية تأثير تاريخ المدينة على طابعها وشخصيتها, قال إنه اذا طلبت من الذهاب يمينا سنتجه يسارا، نحن لا نتناول الافطار ابدا، وربما بعض الماريندا فيما تسمونه فطارًا متأخرًا، عندما نتحدث نبدو وكأننا نأكل الكثير من العلكة, نحن نحب الرياضة والفنون لأنهما يوفران علينا العمل الشاق, نحن نحذر من الأباطرة, عندما فاز أحد ابطالنا في بطولة ويبملدون للتنس عام 2001 ما يقرب من 100 الف شخص ذهبوا لتحيته ولكنه في اليوم التالي لم يمكنه الحصول على مقعد في أحد مقاهي الواجهة البحرية, هذه ببساطة هي سبليت.
ولكن ما اثار حماس دينو فعلا هو الحديث عن الطعام. فهو شيف ويحب مهنته ايضا. في الصبح يذهب لسوق الخضراوات بجانب القصر لشراء "سبورانيك" وهي وجبة خفيفة مصنوعة من طبقات من العجين والسلق والكثير من زيت الزيتون. السوق ايضا هو مكان لتخزين الخضروات المحلية والفاكهة . الكثير من الخوخ كبير الحجم والمشمش والتين المجفف، والثوم والجبن المحلي الصنع والكيك.
وفي جولتنا التقي دينو بإحدى صديقاته ايفانا جاميلان. وهي تملك احد اشهر مطاعم مدينة سبليت ويدعى "فيلا سبيزا" والذي يبدو كفتحة صغيرة في الحائط، ويمكنك فقط ان تأمل الا ينفذ الطعام قبل ان تجد كرسي لتجلس عليه. قائمة الطعام تعتمد الى حد كبير على انواع الاسماك التي تجدها ايفانا في سوق الاسماك كل صباح، ومع مرور اليوم تخرج بعض الاطباق من القائمة وبحلول الثامنة مساءا لن تجد امامك الكثير من الخيارات.
واذا مشيث بعض الخطوات داخل اسوار القصر تجد مطعم دجوكيلكان والذي يقسم دينو انه يقدم افضل بروسسيوتو في كل كرواتيا. ليس مطعم فخم، على الاقل ليس بفخامة المقاهي على الواجهة البحرية، وحتى ان بعض رواد المطعم قد يكونوا من الموسيقيين المتجولين. وجبة الغذاء غالبا ما تكون كبيرة ويتم تقديمها حوالي الساعة الثالثة عصرا، ويصاحبها كاس من النبيذ المحلي.
كما ارشدني دينو الى مكاني المفضل وهو زالانتا ريبيكا بجوار سوق السمك وهو يقدم طبق رائع من الحبار المقلي وطبق من المأكولات البحري يكفي شخصين سعره اقل من 8 جنيه استرليني, والآن اشعر اني بحاجة الى قليل من الراحة فأصطحب ابنتي مادي لمارجان وهي شبه جزيرة اشبه بغابة على مسافة قريبة من المدينة وبها شواطئ جيدة. ولكن الامر الجذاب هناك هو المنحدرات، ومع توجيهات بعض المتسلقين المحليين هناك قمنا بتسلق بعض الجبال. وهناك ابهرت المناظر الخلابة للبحر مادي.
ويبدو أن هذا الصيف جعل من كرواتيا اكثر شهرة كمقصد سياحي اكثر من السنوات الماضية، وكان الفرق في العملة عامل مساعد. الناس والطعام والتاريخ ايضا عوامل جذب رائعة. المدينة تحتوي على قليل من حيوية ايطاليا وعمق البلقان مغموسة في اطباق شهية للغاية