سبعة حقائق ثابتة تحتاج إلى الفهم حول "المضادات الحيوية"

كشفت الحكومة البريطانية الأسبوع الجاري عن الأزمة العالمية لمقاومة المضادات الحيوية، ومنعت الأطباء من وصف المضادات الحيوية دون نتائج الاختبارات التي تثبت الحاجة لها، وحذر اللورد غيم اونيل من أن الجراثيم ستقتل المزيد من الناس أكثر من السرطان بحلول عام 2050، واتهم الأطباء بأنهم يصفون المضادات الحيوية مثل الحلويات, وأشار إلى أنه في حالة أصبحت المضادات الحيوية غير قابلة للاستعمال فان الاجراءات الطبية الأساسية بما في ذلك العمليات القيصرية واستبدال الورم والعلاج الكيميائي ستصبح خطيرة جدا بسبب الخوف من خطر العدوى، ورحب خبير الامراض المعدية الدكتور مارك مندلسون من جامعة كيب تاون بهذا الوعي العالمي لمقاومة المضادات الحيوية، وأوضح أن هناك ما يزال العديد من الأساطير المحيطة باستخدام المضادات الحيوية، وقدم مجموعة من المفاهيم الخاطئة الاكثر شعبية في جميع أنحاء العالم حول استخدام المضادات الحيوية.

وأصبحت الازمة العالمية لمقاومة المضادات الحيوية تحت الضوء مؤخرًا، هذا لان خسارة تأثير المضادات الحيوية يهدد الطب الحديث كما نعرفه، وكان هناك زيادة كبيرة في البكتريا المقاومة للأدوية المتعددة في السنوات الاخيرة، مثل مرض السيلان الذي أصبحت جراثيمه غير قابلة للعلاج اما كليا او جزئيا.

ويموت حوالي 700 ألف شخص سنويًا بسبب الالتهابات المقاومة، ومن المرجح أن يصل العدد الى 10 ملايين بحلول عام 2050 اذا لم يكن هناك أي اجراءات، وبعيدا عن كونها مشكلة شخصية، فان منظمة الصحة العالمية نشرت دراسة في بلدان متعددة لرفع الوعي العام حول مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية ويسلط الضوء على المفاهيم الخاطئة الشائعة التي تؤدي الى الأزمة, وتأتي اولى هذه المفاهيم الخاطئة في أن المضادات الحيوية تستطيع مقاومة الامراض أكثر اذا استخدمت دائما، فالمضادات الحيوية تتمحور حول الانتقاء الطبيعي الدارويني، فمنذ ألاف السنين تحاول البكتيريا حماية نسها من المواد الكيميائية التي تهدف الى قتلها، فمنذ عام 1928 اكتشف الكسندر فليمنغ البنسلين واستخدم في المضادات الحيوية, وتكون البكتيريا قادرة على المقاومة للبقاء على قد الحياة ضد أي هجوم للمضادات الحيوية، ويمكن لبعض البكتيريا أن تكتسب جينات المقاومة من بكتيريا اخرى، ويستطيع المضاد الحيوي أن ينقل البكتيريا التي ليست لديها اليه للمقاومة، ولكنه يترك التي لديها الالية، وبالنظر الى الظروف المناسبة فان البكتيريا المقاومة تستطيع الانقسام والتسبب في عدوى شخص أخر أو تستعمر الجلد والسطوح الاخرى وهي قادرة على الانتقال من شخص الى أخر، وهذه هي احدى الطرق التي تنتقل فيها البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ولكن كلما تناول الانسان المضاد الحيوي أكثر من اللازم فان يتسبب في تقوية هذه البكتيريا.

ويأتي المفهوم الثاني الخاطئ في أن الجسم يصبح مقاوم للمضادات الحيوية، ولكن البكتيريا هي التي تصبح مقاومة له، لذلك لا يوجد شيء يمكن لجسم الانسان ان يفعله في مقاومة المضادات الحيوية، اما المفهوم الخاطئ الثالث في استخدام البكتيريا في نزلات البرد والانفلونزا، فالمضاد الحيوي مفيد للبكتيريا فيما الفيروسات هي التي تسبب هذه الامراض لذلك لا تأثير للدواء عليها ولكنها ستزيد من مقاومة بكتيريا أخرى للدواء بسبب الاستخدام المفرط له.

وينتج عن استخدام المضادات الحيوية في نزلات البرد ضرر غير مرغوب وآثار جانبية، وضرر للنفس والعائلة والاصدقاء بسبب تنامي مقاومة المضاد الحيوي في الجسم، وأكد غالبية المستطلعين في بحث لمنظمة الصحة العالمية شمل 12 دولة أنهم يعتقدون خطأن أن الفيروسات التي تسبب البرد والانفلونزا يمكن علاجها بالمضاد الحيوي.

وأشار حوالي 70% من 1002 شخص من جنوب أفريقيا أنهم يؤمنون بهذه الفكرة الخاطئة، والتي غاليا ما يستخدمونها للضغط على الاطباء لوصف المضاد الحيوي لهم، وعموما ذكر هذا البحث ان الافراط في استخدام المضاد الحيوي كان في المناطق ذات الدخل المنخفض حيث حوالي 42% من الناس يقولون أنهم يستخدمون المضادات الحيوية في الشهر السابق فيما انخفضت النسبة الى 29% في البلدان ذات الدخل المرتفع.

ويتمثل الخطأ الرابع في توقف العديد من الناس عن تناول الدواء في حالة الشعور بالتحسن ولكن هذا خاطئ فمن المهم تناول كل الجرعة الدوائية المنصوص عليها، فاذا توقف الانسان عن تناوله في وقت مبكر فانه يفوت الكمية المطلوبة لقتل كل البكتيريا وبالتالي تستطيع البكتيريا التكاثر مرة أخرى، ومن السهل ان تصبح البكتيريا في هذه الحالة أكثر مقاومة للمضاد الحيوي.

ويعتقد الكثير من الناس انهم يستطيعون تناول دواء بقى من وراء أحد أفراد العائلة، وينصح الخبراء بعدم تناول المضادات الحيوية التي بقيت من علاجات سابقة، فالمضادات الحيوية التي يفوت معادها يمكن أن تسبب في اضعاف العنصر النشط المضاد الحيوي السابق، وقد لا تكون بالأساس مناسبة لنوع المرض، وهناك العديد من الاسباب الأخرى التي تؤدي الى عدم ملائمة الدواء للعدوى وبالتالي تصبح البكتيريا أكثر مقاومة.

ويمكن تلخيص السبب السادس في أن مقاومة المضاد الحيوية لا تحدث بسبب تكرار الجرعات كما يظن الناس، فهي يمكن أن تحدث سواء أخذ الانسان دورة واحدة من الدواء أو كررها لعدة مرات، بالرغم من أن العديد من الدراسات وجدت أن تكرار الدواء يمكن أن يؤدي الى المقاومة ولكن هذا لا يعني أنها لا تحدث من دورة دوائية واحدة، ويمكن لدورة دوائية واحدة أن تسبب اثار جانبية غير مرغوب فيها تهدد الحياة وتسبب تغيرات كارثية للبكتيريا الطبيعة التي تعيس في الأمعاء مسببة الاسهال الحاد, ويعتقد الكثير من الناس مخطئين أن مقاومة المضادات الحيوية هو خطأ طبي ولكن من الانصاف القول أن مهنة الطب يجب عليها السعي لبذل مزيد من الجهد لتوعية الجمهور حول مشكلة مقاومة المضادات الحيوية وبالتالي الاستخدام الملائم لها، وهي مهمة صعبة فالضغط على الأطباء يؤدي الى وصف الكثير من هذه الأدوية ولكن هناك الحاجة لعدم وصفها إلا اذا دعت الحاجة لذلك.

ويقوض غياب اليقين لدى الاطباء أو غياب المعرفة القدرة على التشخيص، وخلاصة القول أن الجميع مسؤول في هذا الاطار، ويجب على الجميع ان يعرف أن المضادات الحيوية صالح عام عالمي، الشخص فيها يؤثر على الاخرين ، وحان الوقع كي يصبح الجميع أوصياء على هذا الصالح من خلال تفادي الاستخدام الغير ملائم.