نيومكسيكو _ سمير الفيشاوي
يخوض السيّاح، رحلة رائعة إلى نهر ريو غراندي الذي يمتد إلى مسافة ألف ميل، بين الحدود الأميركية المكسيكية، في المنطقة المليئة بالمستنقعات والرمال المتحرّكة، حيث تغوص أقدام السائح حتى ركبته في واحدة من تلك المستنقعات، حيث الطين على ضفة النهر يبدو متماسكًا، إلا أنّه يغرق بعد خطوات قليلة في نقطة أعمق، في صحراء تشيهواهوا.
وزار مراسل موقع "الإندبندنت"، المنطقة، ويتواجد في "بيغ بيند ناشونال بارك" في تكساس، أحد الأنهار الأكثر شهرة في العالم الذي يقسم البلدين، ويمتد إلى أكثر من ألف ميل، "ريو غراندي"، الذي يفصل بين المكسيك والولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن هذا النهر كان ذات يوم واحد من أكثر الأنهار اتساعًا وأعمقهم، وأصبح الآن مجرّد قناة هزيلة من الماء والمستنقعات التي تتضاءل بسبب بناء السدود الصناعية، لم يؤثر التغيير فقط على الناحية الجمالية الا أنه سيجعل الكثير من الأماكن، ممرًا آمنًا لعبور الحدود إلى الولايات المتحدة سيرًا على الأقدام.
وقابل المراسل، عددًا من الأشخاص الذين كانوا متخفيين في مقاهي دالاس وهيوستن من الأمن، قالوا إنهم "لن يزوروا "البيغ بيند" على الرغم من موقعها الجميل خوفًا من الوقوع بين يدي الأمن كمهاجرين غير شرعيين خلال دخول البلاد، لذلك، فضلا عن الاستمتاع بالحديقة الجميلة فهم جاؤوا إلى هنا لمعرفة إذا كانت الحدود يسهل اختراقها حقًا أم لا"، وبيّن أحدهم في حديثه إلى المراسل، أنّه "بالنسبة لك يمكن عبور الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بطريقة قانونية، على عكسي"، متفاديًا الرعب القائم على الحدود من خلال نقاط التفتيش الموجودة فوق ضفة نهر ريو غراندي، ومعبر بوكويليز، الذي أتيح بعد تسوية السد الترابي على الجانب المكسيكي حيث وُجد سدًا ترابيًا كبيرًا في الماضي لكنه الآن أقل، ويشرف علي العبور منه مسؤول الأميركي ودود، حينما تظهر له المستندات الخاصة بك، يجري مكالمة إلى الوكيل للرد على الأسئلة اللازمة، ثم تذهب الى النهر حيث يوجد رجل في قارب ينقلك حوالي 50 ياردة لتنتقل إلى الجانب الأخر وتصبح في المكسيك".
وأشار المراسل إلى انّه "حينما تصبح في المكسيك، تقفز في شاحنة البيك أب وتسلك الطرق الوعرة إلى معبر بوكويليز الصغير، حيث المرشدين الذين سيدلوك إلى المدرسة الصغيرة والمحطة الجديدة لتوليد الكهرباء، قبل أن يتركوك تستمتع بالتاكو والبيرة في مطعم محلي، هناك القليل للقيام به، ولكن هذا هو بيت القصيد - زيارة معبر بوكويليز هو فرصة لمعايشة الحياة الريفية المكسيكية، معظم الذين يعبرون المعبر هذه الأيام زوار أجانب، ويشير حرس الحدود إلى أن الأميركيين لا يحتاجون إلى جواز سفر للقيام بهذه الرحلة، منذ عام 2008 كان المواطنين الأميركيين يعبرون الحدود المكسيكية باستخدام جواز السفر".
ويسرد التقرير الحال على الحدود قبل أحداث سبتمبر/أيلول، ويشير إلى أن المعبر كان مفتوحًا أمام البلدين وكانت رحلات اليوم الواحد مزدهرة للمعبر، وفي الوقت نفسه، ازدهر الذهاب إلى ولاية تكساس للقيام بالتسوق الأسبوعي بين المواطنين المقيمين هناك، لكن عام 2002، أغلقت الحدود بشكل مفاجئ وتغيّر كل هذا، بعد أن الحدود التجارة السياحية الثمينة، واضطر السكان الموجودين في المدن الحدودية السفر أكثر من مائة ميل إلى أقرب محل بقالة في المكسيك، بدلًا من السفر إلى بضعة أميال عبر الحدود من خلال معبر بوكويليز، فأصبحت مدينة أشباح، يعيش الآن هناك حوالي 200 شخص من السكان فقط.
وختم المراسل أنّه "تم إعادة فتح الحدود عام 2013، ولكن يتم التحكم في الهجرة الآن، وعلى الرغم من أن مواطني الولايات المتحدة والسياح الذين يحملون جوازات سفر يمكنهم زيارة لالتاكو ومرغريتا، إلا أن الأمر صعبًا بالنسبة للمكسيكيين الذين يكافحون للحصول على الأوراق اللازمة، في أحضان النهر وحينما تتسلّق أعلى التل عند معبر بوكويليز في الولايات المتحدة، ستكتشف المكان الذي يمكن للأميركيين الذين يحملون جواز السفر التمتعّ بالمناظر الخلابة على الجانب المكسيكي، وتصفح كشك، مكتظة الأساور المكسيكية، يصل رعاة البقر المكسيكيين، بخيولهم ويسلكون طريقهم عبر النهر ومن خلال دفع خمسة دولارات اليهم يمكنك امتطاء السرج وتبدأ رحلة إلى الأراضي المكسيكية، وعلى افتراض أنهم يعرفون أين هم ذاهبون، أسير بأمان في أعقابها، وأخوض في النهر، بعد لحظة، أقف على التربة المكسيكية، وانظر إلى الوراء حيث الولايات المتحدة الأميركية، هل يمكن للمرء بناء جدار؟ في منتصف هذا النهر؟ بين المياه والسمك؟ دونالد ترامب يواجه مشكلة خطيرة، نصب حاجز هنا، في هذا الغرب المتوحش لا يبدو أمًرا لا أخلاقيا فقط ولكن من المستحيل من الناحية العملية والفيزيائية، لو لم يسمح له ناخبيه اليمينيين بالتراجع، قد يجد نفسه جاسيا على ركبتيه في المستنقع السياسي، أو في رمل السياسة المتحركة".